امجد رواية كاملة

موقع أيام نيوز


باباها هو كل حياتها انت كبرت وفي حكم المتجوزة يعني شوية وهتعملى عيلة يبقى لو ممكن شوية مراعية لجوزك ولو ربع باباكى  
قالت باستغراب ودهشة 
صغيرة ايه ومتجوزة ايه كل دا علشان زعلت ان بابا سافر اه.. حقي!! بابا دا مش مجرد أب عادي بالنسبة لي.. لأ! بابا دا انا فتحت عيني لاقيته هو كل دنيتي بابايا وصاحبي واخويا وعيلتي كلها يبقى مش اول ما اتخطب يبقى خلاااص !.. لأ !! بابا هيفضل طول عمره بابا وماحدش هيقدر يفرقنا ابدا ...

ثم أولته ظهرها فيما جسدها يهتز من شدة الانفعال في حين تكلم هو 
انا مقولتش انك هتفارقي باباكي لكن بردو المفروض يبئالك اهتمامات تانية واعتقد ان جوزك المفروض يبقى اول اهتماماتك صح ولا غلط  
لم تجبه فهز برأسه وأكمل 
عموما خلاص انا بس حسيت انى زودتها شوية ومارضيتش تنامى وانت زعلانه انا معرفش انهارده في ايه دى تانى مر...
ثم سكت فجأة وما لبث ان تغيرت نبرته وهو يقول بلهجة اخافتها وجعلتها تستدير اليه  
صحيح موضوع ايه اللي كان بيقول عليه اللي اسمه ممدوح دا 
أجابته وهى تبتلع ريقها بصعوبة بينما يجول في خاطرها أنه ما ان يبدأ الحال أن يهدأ بينهما حتى يبرع أمجد في خلق المشكلات مجددا وكأنه يعشق النكد فعلا! بل أنها تكاد تجزم أنه هو من قيل فيه المزحة التي تحكي عن سيدة كانت تهوى النكد فاتفقت مع زوجها على تخصيص يوم معين في الاسبوع للنكد وحدث أن حضر ذات يوم ففوجيء بها ترقص طربا وعندما تساءل عن السبب أخبرته بفرح زائد 
بكرة النكد بكرة بكرة بكرة..
لم تكن تعني ان امجد هو هذا الزوج بل .... تلك الزوجة!! فهو النسخة الذكورية لتلك المرأة النكدة وليعينها الله عليه!!
أجابت بهدوء 
ابدا.. عزفي عجبه وقالى انى ممكن ابتدى العزف في قصور الثقافة وكدا وانه فيه موسيقى تصويرية لبرنامج هيقدمه لقناة من القنوات عاوزنى اعزف تتر المقدمة ..
نظر اليها بدهشة وصړخ قائلا  
نعم قصور ثقافة ايه وبرامج وتليفزيون ايه الراجل دا اټجنن وانت تبقي اجن منه لو وافقت على كلامه !! انا مراتي انا تشتغل في فرقة ومعرفش ايه 
احتدت عليه قائلة 
انت ليه بتتكلم كأنها حاجه مش كويسة وبعدين ايه حكاية مراتك مراتك دي اللي انت ماسكهالي اولا انا لسه مابئيتش مراتك كتب الكتاب مش معناه انى خلاص بئيت مراتك!! وثانيا بأه.. طول ما انا في بيت بابا رأيه هو اللي يمشي عليا ما انكرش انى لازم آخد رأيك لكن مش تفرضه عليا لأ أسمعه آه بعد كدا اقتنعت.. انفذه ما اقتنعتش يبقى تحترم رأيي واختياري بابا ربانى على كدا .... 
زفر امجد في ضيق وقال وهو يقترب منها حتى انها احست بهسيس انفاسه الساخنة وهو يتحدث من بين اسنانه 
ايه كتب الكتاب مش جواز لا يا هانم انت دلوقتى شرعا مراتى ! يعنى لو عاوز نتجوز دلوقتى محدش له عندى حاجه ولا باباكى كمان .. 
