كلماتها تبخرت واختفت وهي تحدق مشدوهة لم تكمل جملتها دخل رجلا المحل طويل القامة ومستقيم الهيئة تميز بوسامة لا توصف محملا بنبل غير مصطنع ظلت هالة للحظات مذهولة قبل أن تستجمع قواها وتتمتم بتردد هل تبحث عن أحد سيدي كان السؤال معقولا فهي تدير محلا نسائيا ولم يكن منطقيا أن يكون هذا الرجل ذو البدلة الفاخرة هنا ليستعرض فساتين السيدات واقفا بطول يناهز
الستة أقدام واثنين كان حضوره يفرض نفسه بقوة هالة سمير تساءل أصلان بنظرات تتأملها بعمق يتفحص وجهها بحثا عن ملامح تلك المرأة منذ خمس سنوات أجل أنا هالة وأنت لم تستطع هالة إتمام جملتها فقد أسكتها النظرات العميقة والمحترقة من الرجل ردا على سؤالها أخرج الرجل من جيبه ساعة رجالية ورجف صوته وهو يسأل هل كانت هذه الساعة بحوزتك طوال تلك السنوات رأت هالة الساعة وشعرت بغصة عميقة بنبرة متلعثمة ومحملة بالذنب أقرت نعم الساعة كانت لي وهل أنت المرأة التي كانت في النادي قبل خمس سنوات في الغرفة رقم 808 استرسل أصلان مستغرقا في التحديق بها مفكرا بدهشة ترى هل هي الفتاة نفسها من تلك الليلة وهنا قد بدأت تتشكل عاصفة من الأفكار في ذهن هالة الغرفة 808 منذ خمس سنوات هل كان ذلك هو الحدث الذي خططت له أنا وإيمي للقضاء على أميرة تساءلت محاولة فهم السبب وراء استفسار هذا الرجل عن ذلك الماضي بدون تفكير مطول أجابت بكل صدق بالطبع أمسك بيد هالة برفق وضع فيها الساعة قائلا بنبرة حازمة ولكنها تحمل لمسة من الندم احتفظي بهذه الساعة من الآن فصاعدا ولا تفكري في بيعها مجددا سأعوضك عما حدث في تلك الليلة ثم أضاف بصوت أكثر جدية وهو ينظر في عينيها مباشرة أنا أصلان البشير تذكري اسمي هل ستفعلين ذلك رفعت هالة رأسها لتنظر إليه والصدمة تكسو وجهها أصلان البشير هل هو ذاته وريث مجموعة البشير الرائدة أأنت أصلان البشير تلعثمت في السؤال متأثرة لدرجة أنها شعرت أنها قد ټنهار تدخل الرجل الواقف بجانب أصلان في الحديث ممدا بطاقة الاسم نحو هالة وقال بنبرة رسمية الآنسة هالة سمير هذه بطاقة عمل سيدنا الشاب يمكنك التواصل معه إذا احتجت لأي نوع من المساعدة أمسكت هالة بالبطاقة بيد مرتعشة وعندما استقرت عيناها على الاسم المحفور ببريق ذهبي على الورقة الفاخرة شعرت بقلبها يكاد يتسارع خارج صدرها فهل يعقل أن الرجل الذي كان مع أميرة قبل خمس سنوات لم يكن مجرد مرافقا جلبناه لها بل كان هذا الشخص الرائع وريث ثروة عائلة البشير ومع تبلور الحقيقة في ذهنها مدت هالة يدها وأمسكت بذراع أصلان بقوة ثم أجبرت نفسها مصطنعة على ذرف الدموع وهي ټنفجر في نوبة بكاء عليك تحمل المسؤولية أصلان أتعلم مدى الألم والصدمة التي عانيت منها بعد تلك الليلة وبذلك أخفضت رأسها وبدأت تذرف دموع التماسيح وهي تنتحب بشقاء كأنها كانت الضحېة قبل خمس سنوات في تلك اللحظة كانت عينا هالة مثبتتان على هدف واحد الانخراط في تمثيل دور أميرة وتبني مكانة الضحېة من تلك الليلة التي تغير فيها القدر كانت مصممة على جعل أصلان يتحمل المسؤولية وذلك لاستخلاص أكبر قدر ممكن من المنافع من هذا الموقف في نهاية المطاف كانت تأمل في أن تنال الزواج من الرجل وأن تصبح السيدة البشير بصوته العميق والخشن تحدث الرجل بجدية محملا كلماته بالثقة والطمأنينة لا تقلقي أعدك بأني سأتحمل المسؤولية الآنسة هالة سمير لقد قمت باستئجار فيلا لك يمكنك الانتقال في أي وقت وسأتولى رعاية جميع احتياجاتك أضاف مساعد أصلان رعد عثمان بنبرة تعاونية عيون هالة تلألأت فجأة انتابها شعور بالبهجة العارمة كادت أن تفقد وعيها قريبا سأمتلك ثروة وعالما ساحرا! فكرت بحماس هناك بعض الأمور التي يجب أن أعتني بها لذا سأغادر الآن قال أصلان وبعد أن رمق هالة
