روابة كاملة و حلوة ❤♥️

موقع أيام نيوز


اتوقف أنا عن البحث ويدب اليأس في قلبي فأعلن عهد جديد لا يوجد به مكان للعشق في قلبي !! كان يقرأ وهو يعرف جيدا بأنها تقصده في كل كلمة ويأسف بشدة لأنه ربما لن يستطيع أن يبادلها العشق سواء الآن أو مستقبلا ويتأسف لها لأنه لن يتمكن من أن يكون دليلها في طريق بحثها عن طرق قلبه هو يمكنه أن يعطيها كل شيء معاملته الطيبة وحنانه وعطفه ولطفه والصداقة والحب النقي في داخله لها ولكن عشق بمفهومه الذي يكون بالتحام الأرواح والقلوب والنظرات .. لن يتمكن ! .
تنهد بعمق ثم اخرج هاتفه واجري اتصال بها لتجيب عليه في صوت هادىء وتسمع سؤاله 

مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
_ إنتي فين 
غمغمت بخفوت جميل 
_ في الكافيه اللي جمب الشركة
لم يجيب عليها وانهى الاتصال مما اصابها بالتعجب والاغتياظ بنفس الوقت وظنت أنه تطفل منه لا أكثر وحين عرف لم يكلف نفسه ويسألها عن سبب ذهابها حتى لهناك ولكنها لم تركز عليه حتى لا تعكر مزاجها بدون داع .. أما هو فهب واقفا ووضع الاجندة بمكانها وغادر يقود طريقه لخارج الشركة بأكملها .
كانت هي تتفحص هاتفها وبيدها الأخرى القهوة ترتشف منها بتأني واصابتها الدهشة حين رأته يجلس أمامها على المقعد المقابل لها في الطاولة فرمشت عدة مرات ثم هتفت بريبة 
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
_ إيه اللي جابك 
هدر في هدوء مشجع 
_ جاي لنفس السبب اللي جيتي عشانه .. وأهو اسليكي بدل ما أنتي شكلك وحش كدا والكافية كله ياما اتنين صحاب أو ولد وبنت !
التفتت برأسها حولها وهي تلقى نظرة سريعة على جميع الطاولات لتجد أن ليس هناك طاولة يجلس عليها فردا واحدا سواها بالفعل ثم تعود بنظرها له وتقول بعدم تصديق لما قاله للتو 
_ حسن أنا بتكلم جد ليه جيت !
التزم الصمت للحظات وهو يطالعها دون أن يجيب ثم رسم ابتسامة واسعة وقال بمشاكسة 
_ عايزة الحق ! أصل أنا لقيت نفسي زهقان فقولت آجي اټخانق معاكي شوية
ضحكت بعفوية ولم تتمكن من كتم ضحكتها وأجابته مستنكرة 
_ وهنتخانق قدام الناس هنا !
قال مصححا ومؤيدا لكلامها في نبرة كانت شبة جادة 
_ اممم عندك حق .. طيب قومي نروح البيت عشان نتخانق على راحتنا
هزت رأسها مغلوبة منه وهي تضحك وقررت مسايرته في مشاكسته الجديدة وتمتمت متصنعة الجدية هي الأخرى بعد أن استندت بمرفقيها على سطح الطاولة وانحت للأمام قليلا حتى تقرب وجهها منه في حركة تلقائية تدل على اهتمامها بالموضوع 
_ وهنتخانق على إيه بقى ياترى !!!
استند هو الآخر على مرفقيه مثلها وقال وهو يزال يرسم الحدية المزيفة على محياه 
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
_ ياسلام ده مفيش اسهل من الخناق !! .. كلمتين وقحين مني على كلمتين مستفزين منك وندبها خناقة عادي جدا الموضوع أسهل مما تتخيلي
خرجت منها ضحكة شبه مرتفعة ثم قالت مستهزئة 
_ شكلك فايق ورايق النهردا !
عاد لجلسته الطبيعية وغمغم باسما بعد أن عاد لطبيعته 
_إنت شايفة إيه !