أجابت بتحد واضح قائلة 
كتب الكتاب شرعا مراتك بس لازم اشهار!! الفرح عندنا هو الاشهار.. لانه في ناس كتيير متعرفش انى مراتك علشان كدا عندنا هنا كتب الكتاب بردو خطوبة بس بشكل شرعي علشان نقدر نتعرف على بعض كويس ودا بأه يجيبنا لثانيا .. واضح كدا ان اللى عرفته عنك لغاية دلوقتى ما يبشرش بالخير!!.. ما انكرش انك فيك صفات كتييير كويسة بس اسوأ حاجه فيك...طريقة أؤمر تطاع دي غير عصبيتك وتسرعك.. ودا غريب بالنسبة لرجل اعمال ناجح دا الشركة مسمياك رجل الثلج اقدر اعرف التلج راح فين ...
أجابها وهو يطالعها بنظرات أشاعت الفوضى في جميع حواسها 
سااااح على ايديكي يا هبة !! .. 
قالت بدهشة أفندم  
تابع وهو يقترب اكثر وهى تبتعد عنه پخوف بخطوات متعثرة الى الخلف 
بقولك سااح انت سيحتيه !! المفروض تكونى فرحانه بنفسك.. انتي قدرت تسيحي التلج مستغربة ليه !! بس عموما كويس.. انت خليتيني آخد بالي من حاجه مهمة اووي .. اننا المفروض ما نأجلش الجواز اكتر من كدا انا مش بأكون نفسي ولا انا بدور على شقة !! انا مستعد اتجوزك من بكرة وأعملك فرح في اكبر فندق في البلد ايه رايك  
تطلعت اليه بدهشة قائلة  
رأيي رأيي في ايه ماحدش بيتجوز خبط لزق كدا احنا لسه كل شوية بنتخانئ ما ينفعشي نتجوز واحنا بالشكل دا مع بعض هننتهى قبل ما نبتدي!! .. ثم تحدثت الى نفسها وهي تطالعه بريبة
ساح ايه بس دا ساح وناح كمان! الراجل زي ما يكون عاوز يعوض 36 سنة مرة واحدة! دي ايه الحوسة دي ياربي مش كنت فكرت كويس قبل ما أحلم لازم الحلم دا يا ربي اتفضلي يا ست هبة أهو اتحقق وريني بقه هتصحي منه ازاي لطفك يارب!!.. 
انتبهت من شرودها على صوته و هو يعلق بسخرية خفيفة  
لا بيتهيألك بس ! اول ما يتقفل علينا باب واحد خلاص كل الخلافات دى هتزول علشان كدا اول حاجه هعملها مع والدك اول ما يرجع بالسلامة ان شاء الله هو انى احدد معاه معاد االفرح .. تصبحي على خير ... 
وخرج واغلق الباب وراءه فيما ارتمت هى على المقعد خلفها وهى تحدق مندهشة في الباب خلفه .....
على مائدة الافطار كان الكل مجتمع باستثناء أمجد عندما انضمت اليهم هبة فوجئت بوالدها فركضت اليه وارتمت في أحضانه وهى تهتف
بابا ! حمدلله على السلامة يا حبيبي انت جيت امتى  
ابعدت وجهها عنه قليلا وقالت بعتاب شقي 
انا مش قولتلك عاوزة افتح عينيا الصبح على احلى ضحكة ربنا ما يحرمنى منها ابدا ...
ضحك وقال 
يا بكاشة ضحكتى انا بردو اومال أمجد يبقى ايه  
أجابت بتلعثم وقد تلون وجهها بلون الفراولة الطازجة لشدة خجلها
ها ...لا .. أمجد شكل وانت شكل تانى خاالص ... 
طيب والله كويس انى عرفت انك واخده بالك من ضحكتى وانها شكل تانى خاالص!!
التفتت اليه هبة مندهشة وهى تهتف 
بسم الله الرحمن االرحيم بيطلعوا امتى دوول !! 
