رواية بقلم فاطمة مصطفى و ايمان جلال
المحتويات
التفكير في هذه النظرات الآن كي تستطيع الاستمتاع معهم على الأقل.
خرج الثلاثة من المبنى السكني وعمر يمسك بيديه يد كل منهما ليظهروا بشكل أسرة صغيرة متحابة تقدم خالد لسيارته فاتحا إياها لزوجته وطفله وانطلقوا متوجهين إلى مدنية الملاهي بنائا على رغبة صغيره.
وبعد ثلاث ساعات إنهمك فيهم عمر بلهوه في الكثير من الألعاب ورحمة أيضا التي نسيت عمرها ومكانتها عندما رأت الألعاب جلسوا ثلاثتهم في أحد المطاعم ليتناولوا فيه الغداء قبل أن يرن هاتف خالد معلنا عن اتصال من مكتب الهندسة الذي يمتلكه ليبتعد عنهم قليلا مبتعدا أيضا عن عيني رحمة التي كانت تتابعه.
شعرت بدوار مفاجئ بداخل رأسها فور أن تلاقت عينيها بخاصته التي اتضحت بها الدهشة جيدا وقد ازدادت أكثر فور أن عاد خالد إلى الطاولة لتلمح نظرات المكر التي غزت دهشته قبل أن يشير إليها بعينيه إلى مكان الحمام الخاص بالسيدات رامقا إياها بنظرة غامضة جعلتها تتوجس قبل أن تمتثل لمطلبه مستئذنة منهم لتتجه سريعا نحو الحمام لترى ماذا يريد.
عايز إيه
ابتسم لها وائل بسذاجة وهو يشير ناحية خالد بعينيه قائلا
خالد مدكور مرة واحدة! وقعت أشهر مهندس في القاهرة إزاي
ما هو الژبالة بيفكر كل الناس زيه أنا موقعتش حد ده يبقى جوزي يا وائل عارف يعني إيه جوزي
صدر من وائل صوت دالا على سخريته وهو يقول
ويا ترى جوزك عارف حبيب القلب القديم ولا محكتيلوش
انتفض قلبها من محجره وبدأت انظارها بالتشتت قبل أن تقول بثقة زائفة وكلمات خرجت دون شعور منها
لتتابع بكبرياء وهي تنظر إليه باشمئزاز
يا وائل.
تجاهل الأخير سخريتها وهو يقترب منها قائلا
طيب يا ترى عرف حاجة عن ماضيك المشرف
بدأت الارتجافة تسير بداخلها مجددا لتتجاهلها وتقول بحدة
إنت عايز مني إيه تاني يا وائل
أجابها بابتسامة خبيثة
كل خير.
_ في حاجة يا رحمة
أجفل الاثنين على صوت خالد الذي صدح متسائلا بتعجب وهو يمسك بيده عمر بعد أن أصر للذهاب إليها ليرى سبب تأخرها هكذا ليقع قلبها خوفا وهي تنقل أنظارها بينهم قبل أن تبتلع لعابها بتوتر وهي تجيبه بتعلثم
رمقها خالد بشك وهو ينظر إلى وائل الذي أبعد وجهه عنه بتدقيق وكأنه يشعر أن هذا الشخص مألوف ولكن أين رآه
قاطعت رحمة نظراته حين أمسكت بذراعه وهي تقول بهدوء
يلا إحنا علشان منتأخرش.
رغم اندهاشه من فعلتها إلا أنه أومأ لها بهدوء وهو يسير معها تحت أنظار وائل المصډوم وخاصة حين التفتت إليه ترمقه بنظرات نافرة قبل أن يخرج ثلاثتهم من المطعم.
إنت كنت تعرفيه يا رحمة
غزا التوتر ملامحها وهي تجيبه بتعلثم
لا معرفهوش ده كان مجرد واحد بيسأل عن الطريق وبس.
أجفلت على سؤاله السريع
وإيه اللي وداك عنده أصلا
أردفت رحمة بتوتر وقلق من اكتشافه للأمر
كنت راحة الحمام وقابلته وأنا راجعة.
زفر خالد مرة أخرى بضيق وهو يقول بأمر صارم
تمام بس بعد كده متقفيش تتكلمي مع حد متعرفيهوش.
أومأت هي بطاعة وهي تتمتم سريعا
حاضر.
