اليتيمه
المحتويات
تماما ليدرك أنه سيتزوجها وسيخضعها له وسيستمتع بكل لحظة رغم الألم الذى يشعر به من ماض بعيد لكنه سيتأكد من عدم تكراره وسيجعلها له وحده وسيمحى الغدر من قاموسها ولو دفع حياته ثمنا لذلك
مد مراد
يده وسحب المنديل يمسح به فمه ثم نظر إلى شروق التى تتأمله مبتسمة
تسلم إيديكى ياشروق
إتسعت إبتسامة شروق قائلة
نظر إلى
طبقها الذى لم ينقص منه إلا القليل قائلا
بس إنتى مكلتيش ياشروق
نظرت شروق إلى طبقها بإرتباك قائلة
لأ إزاي أنا كلت بس كنت بنأنأ كدة وأنا بطبخ وعشان كدة مكلتش أوى لما هجوع هبقى أكمل
أومأ برأسه ونهض لتقول شروق بلهفة
رايح فين
ليظهر الحزن بملامحها وهي تستطرد قائلة
إوعى تكون هتمشى بسرعة كدة
لأ أمشى فين أنا كنت هروح البلكونة على ماتعمليلى فنجان قهوة من إيديكى الحلوين دول أنا قاعد معاكى النهاردة وهبات كمان
إنتفضت شروق واقفة بسعادة وهي قائلة
بجد يا مراد بجد هتعمل كدة
قائلا بإبتسامة
بجد ياشوشو
ويمكن لو عجبتنى القعدة أقضى يومين معاكى كمان
إتسعت عيناها من الفرحة لتصفق بجذل ثم
رفع هامسا أمامها قائلا
إنتى تتاكلى أكل ياشروق
هكون بأعمل إيه بس ما أنا قلتلك رايح أكلك ياشوشو
إحمر وجهها خجلا لتقول بإرتباك خجول
طب إستنى لما ألم السفرة وأعملك القهوة
جعان أوى يا شروق
ليدلف إلى الحجرة ويغلق بابها بقدمه وعلى وجهه إرتسمت ملامح جديدة دون أن يدرى لم يدركها وإنما رأتها شروق بكل وضوح فهي ملامح لا يراها سوى قلب أحب بصدق ملامح عاشق
إقتربت رحمة من حجرة الصغير وكادت أن تدلف إليها لولا أن إستمعت لصوت يحيي وهو يداعب هاشم بحنو لتقف على عتبة الباب المفتوح وتراه مانحا إياها ظهره يمرغ وجهه فى عنق هاشم فتتعالى ضحكات هاشم وتبتسم رحمة بدورها رغما عنها وعيناها تتقابلان مع عينا الصغير الذى أشار لها مرحبا قائلا
را را
تجمدت الإبتسامة على شفتيها وهي ترى يحيي يلتفت إليها وتتواجه عيناه العسليتان مع رماديتيها لتبتلع رحمة ريقها بصعوبة وهي تراه يرفع حاجبه الأيسر متسائلا ربما عن سبب وقوفها بجوار الباب وعدم دلوفها اإلى الحجرة تقدمت بإتجاهه بخطوات مترددة قائلة
تأمل فستانها البسيط الذى منحها مظهر برئ كفتاة صغيرة فى السادسة عشرة من عمرها ليعود إلى عينيها قائلا بإعجاب ظهر فى عينيه ونبرات صوته المرحبة بها رغما عنه
صباح النور
مدت يدها تلامس يد الصغير الذى مد يده إليها لتقول بخفوت
تسمحلى
ناولها يحيي الصبي الذى إبتسم على الفور لها
را را
تأملت رحمة وجه الصغير بحزن وهي تقول
الله يرحمها راوية مفيش حد زيها
قال يحيي ببرود
فى دى معاكى حق بس إنتى فهمتينى غلط على فكرة أنا قلت فيكى حاجة واحدة منها يمكن ملامحها لكن طبعها فمخدتيش منه حاجة أبدا
تعرف ياهاشم ماما كانت بتحبك أوى وأنا هفضل معاك واحدة بواحدة هشوفك بتكبر أدام عينية وهحكيلك بإذن الله كل حاجة عن مامى هعرفك تفاصيل حياتها ما هو لازم تعرفها عشان لما تكبر تدعيلها بالرحمة
قال يحيي بسخرية
ده معناه إنك هتنفذى وصية راوية
نظرت إلى عيونه مباشرة وهي تقول فى برود
أنا مستعدة أعمل أي حاجة عشان خاطر هاشم حتى لو الحاجة دى هي الجواز منك يا يحيي
إتسعت إبتسامة يحيي الساخرة وهو يقول
لا والله كتر خيرك بجد مش عارفين نشكر أفضالك علينا بتضحى أنا عارف
ترجعهما لذكريات مضت حين كانت خصلاتها تطير مع الرياح فيمد يحيي يده ويرجعهم إلى خلف أذنها ملامسا إياها بحنو كما يفعل هكذا الآن بالضبط وتغيم عينيه بنظرة عاشق راغب وبالفعل كان يترجم حبه لها برقة وحنو