زجرها والدها قائلا 
هبة مش كدا ..
فقالت بخفة 
آسفة يابابا ما أقصدش حاجة ولو ان أمجد عارفنى بهزر صح يا أمجد  
هز امجد رأسه موافقا بسخرية وقال 
صح.. يا هبة ......
بعد الافطار طلب امجد من والد هبة الحديث على انفراد مما اقلق هبة ولكن علا سألتها عن بروفة علاء وكيف سارت الأمور هناك وما الذي حدث بينها وأمجد وانضم اليهم علاء لم تروي لهم هبة ما حدث بينهما بالطبع بل تعمدت الابتعاد عن ذكر ما حدث بينها وأمجد وركزت على فريق علاء والبروفة بينما انشغلت مدام سعاد بشغل تابلوه وقد جلس الجد مسترخيا في كرسيه يقرأ الجريده اليومية ...
اندمجت هبة في الحديث معهم وفجأه استرعى انتباهها وجه ابيها المشرق وهو يميل اليها ليرفعها حاضنا اياها وهو يهتف  
مبروووك حبيبة بابا طيب مش كنت تقوليلي هيا دى حاجه تكسف بردو..
أجاب على السؤال الصامت الذي يلوح في عينيها قائلا بسعادة تطغى على وجهه
أمجد قالى انه طلب منك من زمان تحديد معاد الفرح وانت مكسوفة مش عارفة تصارحيني ازاى دى مافيهاش كسوف حبيبتي الف الف مبرووك ولو ان أمجد مستعجل كان عاوزه اخر الاسبوع الجاي بالعافية خاليته بعد اسبوعين نكون عزمنا حبايبنا احنا كمان!! ...
ابتعدت هبة عن ذراعي والدها ونظرت اليه باستغراب وهى تهتف بعدم تصديق
نعم اسبوعين انا فرحي بعد اسبوعين  
أجاب يوسف وهو يضحك 
ايوة يا حبيبتي .. ايه مكسوفه دا يوم المنى يوم ما أسلمك لعريسك بايدي ...
ما ان همت بالكلام حتى وجدت امجد يقف بجانبها وهو ينظر اليها نظرات تحذيرية قائلا لابيها 
معلهش يا عمي بنت بأه ولازم تتكسف .. 
نظرت اليه هبة بدهشة وحنق ولكنه انتهز فرصة انشغال والدها بالحديث الى جده ومال عليها هامسا 
اقتلى فرحته بأه شوفتى الفرحة بتتنطط في عينيه ازاى تقدري تموتى فرحته  
لم تستطع الاجابة عليه وازداد وجهها شحوبا .....
مرت الايام سريعا فبعد ان تحدد موعد الزفاف أصر أمجد على ان يسافر هبة ووالدها الى المدينه حيث يقومان بجمع اشيائهما اللازمة لانهما سيستقران معهم في المزرعه رفض والدها باديء الأمر ولكن امجد اصر فهو يعلم مدى تعلق هبة بأبوها ولكن ابوها رفض ان يعيش بينهم بدون أن يشارك بأي عمل فعرض عليه أمجد ان يتولى منصب مدير لشركة جده فهو مشغول بشركته في العاصمة ويريد من يصبح عينه الحارسة في شركة جده وحيث انه يعمل على اتخاذ بعض الاجراءات والتى تضمن له التواجد بصورة اكبر في المزرعه فهو يفكر في اختيار مدير كفؤ لشركته فهو يريد يوسف بجانبه ليسكون ساعده الايمن بها بينما قدمت هبة طلب اجازة مفتوحة ورفضت تقديم استقالتها فهي تحب عملها وستنتظر حتى تستقر امورها ثم ستعود الى عملها ثانية!! 
سافرت هبة ووالدها حيث انشغلا بتجميع حاجياتهم ودفع ايجار مقدم لصاحب الشقة وترك خبر مع جارتهم .....