اكتفت بابتسامتها وعادت ترتشف من قهوتها من جديد حتى سمعته يهتف في جدية حقيقية هذه المرة 
_ جهزي نفسك عشان ماما عزمانا على العشا النهردا وممكن نقضي الليلة هناك
اماءت له برأسها في وجه لا يبدو عليه أي اعتراض وعادت تكمل قهوتها ويدخل هو في فقاعة الصمت ويكتفى بمتابعتها في شرود !!! .
في مساء ذلك اليوم .......
كانت يسر مستعدة ومتنظرة عودته حتى ينطلقوا ويذهبوا لمنزل عمها وبينما هي تجلس على الأريكة تنتظره سمعت صوت طرق الباب فهبت واقفة واتجهت ناحيته لتفتح ظننا منها أنه هو الطارق فقبضت على مقبض الباب وفتحت لتتفاجىء بتلك الساقطة المدعوة برحمة !! هل جائتها الجراءة التي مكنتها من القدوم إلى منزلها بقدمها !! .. ولكنها على عكس العادي ضحكت يسر وقالت في سخرية 
_ إيه جاية تعتذري منه بعد ما عرف حقيقتك !
دفعت رحمة الباب بيدها في عڼف لتفتحه جيدا ثم دخلت ووقفت أمامها مباشرة صائحة في غل وسخط 
_ أنا عارفة كويس إن إنتي اللي قولتليه عشان تكرهيه فيا
مازالت هادئة ولم تفقد زمام نفسها حيث قالت بابتسامة مستنكرة 
_ ده على اساس إنه كان بيحبك مثلا قبل ما يعرف اللي عملتيه فيه !!
رفعت الأخرى سبابتها في وجهها بنظرات ڼارية وأعين مشټعلة وغمغمت بنبرة محذرة ولكن كل هذه الشراسة لم تؤثر بها خاصة عندما تكون أمام مرأة كيسر 
_ اسمعي يايسر حسن ليا من قبل ما يكون ليكي ومش هيكون غير ليا فالأفضل إنك تطلقي منه وتصلحي اللي عملتيه بينا لأني أساسا مش هخليكم تتهنوا مع بعض ولا يوم
اطلقت ضحكة متأججة وأجابتها في شيء من الشيطانية الممتزجة بالدهشة المزيفة 
_ إيه ده إنتي جاية ټهدديني وفي بيتي كمان لا وواثقة من نفسك أوي ! .. عجبتني الثقة دي الحقيقة شابو بجد
قررت رحمة أن تشعل فتيل النيران
وهي غير مدركة لعواقبه التي ستعود عليها فقد اشعلت الفتيل بجانب قنبلة إن اڼفجرت ستفجرها إلى أشلاء وهتفت في ثقة حقيقية هذه المرة ونبرة متشفية ولئيمة 
_ بالظبط زي ما أنا واثقة بظبط إنك عايشة معاه زي الأخوات وكمان عارفة إنكم متفقين على الطلاق وعارفة إن الجواز ده اتفاق من البداية .. يعني حسن لا بيحبك ولا نيلة ده مبيطقكيش أصلا !!
نهاية الفصل

_ الفصل السابع عشر
قررت رحمة أن تشعل فتيل النيران وهي غير مدركة لعواقبه التي ستعود عليها فقد اشعلت الفتيل بجانب قنبلة إن اڼفجرت ستفجرها إلى أشلاء وهتفت في ثقة حقيقية هذه المرة ونبرة متشفية ولئيمة 
_ بالظبط زي ما أنا واثقة بظبط إنك عايشة معاه زي الأخوات وكمان عارفة إنكم متفقين على الطلاق وعارفة إن الجواز ده اتفاق من البداية يعني حسن لا بيحبك ولا نيلة ده مبيطقكيش أصلا !!