تركها فجأة وقبض على يده بقوة وهو يشيح بوجهه عنها مانحا إياها ظهره لثوان وتاركا إياها وسط فوضى من المشاعر والحيرة قبل أن يتجه بخطوات بطيئة للخارج ولكنه توقف قبل أن يغادر تماما ليلتفت إليها بجانب وجهه قائلا
ياريت تبقى تلمى شعرك وانتى مع هاشم لإنه بيحب شد الشعر أوى ومش كل مرة هكون موجود
سمعت بشرى طرقات على باب حجرتها لتزفر بملل ثم تقول
إتفضل
دلفت سيدة فى العقد الخامس من عمرها تبدو الطيبة على ملامحها تحمل صينية وضع عليها طعاما لتنزل الصينية على الطاولة القريبة منها وهي تبتسم فى وجه بشرى
التى رسمت إبتسامة مزيفة على شفتيها وتلك السيدة تقترب منها وتجلس على السرير بجوارها قائلة فى طيبة
إزيك يابنتى دلوقتى بقيتى أحسن
أومأت بشرى برأسها قائلة
الحمد لله ياست آمال جو الريف جميل أوى وفعلا حاسانى من يوم ما جيت هنا إتحسنت كتير
ربتت السيدة آمال على يد بشرى قائلة
ولسة كمان لما تاكلى أكلنا وتقعدى معانا أكتر هتتحسنى يابنتى ده انتى كنتى جاية وشك أصفر لون اللمونة بالظبط الحمد لله الدموية ردت فى وشك وبقيتى زي الفل
كادت بشرى أن تصرخ من كثرة كلام تلك السيدة تقول فى نفسها يالها من سيدة ثرثارة كيف أصمتها
لتكتفى بإيماءة بسيطة برأسها كإجابة وبإبتسامة باهتة حتى تمل آمال وترحل وبالفعل نهضت السيدة آمال وكادت أن تغادر ولكنها توقفت وإستدرات إلى بشرى قائلة
إنتى كشفتى يابنتى
عقدت بشرى حاجبيها قائلة
كشفت
أومأت آمال برأسها قائلة
أيوة فى البندر عند الدكتورة لتكونى حبلى
جزت بشرى على أسنانها وتمالكت أعصابها وهي تقول
ايوة كشفت ومفيش حاجة من الكلام ده خالص هم شوية برد وأنيميا وبالعلاج هبقى تمام وبعدين أنا مش قلتلكم ان مراد مأجل موضوع الخلفة ده شوية
قالت آمال بإستنكار
وليه بس يأجله مش يفرح بضناه وهو فى عز شبابه ولا هيستنى لما يكبر وإنتى تكبرى ويبقى خطړ عليكى الخلفة ساعتها بقى
هيفكر يجيب عيال
كادت بشرى أن ټقتل تلك السيدة ولكنها تمالكت أعصابها وهي تقول
لما هروح البيت هكلمه فى الموضوع ده ياست آمال
إبتسمت
آمال قائلة
أيوة كدة يابنتى أوعى تسيبيه عايش كدة بالطول والعرض ويسافر ويسيبك كل شوية إسمعى كلامى يابنتى من غير ما تربطيه بالعيال بيبقى جوزك مش جوزك الراجل من دول لو مربطتوش مراته بحتة عيل بيبقى سهل على أي حرمة تخطفه ويضيع منها وتبكى بدل الدموع ډم
لم تجيبها بشرى وهي تفكر فى كلام السيدة آمال لتغادر آمال بهدوء بينما كانت بشرى شاردة فى كلماتها التى ذرعت بذور القلق فى قلبها ترى هل من الممكن أن تخسر مراد من أجل الأطفال هل من الممكن أن يتركها من أجل عدم إنجابها فربما عاد عدم إهتمامه بها لإنه ادرك أنها أرض بور لا يمكنها أن تمنحه طفلا وريثا له حتى أنه لم يهتم برحيلها ولم يحادثها ولو لمرة واحدة طوال وجودها فى هذا المكان لترفض هذا الإحتمال فهي تدرك أنه يحب تلك الفتاة الحرباء وإن تزوج سيتزوجها هي لتتسع عينيها فى صدمة ماذا لو
لترفض أيضا هذا الإحتمال فرحمة تعشق يحيي ولن ترضى بمراد زوجا لها ولكن هي تزوجت هشام من قبل وقد كان أخيه أيضا لذا من الممكن أن تتزوج مراد الآن لتنفض افكارها وهي تخبط رأسها بخفة قائلة
أمال لو مكنتيش إنتى
اللى دبرتى كل حاجة عشان تجوزيهم إنتى نسيتى انها إتجوزته ڠصب عشان الڤضيحة المهم من هنا لبكرة بالليل لو مقدرتيش تفكريلها فى مصېبة يبقى تلمى شنطتك وترجعى القاهرة يابشرى