اثناء عودتها ووالدها مع السائق الذي اصر أمجد على ان يلازمهم كي يسهل حركة تنقلاتهم شعرت هبة انها تفتقده وبشدة لا تنكر انه قد داوم على الاتصال بها يوميا ليطمئن عليها وعلى والدها وكيفية سير امورها وهل تحتاج الى اى شئ وتذكرت دهشتها بينما انشغلت في شراء لوازمها وجهازها مما تحتاجه العروس اذ بوالدته وأخته يحضران فجأه ويخبرانها انهما سيتسوقان معها كى لا يتركاها وحدها وأسرت علا لها ان هذه اوامر أمجد لانه على يقين انها ستشعر بافتقادها والدتها اثناء تحضيرها لوازم جهاز عرسها.. 
مكثت والدته واخته في فندق قريب منهما حيث انهيا لوازم العروس باقل من يومين في دوامة شراء محمومة وقد اعطى أمجد بطاقة شراء بنكية مفتوحة لامه لكى تشتري ل هبة ما تريده حتى لو رفضت فهو يريد جهازا لم تشتره عروس قبلا ابتسمت بحب وهي تتذكر ما شعرت به وقتها فهو وان لم يفصح عن مشاعره الحقيقية بعد ولكن كل تصرفاته معها تدل على اهتمامه الشديد بها قد يكون بل هو مؤكدة أنه من الاشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عن مكنونات قلوبهم بالكلام ولكن لا بأس يكفيها أنه يفكر بكل ما يخصها صغيرا كان أو كبيرا وهي ستعلمه كيف يطلق لسانه من عقاله ليعبر عما يجيش في صدره من أحاسيس لمستها هي
بالفعل في أكثر من موضع وبصدق تام.....
استفاقت من شرودها وهى مبتسمه وتحس بسيل من الفرح الذي يتدفق الى قلبها فيجعل دقاته كقرع الطبول فغدا زفافها على حلم حياتها والذي اوشك ان يصبح علم .....
ترجلت مسرعة من السيارة ولم تنتظر ان يفتح لها السائق الباب بينما خرج والدها وهو يقول ضاحكا وهى تركض لتصل الى الباب سريعا وتقرع الجرس  
بالراحه يا بنتي تقعى بعدين خدى بالك ...
ضحكت هبة وواصلت ركضها وهى تقول 
ما تخافش على بنتك يا ابو حجاج حتى لو وقعت هقع واقفة ...
ضغطت جرس الباب بفرحة ففتحت سميرة والتى ابتسمت ما ان رأتها وهتفت بحبور
اهلا اهلا ست هبة اتفضلي ..
دخلت هبة سريعا وهى ترد تحيتها سائلة اياها عن الجميع فاخبرتها انهم في غرفة الجلوس بانتظارها هي ووالدها وأن امجد بغرفة المكتب لم تستطع هبة التوجه اليهم اولا بينما حلمها يقبع على بعد خطوتين منها وهى تريد مفاجئته فهي تشعر انه قد اشتاق اليها في المدة التى سافرت فيها تماما كما افتقدته كلام اخته عنه يؤكد احساسها وطريقته في الحديث معها وكيف قال لها آخر مرة بشوق غريب  
هبة المزرعه وحشة اووى من غيرك اوعديني انك مش هتتأخري عليا ...
فوعدته هى تعلم انها لا بد لها من القاء السلام على العائلة قبلا ولكنها لا تستطيع الانتظار فما كان منها الا ان توجهت فورا الى حجرة المكتب حيث كان الباب مواربا قليلا ففتحته باندفاع وهى تقول مبتسمة راسمة في خيالها جميع انواع الاستقبال الا....!!
انا جييييييت!!
ما لبثت ان ماټت البسمة على شفاهها عندما شاهدت امجد وهو .....يحضن سارة ...سمع امجد شهقتها فأبعد سارة سريعا عنه وهو يتقدم الى هبة مادا اليها يده وهو يقول برجاء 
لالالا يا هبة ما تتسرعيش انا هشرحلك 
امسك بيدها التى ابعدتها عنه وهى تدفع يده بعيدا وتضربها قائلة وهى تبكى 
ايه تشرح لى تشرح ايه بالظبط  
أجاب بنرة أقرب للتوسل وهو يحاول تهدئتها من جديد 
أقسم بالله ما في حاجه من اللى في خيالك دي حصلت ..