بنظرة سريعة انصرف بمجرد أن أغلق الباب خلفه أمسكت هالة بالساعة بإحكام كانت مشاعرها تتقلب بشدة بسبب هذا التحول المفاجئ في الأحداث حتى بدا وكأن الدموع ستنهمر من عينيها سأكون ثرية! ثرية جدا! صړخت في داخلها وهي تحتفي بهذه النعمة غير المتوقعة وفي خضم احتفالها كان جزء منها يأمل بشدة ألا تكون أميرة على قيد الحياة لتظهر فجأة من جديد لتقضي على كل أحلامها في السيارة الفاخرة جلس أصلان في المقعد الخلفي عيناه مغمضتان هل هالة هي فعلا المرأة منذ خمس سنوات لماذا تبدو مختلفة الآن هل الزمن غيرها تساءل في صمت كانت أشعة الشمس البرتقالية من غروب الشمس تتسرب عبر نافذة السيارة تظهر ملامح الرجل شديدة الوسامة كانت وسامته مذهلة لدرجة أنه يبدو كتحفة فنية نادرة ملامحه لا تقارن كان الوريث الحقيقي لمجموعة البشير لقد تسلم الزمام قبل خمس سنوات وأطلق الشركة إلى آفاق جديدة بحيث توجت بالمركز الأول بين أبرز الشركات العالمية في تلك الليلة القدرية التي وقعت قبل خمس سنوات مر أصلان بأول وأشد انتكاسة في حياته أحد منافسيه كان قد دس له مادة مخدرة في مشروبه على أمل أن يدفعه ذلك لإفساد سمعته بنفسه نجا أصلان من فخ الموقف بالهرب إلى غرفة خاصة لكن ذروته دخلت امرأة مجهولة الغرفة بشكل مفاجئ وأنقذته من ورطته منذ تلك اللحظة بقيت ذكرى تجاوزه على براءة فتاة تثقل كاهل ضميره بشدة هذا الفعل الذي لا يمكن محوه استمر في إلقاء ظلاله على أفكاره ملوثا مشاعره بشعور الذنب العميق وهو يتذكر الفوضى التي خلفها في الغرفة الخاصة تلك الليلة تبددت شكوكه حول هوية هالة والانطباع الذي كونه عنها يجب أن أقف وجها لوجه مع ما اقترفته وأتحمل مسؤولية أفعالي تجاهها كان هذا قراره الحاسم وفي هذه الأثناء كانت أميرة في شقتها في بلد آخر كما قالت في الهاتف فهمت أعطني ثلاثة أيام على الأكثر للعودة إلى البلاد والاستعداد للمنافسة أمي هل سنعود جاء طفل صغير يتجول بجوارها كان يرتدي قميصا أزرق اللون كاروهات وشورت جينز كانت ملامحه منحوتة بدقة على الرغم من أنها كانت طفولية لم يكن يبلغ من العمر سوى أربع سنوات تقريبا ولكن كان هناك سحرا وأناقة لا يمكن إنكارهما في حركاته نظرت إليه أميرة وابتسمت بحنان ثم أجابت برأسها هل ترغب في العودة معي
الفصل 3 رفض عطاياهم
بالطبع! سأذهب إلى أي مكان تذهبين إليه يا أمي! ابتسم الصغير وعيناه الكبيرتان تشبهان العقيق المتلألئ وتلمعان كما الهلال لم تستطع أميرة أن تمنع نفسها من التأمل في جمال الطفل في كل مرة تنظر في وجهه الصغير تشعر بارتياح وامتنان كما لو أنها مذهولة باستمرار من أنها استطاعت إنجاب طفل وسيم مثله حسنا إذن علينا أن نحزم أمتعتنا الآن سنغادر إلى المطار غدا بعد الظهر حسنا! أعطى الصغير إشارة واحدة قاطعة ثم هرول إلى غرفته ليحزم أمتعته للرحلة أنهت أميرة تنهيدتها لقد كانت تعيش في الخارج منذ أن طردها والدها من المنزل قبل خمس سنوات لم تكن ترغب كثيرا في العودة إلى بلدها حيث لم تجد مكانا لنفسها أبدا فيه حافظت على سرها حتى عن والدها عاجزة عن جمع الشجاعة لتكشف له عن وضع طفلها في الخارج والآن مع عودتها إلى بلدها وهي تتطلع لإعادة بناء مسيرتها المهنية وتنشيط حياتها العملية اتخذت قرارا بمواجهة والدها العجوز لأنه على الرغم من كل