لتبتسم براحة وهي تنهض تتجه إلى طاولة الطعام تنظر إليها بنهم وقد شعرت فجأة بالجوع
تأملت شروق ملامح مراد فى عشق تنتابها سعادة لا حدود لها وهي ترى ملامحه النائمة لأول مرة منذ ان تزوجته فلطالما كانت تستيقظ تجده قد رحل وتركها وحيدة تتأمل جدران حجرتها فى ألم تتمنى أن تحقق يوما أحلامها و
صباح الخير
نظرت إليه مشتتة الذهن مضطربة القلب وهي تقول
ها
إتسعت إبتسامته وهو يكرر بنعومة قائلا
صباح الخير
تنحنحت لإجلاء صوتها الذى ضاعت نبراته وهي تقول
إحم صباح النور
رفع يدها وهو يقول
مكنتش أعرف إن الصباح معاكى حلو أوى كدة لو أعرف كنت قضيت معاكى كل صباح لية ياشروق
نظرت إليه شروق فى لهفة قائلة
بجد يامراد بجد الكلام اللى إنت بتقوله ده
لهفتها تلك اللمعة فى عيونها عشقها الذى يظهر فى نبراتها كل هؤلاء أشعروه بالذنب تجاهها فأقل كلمة منه ترضيها وبينما هي تعشقه هو لا يبادلها ذلك العشق بل يعشق أخرى بلا أمل وتلك الأخرى تقف فى طريقه فلا هو قادرا على أن ينالها ولا هو قادر على المضي قدما فى حياته دونها حتى بعد إدراكه لحبها لأخيه الأكبر والأدهى حب أخيه الأكبر لها مما يفقده الأمل فى إقترانهما يوما ولكن يظل العشق عشقا ليس بيدنا إختيار من نعشق ولا نحن قادرين على نسيان معشوقنا حتى وإن أردنا النسيان بكل جوارجنا
طال صمته وهو يتأملها لتخبو فرحتها ويظهر الحزن على وجهها لتطرق برأسها وهي تقول
أكيد مش بجد إزاي بس هتقضى كل صباح معايا وأنا مجرد زوجة فى الخفا بتجيلها تقضى معاها ساعتين وتمشى
لكن اللى تقضى معاها كل صباح ليك ولياليك هي بشرى مش كدة يامراد
إحنا مش متفقين من الأول على كدة ياشروق وكنتى عارفة إن ده وضعنا ودى حياتنا ليه حاسس دلوقتى بإن وضعنا مبقاش يعجبك
نظرت إلى عينيه مباشرة وهي تقول
لإنى بحبك واللى بيحب بيغير بيتمنى حبيبه يكون ليه هو وبس ڠصب عنى مش عايزاك تبعد عنى والله ڠصب عنى
سقطت دموعها على وجنتيها ليشعر بالضعف يأكل قلبه بالألم لحزنها ومشاعرها الجميلة والتى لا يستحقها يغوص بالذنب ولكنه قاوم كل تلك المشاعر وهو يمد يده ويمسح دموعها قائلا
طب إهدى دلوقتى ومتعيطيش يرضيكى أول يوم أبات معاكى فيه أشوفك معيطة بالشكل ده
إبتسمت رغما عنها متجاهلة حزنها فلديه كل الحق هو لا يجب ان يرى دموعها الآن لا يجب أن يراها ابدا فلا يجب ان تزيد همومه فلطالما قال لها مرارا وتكرارا أنها واحته التى ينسى بها كل همومه لتبتسم قائلة
معاك حق ياحبيبى إستنى بقى لما احضرلك احلى فطار من إيدى
وتتعبى نفسك ليه ياشوشو ما أنا فطارى جاهز أهو وأدام عيونى
وقبل أن تنطق بحرف كان يأخذها في رحلة خاصة بهم وحدهم أنستها كل شئ فيما عدا هذا الذى يمنحها أروع شعور فى حياتها شعورها بالعشق العشق اللذيذ
كان يحيي جالسا فى حجرة مكتبه عاقدا كفيه امام وجهه يفكر فى عمق فى مشاعره المتصارعة تجاه رحمة إنها حقا مشاعر معقدة إن لم يستطع فك صراعها والتحكم بها ستؤدى به حتما إلى الجنون
رن هاتفه لينظر إلى شاشته ثم يعقد حاجبيه بضيق وهو يرى إسم المتصل لقد كان يكن لهذا الشخص احتراما ولكن منذ أن علم برغبته فى الزواج من رحمة تبدلت مشاعره لغيرة وكره لا يستطيع التحكم بهما كاد أن يتجاهل هذا الإتصال الهاتفى ولكن شيئا ما دفعه للرد ربما هو الفضول لمعرفة سبب مكالمته ليرد قائلا بصوت هادئ
متابعة القراءة