ثم نظر الى سارة وصړخ 
ما تقوليلها يا سارة !! 
ابتسمت سارة بخبث سرعان ما أخفته وقالت بحزن كاذب 
اقول ايه بس يا أمجد  
هتفت هبة بقرف وااضح وهى تخلع خاتم خطبتها من يدها وتقذفه بها  
لا ما تتعبيش نفسك مافيش اي شرح ابدا يخليني اكدب عينيا وخد دبلتك دي ماتلزمنيش اديهالها هي.. 
ثم انطلقت راكضة بينما ركض هو في إثرها ولم يلق بالا لجده او ابوها وباقي عائلته التى حضرت سريعا على صوت الشجار فكل ما كان يشغله هو خوفه وقلقه الشديد على هبة ....
وصلت هبة الى باب المدخل حيث فتحته بشده وكاد ان يقترب منها ويمسكها.. كاد... ولكنه ابصر ما لم تبصره وهى تركض فصړخ بها ولكن بعد فوات الاوان فقد تعثرت في سلم باب المدخل حيث وقعت و ضړبت رأسها وبقوة في رخام السلم ركض اليها أمجد سريعا ونزل على ركبتيه بجانبها وهو يمسكها بحرص فيما عيناها مغمضتان وهتف بهلع وحزن 
هبة حبيبتي افتحى عينيكي ..افتحى عينيكي علشان خاطرى .. ارجوكى يا هبة ..
لم يصدر عنا أية استجابة فتابع صارخا بصوت يقطع نياط القلوب بينما انهمرت دموعه في غفلة عنه وهو ېصرخ
هبة حبيبتي هبة لا ما تسيبينيش بعد ما لاقيتك ... 
ثم صړخ في الجميع والذين حضروا وشاهدوا ما حدث هبة  
اسعااااااااااف .. حد يجيب اسعااف بسرعه ...تقدم علاء مسرعا وهو يقول 
امجد الحق دي پتنزف !!.....
رفع يده التى كانت ممسكة براسها ليشاهد ډمها وهو يغمر يده وابصر بقعة كبيرة من الډماء مكان سقطتها في حين سمع صوت بكاء والدها وهو يقبض على كتفه ويقول  
هبة بنتى ... عملت فيها ايه ! هبة ماټت.. ماټت... ماټت!!...
نظر اليه في ذهول وفجأه اذ به يتذكر ضحكتها وشقاوتها عصبيتها وحنانها تذكر وجهها المبتسم الضاحك ثم.. فجأة.. صړخ صړخة الم شديد واحتضنها بشده وهو يقول  
هباااااااااااااااااة .... لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا....

الحلقة الحادية عشر 
وقف أمجد مستندا الى الحائط يحدق في الفراغ بينما جلس افراد عائلته وكل واحد منهم يدعو و يبتهل الى الله ان يكتب ل هبة الشفاء فهم لا يستطيعون تخيل اختفاء ابتسامتها من حياتهم جلس والدها يتلو آيات الله من مصحف صغير ولسانه لا يكف عن قراءة القرآن وقلبه لا يكف عن الدعاء لصغيرته فهي دنياه وأمله كان يقرأ وهو لايشعر بالعبرات التى أخذت تتدفق من عينيه وهو يتذكرها في كل مراحل عمرها بدءا منذ كانت رضيعه نهاية بعروس تتحضر لحفل زفافها والذى كان من المفترض ان يقام بعد سويعات مرورا بذكرى اول مرة تنطق بابا وماما واول يوم لها في المدرسة وكيف انها صارت السبب الرئيسي الذي منعه من الاڼهيار بعد ۏفاة شريكة الروح والعمر هى بشقاوتها وطفولتها وبساطتها في الكلام يدعو الله بقلب مخلص الا يذيقه مرارة فراقها ....