وصلت السيارة أسفل المبنى حين أطفأ خالد محركها فالټفت إلى رحمة التي وجدت صعوبة في فتح الباب ليقترب منها قائلا
استني.
مد ذراعه ناحية باب السيارة ليرتفع جذعه قليلا مقتربا بشدة من رحمة تلك التي غابت عن الواقع عندما تغلغلت رائحة عطره النفاذ إليها لينتهي خالد من عمله وهم بالعودة ليقابل عيني رحمة المتابعة له لتلتقي عسليته مع خضراوتها في لقاء طويل وجد في العقل صعوبة في البقاء.
ليقترب بوجهه منها لا يدري بنفسه سوى بعينيه التي غابت في بريق عينيها الرائع ويبدو أن هي أيضا قد غابت معه كذلك.
اختلطت أنفسهما في لحظة جنون متناسيين واقعهم ليفيق خالد على حركة صغيره القابع أوسطهما ليرجع مكانه مرة أخرى وهو يتنفس بسرعة وعيناه تتابع تلك الهاربة التي احتلت قلبه وكيانه في فترة صغيرة.
بينما أفاقت على نفسها وهي تحمد الله بداخلها على عدم اكتمال هذا اللقاء فبالتأكيد لم تكن لتستطيع رفع عينيها والنظر إليه أبدا لتجفل على صوته حين هتف يدعوها للنزول وهو يترجل من سيارته لتتبعه مغلقة الباب خلفها وهي تحاول إمساك الصغير ليقترب منها حاملا إياه عنها متجها إلى مدخل البناية بينما هي كانت تتبعه في صمت.
_ بعد فترة ليست بقصيرة _
جلست على الفراش تعبث بأظافرها بتوتر بينما عينيها تتابعه وهو يتحرك أمامها بخفة قبل أن تراه يتقدم ليستلقي بجانبها واضعا ذراعه فوق عينيه كي يجحب الضوء يبدو أنه لايريد أن يطلب منها إغلاقه حين لاحظ أنها تنوي السهر.
أطلقت زفرة طويلة وهي تستلقي بجانبه مغلقة الأنوار كي ينعم الإثنين بنوم هادئ.
وصل اليها صوته الخاڤت قائلا
تصبحي على خير.
_ وإنت من أهله.
كان هذا أخر الحديث قبل أن يقع هو في النوم سريعا بعد ذلك اليوم الشاق بالإضافة الى تفكيره المكثف في تذكر ذلك الشخص الذي رأه اليوم والذي لم يستطيع رؤية وجهه بسبب محاولته المٹيرة للشك في إخفائه عنه ويبدو أن كثرة التفكير أوقعته في النوم دون إرادة.
بينما تطلعت هي إلى سقف الغرفة بشرود في ذلك اللقاء المفاجئ الذي حدث اليوم لا تعرف لما ظهر لها مجددا بعدما استقرت حياتها وقررت أن تعيش من جديد مع شخص أفضل وقد تجنبت الحديث معه عن سبب طلاقها حتى لا يفهم الأمر بطريقة خاطئة كالباقية.
ولم يكن يمر يومين على زواجها حتي يظهر لها كابوس حياتها الأكبر لم تتوقع أن تلقاه مجددا ربما يكون اللقاء صدفة ولكن نظراته كانت تخبرها بوضوح أنها ليست المرة الأخيرة للقائهم وهذا أكثر ما يقلقها.
زفرت بحزن يثقل قلبها وهي تغمض عينيها تدعي بخفوت لربها أن يخلصها من هذا الکابوس سريعا فهي لن تتحمل تكرار معاناة الماضي مجددا.
ويبدو أنها وقعت بنفس موقف بالمكوث لديهم ليلقوها خارجا ناعتيها بالعاړ وأنها غير شريفة وحتى حين لجأت لإحدى صديقاتها لم تصدقها وأغلقت بابها في وجهها تاركة إياها في مواجهة الصعاب وحدها لا تعلم ماذا تفعل والكل رفض تصديقها منتظرة أي أحد ينجيها من ذلك العڈاب.
رحمة.
رفعت رحمة رأسها على ذلك الصوت لتقابل وجه صديقتها حسناء تلك الفتاة التي تعرفت عليها في الجامعة لتجثو حسناء أمامها قائلة
بتعملي إيه هنا يا رحمة
أجابتها رحمة پانكسار
مش عارفه أروح فين.