شيء يظل هو والدها بعد ثلاثة أيام وفي مساء أحد الأيام داخل المطار الدولي كانت أميرة تدفع عربة الأمتعة بخطوات واثقة بينما كان ابنها يجلس أعلى حقيبة كبيرة على العربة وهو ينظر حوله بدهشة كل شيء في بلاد أميرة بدا يثير اهتمامه وكانت عيناه اللامعتين قد تألقتا بفضول في هذه اللحظة لم تكن أميرة قد خرجت بعد من قاعة الوصول حينما توجه رجلان يرتديان بدلات رسمية إليها قاما بتحية مهذبة ثم أخبراها الآنسة أميرة تاج تم إرسالنا هنا من قبل السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير التي قامت بترتيب سيارة لك خارج باب المطار إذا سمحتي نظرت أميرة إليهما وأجابت بأدب شديد أنا ممتنة للسيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير على لطفها لكن ليس لدي حاجة للانتقال بالسيارة شكرا لكم أشار الرجل الأكبر سنا باحترام وقال السيدة الكبيرة ترغب فعلا في لقاءك الآنسة أميرة تاج عرفت أميرة أن السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير لا تحمل أي ضغينة ولكنها لم تكن لديها أي نية لقبول لطفها بادرت بالقول بأدب شديد من فضلك أبلغ السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير أن واجب والدتي دائما كان أن تساعد الآخرين وليس هناك حاجة لرد الجميل على الأقل بالنسبة لي بهذا تحركت بعيدا عن الرجلين ودفعت عربتها نحو المخرج أخرج أحد الرجلين هاتفه وأبلغ بأدب السيد أصلان الشاب رفضت الآنسة أميرة تاج عرضنا لاصطحابها في الوقت الحاضر كانت ثلاث سيارات رولز رويس سوداء لامعة بنوافذ معتمة تمنع أي محاولة للتطلع إلى الداخل متوقفة بجوار مدخل المطار كان هناك رجل جالس في المقعد الخلفي لسيارة رولز رويس في منتصف القافلة وكان يحدق في أبواب المطار ورأى امرأة شابة تدفع عربتها من خلالها للتو عندما وضع هاتفه جانبا كانت المرأة ترتدي قميصا أبيض وجينز عادي رافعة شعرها فوق رقبتها تكشف عن وجه جميل ورقيق كانت بشرتها بيضاء اللون وكانت تتحرك بالعربة ببطء بلا شك كان وجودها مذهلا من بين الحشود في تلك اللحظة لفت نظر أصلان شيئا أو بالأحرى شخصا الصبي الذي قفز من عربة المرأة بدا عمره حوالي أربعة أو خمس سنوات وكان يرتدي سترة رمادية مع بنطلون رياضي شعره الكثيف والناعم يتدلى على جبينه قد يكون صغيرا لكن ملامحه كانت محفورة بدقة مما جعله أكثر جاذبية في تلك اللحظة انحنت أميرة وساعدت الصغير على ترتيب ملابسه لم يكن هناك أي شك في النظرة اللطيفة والمتسامحة في عينيها من هو هذا الطفل هل تزوجت أميرة إذا كان الأمر كذلك فلن يكون علي أن أتزوجها فقط لتحقيق رغبات جدتي بهذا في الاعتبار شاهد أصلان وهو يغادر سيارة الأجرة التي ركبتها أميرة وطفلها معها ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى غادرت قافلته أيضا لم يكن قد قطعوا مسافة بعيدة عندما رن هاتفه نظر إلى هوية المتصل ورد عليه مرحبا هالة أصلان متى ستأتي لرؤيتي لقد اشتقت إليك صوت هالة اللطيف يشكو على الخط الآخر لقد كنت مشغولا قليلا في الآونة الأخيرة