تقدم علاء من أمجد ووضع يده على كتفه قائلا 
ان شاء الله خير يا أمجد انا حاسس انها هتقوم بالسلامة صدقنى انا يمكن معرفتهاش غير مده بسيطة بس كأنى اعرفها من زمان هبة انسانه طيبة اووى وربنا هيقف جنبها ان شاء الله ويرجعهالنا بالسلامة..
نظر أمجد الى اخيه بعيون ذابلة ولا يزال بملابسه التى احتضن بها وقال بخفوت والم شديدين 
بئالهم 44 ساعات في العمليات يا علاء انا هتجنن !! انا مش متصور انى قاعد هنا زى المشلۏل ومش عارف الباب دا ايه اللي وراه  
ثم نظر الى الارض وهو يكمل قائلا ببسمة مريرة 
آخر مرة سمعت صوتها امبارح بالليل قولتلها وحشتيني خالي بالك من نفسك ! يمكن كنت حاسس وهى ردت عليا بتضحك وتقول... قال يعني لو جرالى حاجه هتزعل عليا ! زعئتلها وقولتلها ما تقوليش كدا ردت عليا بشقاوتها... يا عم الحاج هتعملهم عليا كبيرك اسبوع ويبقى كتر الف خيرك وتنسى !! الرجاله مش زينا احنا الستات ممكن نقعد عمرنا كله على ذكرى واحد بس لكن انتو لكم الف حجة وحقكم ما قلناش حاجه.. بس علشان تعرفو مين اللي بيزعل بجد على مين  
ثم نظر اليه وهو يكبت دموعه وتابع 
انا بأه عاوزها تصحى علشان اقولها انها غلطانه وان الرجاله بتعرف تحزن وتعيش على ذكرى واحده هى كمان بس ... بس .. ترجع يا علاء ترجع... عاوزها ترجع ...
ثم انخرط في بكاء مرير جعل علاء يتلقفه بين ذراعيه و كأن دموعه قد هدمت سدا وفاضت على لحيته الخفيفة ووجهه ...قال علاء وهو يغالب دموعه هو الآخر حزنا على هبة وعلى حال اخيه الأكبر فهو لا يذكر متى كانت آخر مرة شاهد فيها أمجد يبكي حتى عند ۏفاة والدهما لم يبك أو ينهار بهذا الشكل بل صمد وتماسك وكبر قبل أوانه ... 
هترجع يا أمجد ان شاء الله... هترجع ....
فتح باب غرفة العمليات فاندفع الجميع الى الطبيب الذي خرج تبدو على ملامحه الجدية البالغة وكل واحد منهم يسأله نفس السؤال كيف هي فأشار بيده ليطمأنهم قائلا 
الحمد لله العملية نجحت المشكلة ان الڼزيف كان في جزء حساس من المخ والحمد لله قدرنا نسيطر عليه بس ....
قاطعه أمجد قائلا وهو مقطب جبينه  
بس بس ايه يا دكتور  
اجاب الطبيب 
احنا مش هنقدر نحكم على النتيجه قبل مرور 24 ساعه على الاقل علشان كدا هى هتفضل في غرفة العناية المركزة لغاية ما تفوق و نشوف النتيجه .. 
تساءل أباها بلهفة وقلق 
طيب نقدر نشوفها يا دكتور 
ترقب أمجد اجابة الطبيب بقلق وسمعه وهو يقول 
لا... للأسف مش قبل مرور 24 ساعه لغاية مانشوف الحالة اخبارها ايه علشان كدا هى هتفضل في العناية المركزة لغاية ما تفوق و نتيجه العملية تبان عن اذنكم .. 
ثم انصرف ... جلس كل منهم وهو يدعي ان تمر ال 244 ساعه القادمة على خير ... اقترب الجد من والد هبة وقال  
أ. يوسف افتكر قعدتنا هنا دلوقتى مالهاش لازمة اكتر شئ هينفعها دعانا ليها تعالى نروح... انت بتاخد دوا للضغط ودا مش كويس علشانك وبكرة من بدري هنكون هنا ان شاء الله..