اقتربت منها صديقتها وهي تحاول تهدأتها
اهدي بس يا رحمة تعالي نقعد في حتة قريبة وفهميني.
_ وبعد وقت قليل _
تحدثت حسناء پصدمة
إيه بتقولي إيه
أطلقت رحمة شهقة قاسېة وهي تكمل في بكائها المرير تشعر بانسحاب روحها وهي تحكي قصتها لصديقتها تلك المتوقعة منها عدم التصديق.
لتتفاجئ بها تقترب منها ټحتضنها بأسف وشفقة قائلة
لا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل فيه اهدي اهدي كل حاجة هتتحل.
اتسعت عيني رحمة بذهول وهي تتسائل بعدم تصديق
إنت مصدقاني يا حسناء
ابتسمت لها صديقتها وهي تقول
إنت هبلة يا بت ومش عايزاني أصدقك ليه
ازداد بكاء رحمة وهي تردف پانكسار وحزن
محدش مصدقني محدش مصدقني يا حسناء.
ربتت حسناء فوق ظهرها بخفة محدثة إياها بهدوء
اهدي يا رحمة اهدي مش مهم حد يصدقك ما دام ربنا جنبك خلاص.
هدأت رحمة قليلا وهي تقول
ونعم بالله.
تحدثت حسناء بمرح تحاول إخراجها من حالتها
أيوة كدا يا مؤمنة.. بصي إنت من النهاردة هتقعدي معايا أنا والدي مسافر ومبيجيش غير فين وفين وإنت عارفة والدتي مټوفية.
قاطعتها رحمة قائلة
ربنا يرحمها.
أيدتها حسناء وهي تتنهد بهدوء
يا رب بس يا ستي تعالي اقعدي معايا وأهو تسليني بدل وحدتي ومتقلقيش أنا مش ساكنة هنا أنا ساكنة في القاهرة أنا كنت هنا بس علشان بزور واحدة من قرايبنا ها موافقة
أومأت لها رحمة بابتسامة باهتة فهي ليس أمامها سواها لتلجأ إليها.
وبعد مرور عام استطاعت فيهم رحمة تجاوز أزمتها بمساعدة حسناء واستطاعت إيجاد عمل لها بإحدى المدارس الدولية وبدأت رحمة بعد عام من تلك الليلة المشؤومة التعامل بشكل جيد بعدما كانت تتجنب جميع العاملين معها خوفا من أن يكون أحدهم كمثل من تربت بينهم وخذلوها.
وبعد مرور هذا العام أرسل والد حسناء مرسال يخبرها بحاجته إليها لتضطر للذهاب مودعة صديقتها بقلب منفطر لفراقها لتبدأ حياة جديدة لرحمة قد ظنت أنها من
الفصل_الرابع
_ الأحلام الوردية ليست سيئة ولكن الأسوأ هو أن تتحول إلى كابوس قد أوقعت ذاتك به دون أن تدري.
فتح خالد عينيه بكسل ليلتفت برأسه قليلا مقابلا وجه رحمة الملائكي بشعرها الأسود الذي يغطي نصف وجهها بانسيابه فوقه أعطاها هالة من الجمال والفتنة.
غزت الابتسامة وجهه على تلك الفتاة الذي لم يلقاها الى صدفة حين تشاجر ابنه مع أحد زملائه وذهب هو بناء على إستدعاء المدير له حينها رأها عندما كان راحلا مع ابنه بعد انتهاء الأمر.
وقعت عينيه عليها صدفة كانت بريئة رقيقة وبسيطة ربما ليست فاتنة ولكنها جذبته منذ اللحظة الأولى شعر وكأن شيئا خفي يجذبه نحوها ببطء ربما كان ذلك نتيجة حديث صغيره الذي ألقى اليها السلام وهم عابرين فبادلته بابتسامة وهي تقترب منه قائلة بنبرة رقيقة قد راقت له
ازيك يا عمر عامل ايه مشوفتكش انهاردة يعني
أجاب الصغير بابتسامة وهو يمد يده لها ليصافحها
انا تمام الحمد لله والله كانت مشكلة صغيرة وانحلت خلاص.
الټفت الصغير الى والده ليشير
متابعة القراءة