هز والدها برأسه رافضا للكلام قبل حتى ان ينتهى منه الجد وقال بجدية وحزن 
معلهش يا علي بيه انا مش همشي من هنا قبل ما بنتي تفوق واطمن عليها وهاخدها وامشي من هنا اللي جرالها كتيير أووى انا عاوزها تفووق بس.. وصدقني انسوا انكم شوفتونا في يوم لان اللى جرا لبنتى عمرى ما اقدر انساه او اسامح فيه .. 
أجاب الجد وهو يربت على كتفه ويهز رأسه متعاطفا 
معلهش انا مقدر حزنك على هبة وما تفتكرش انى بجاملك.. لكن هبة معزتها عندى لو اقولك اكتر من علا حفيدتي مش هتصدقنى ! هبة دخلت قلوبنا كلنا وحبيناها ومش ممكن ننساها انا عارف انه حقك طبعا انك تفكر كدا لكن انت دلوقتى زعلان وڠضبان من اللي حصل ونصيحه من اخ اكبر.. عمرك ما تاخد قرارات ناتجه عن عصبية او انفعال وفى الآخر اللي يرضيك احنا موافقين عليه ...
نطق جملته الاخيرة وهو ينظر بصرامه الى أمجد الذى كان يستمع الى الحوار الدائر بينهما ولم يرض بالتدخل في الحديث ولكن لدى عبارة جده الاخيرة الټفت وسار حتى وقف امامهما وقال بكل هدوء وجدية 
الف حمدلله على سلامة هبة يا عمي .. انا متأكد انها ان شاء الله هتقوم بالسلامة ...
نظر والدها اليه شرزا ولم يجبه ... وما ان بدء أمجد بالسير مبتعدا حتى عاد ونظر الى والدها وهمس ببطء شديد 
انا مقدر حالة حضرتك كويس اووي ومراعي الظروف لكن صدقنى.. هبة اول ما تقوم بالسلامة مش هتتنقل خطوة بعيد عني .. عن اذنك ....
كاد أمجد أن يجن من شدة لهفته لرؤية هبة ولكن كيف وهى في العناية المركزة وممنوع عنها الزيارة .. تقدمت والدته اليه وربتت على كتفه وقالت 
أمجد حبيبي .. وقفتك كدا مالهاش لازمة .. تعالى حبيبي روح على الاقل استحمى وغير هدومك انت بيها من امبارح...
نظر الى قميصه الملطخ بدماء.. هبته... هبة خاصته... ثم سكت قليلا قبل ان يجيب 
مقدرش يا امى ... مقدرش امشي واسيبها .. افرضي فاقت وانا مش موجود .. لالا انا هفضل موجود ...
فقالت والدته 
طيب على الاقل غير هدومك .. 
ولكنه اصر على الرفض فهزت برأسها يأسا من عناده الشديد ثم طلبت من علاء ان يوصلها هى والجد و علا الى المنزل وذهبت لتحاول ثانية مع والد هبة حيث أقنعته بعد جهد طويل انه من الافضل له ان يذهب معهم كى يأخذ قسطا من الراحه كي يكون بحاله جيده لدى استيقاظ هبة ....
مكث أمجد على كرسي في غرفة الانتظار وبعد فترة دخل عليه اخاه وهو يقول 
خد يا أمجد غير هدومك...
نظر اليه أمجد مستفهما وهو يرى علاء يمد اليه حقيبة بلاستيكية في حين تابع علاء 
آه انت عارف والدتك صممت أجيبلك هدوم نضيفة معايا واتفضل شوف بأه هتعرف تقعد هنا ازاي بس انت مش هتغلب دي اكبر مستشفى استثمارى وانت من المساهمين الرئيسيين فيها تعتبر المالك يعني من الآخر فلو قولتلهم يفضولك دور بحاله هيعملوها ....
تناول أمجد الحقيبة وكان قد حجز جناح له حيث اغتسل وبدل ملابسه ثم خرج لاخيه الذي ناوله علبة عصير وشطيرة ولكنه رفض تناول أي شيء فكل ما يشغله الآن كيف يرى هبة الى ان اهتدى لطريقة معينة!!....
اقنع أمجد علاء بالانصراف قائلا له انه سيخلد الى النوم وانه لو علم شيئا عن هبة سيخبرهم ثم ذهب الى غرفة العناية وحاول ان ينظر عبر زجاج الغرفة فلم يرى سوى جسدا ملقى على سرير واجهزة كثيرة موصولة به ....نظر حوله قليلا ثم رأى الممرضة المسؤولة عن العناية المركزة فذهب اليها ليقنعها ان تدعه يدخل اليها فرفضت وبشده ولكن بعد الحاح شديد منه اشفقت عليه وعلى حالته وهيئته المزرية فهو كما قال لها زوجها وكان اليوم هو الزفاف فوافقت شريطة الا يمكث اكثر من خمس دقائق كي لا يتسبب لها في مشاكل مع الطبيب المعالج انفرجت اسارير أمجد ووافق وضع أمجد كمامة على انفه لضمان عدم حدوث تلوث في الهواء للمريضة فتحت الممرضة له الغرفة وقالت بترجى 
أ . أمجد خمس دقايق مش اكتر الله يخليكي انا لولا ان حالتك صعبت عليا اووى ما كنتش وافقت ما تجبليش جزا ربنا يخليك .. 
قال بلهفة وهو يلج الى الغرفة 
ما تخافيش يا سيستر زى ما اتفقنا
فتركته وذهبت وقد اغلقت الباب خلفه ... 
اقترب أمجد بخفه من السرير الابيض وراعه ما شاهده فقد كانت هبة نائمة وجهها شاحب وبشده يحاكى بياضه بياض الوساده التى ترقد عليها وشعرها الفتان يحيط بوجهها الصغير واجهزة كثيرة لا حصر لها ولا عدد موصولة بجسدها الصغير تناول أمجد كرسيا ووضعه بجانب سريرها وجلس عليه ثم مد يده وأمسك بيدها الموصوله بالمحاليل وبجهاز تتبع نبضات القلب في سبابتها مال على يدها فقبلها وهو يستنشق راحتها وقال بصعوبة وهو يغالب دموعه 
هبة ما تسيبينيش انا مقدرش اعيش من غيرك انت احلى حاجه حصلت لى ابتسامتك بتنور دنيتي كلها انا مش متخيل انى اقدر اعيش من غيرها...
ثم ضحك ضحكة صغيرة كلها حزن وتابع 
انت عارفة .. انا اتعودت على عصبيتك وزعلك معايا!! حتى عصبيتك وزعلك وحشونى .. 
رفع نظره اليها وأكمل بحزن 
انا كنت محضرلك مفاجأه لشهر العسل .. كنا هنروح جزيرة في البحر الكاريبي جزيرة كلها نخل ومايه زى اللي بتشوفيها في الافلام الاجنبية الرومانسية ... فاكرة لما قولتيلي يا ترى الجزر دى موجوده فعلا ولا كلام افلام وكنت بتضحكى وانت بتقولى الناس اللي بيروحو هناك مايتهيأليش زينا !! انا بأه كنت عاوز اثبت لك انهم هما اللى مش زيك ولا في زيك ابدا ... علشان خاطرى اصحى وانا اوعدك مش هزعلك تانى ابداااااا ارجووكى يا هبة ارجوووكى
دخلت عليه الممرضة تستعجله ليذهب فقد اقترب موعد مرور الطبيب على حالات العناية المركزة .. وقف أمجد ونظر الى هبة وتركها وذهب وهو يلتفت كل خطوة لينظر اليها الى ان غادر العناية المركزة ....
في اليوم التالى وبعد مرور ال 244 ساعه على اجراء العملية الكل كان مجتمع في
 

تم نسخ الرابط