نجحت في اشعال فتيل النيران والآن هي في الثواني الأخيرة قبل الانفجار لا يهمها الآن من أين عرفت ولكن كلماتها أثارت چنونها من هذا الجنون لتعيدها إلى رشدها وتذكرها بقيمتها و
_ بقولك إيه ياحلوة خليكي بعيدة عني وعن حسن احسنلك لإن إنتي مش قد الكلام ده ولا قدي .. أنا ممكن امحيكي مش غير ما يرفلي جفن متحاوليش تستفزيني وتخليني احطك في دماغي بجد عشان صدقيني هتندمي
بدأت الأخرى تختنق بالفعل وأصفر لون وجهها وهي لا تقوي على أخذ أنفاسها فتركتها على آخر لحظة وجذبتها من ذراعها إلى الخارج ثم القت على الأرض هاتفة بقرف 
_ مش عايزة اشوف وشك تاني ومتنسيش كلامي هاا
ثم أغلقت الباب پعنف في وجهها واندفعت نحو غرفتها وهي تترنح من شدة الغيظ فجلست على الفراش واخذت تهز قدمها بشكل متتالي كدليل على فرط سخطها ثم هبت واقفة من جديد وأخذت تتحرك ذهابا وإيابا في الغرفة وتهتف محدثة نفسها في نفس ثائرة 
_ طبعا هيحبني اللي هتطلع في نص القصة وتفرق بين العشاق .. أها بقى ما أصل أنا يسر المستفزة والحيوانة والقڈرة والبيئة وهي ياعيني الملاك الطاهر النقي اللي نزل من السما لا وهو واثق من نفسه أوي ومغرور .. هي مين أصلا اللي هتحبك غيري ياعديم الاحساس لتكون فاكر نفسك توم كروز ده إنت تحمد ربك إنك لقيت واحدة تحبك وياريت بيطمر فيك ي
توقفت عن الكلام عندما انتبهت له .. فقد عاد للتو ودخل لها على أثر صوت تحدثها المرتفع من نفسها وكان يقف يستند بكتفه على الحائط ويعقد ذراعيه أمام صدره وعندما لاحظ توترها قليلا حين رأته فأشار لها بيده أن تكمل وهو يبتسم بزيف متمتما 
_ كملي كملي متخليش حاجة في نفسك لتجرالك حاجة وابقى أنا السبب !
اخفت ابتسامتها بصعوبة ثم تحركت ووقفت أمامه هاتفة في صرامة واستياء 
_ إنت كنت عند رحمة قبل ما ترجع البيت يوم لما كنت مش في وعيك صح !
استرجع ذكريات ذلك اليوم محاولا تذكر ذلك الجزء وهل ذهب إليها أم لا ولكنه لم يتذكر أي شيء حول ذهابه لها ليمط شفتيه للأمام بعدم حيلة هاتفا في صدق ونبرة عادية 
_ مش فاكر .. بس معتقدش إني روحت ليه !!
أغضبتها إجابته ب مش فاكر فإذا لما يذهب ولم يخبرها هو إذا من أين عرفت !!!! بالتأكيد هو ذهب لها وأخبرها بكل شيء بينما هو ثملا والآن ستقع المصائب فوق رأسيهما بسبب إهماله .
وجدت نفسها تهدر في اغتياظ جلي 
_ أهاا مش فاكر !! بس فاكر اللي حصل بينا بالتفصيل مش كدا !
لم يأخذ حديثها على محمل الجد مطلقا حيث قال بابتسامة لئيمة ونظرات تضمر خلفها معاني منحطة 
_ أكيد طبعا .. هي حاجة زي كدا تتنسي برضوا تحبي احكيلك !
رمشت بعيناها عدة مرات في ذهول على آخر كلماته وشعرت بالحمرة تصعد لوجنتيها ولكنها أبت إظهارها له وتصنعت الثبات أمامه وهي تقول بازدراء يخالطه ابتسامة مستنكرة 
_ هو مينفعش اتكلم معاك في مرة وتتكلم باحترام من غير وقاحة !
غمغم في خفوت ونظرة أشد لؤما من سابقها مما زادت من اضطراب نفسها الخجلة 
_ إنتي تعرفي عني إني محترم !
هزت رأسها بالنفي وهي تحت تأثير نظراته واقترابه منها لتسمع منه الرد بعد أن حصل على الرد منها بالنفي 
_ بس يبقى منتظرة مني اتكلم باحترام ازاي !!
قالت مؤيد كلامه في ابتسامة عريضة 
_ اممممم في دي عندك حق الصراحة
بادلها الابتسامة ثم عاد لطبيعته وهتف في جدية تامة 
_ طيب يلا عشان منتأخرش لإن ماما مستنيانا
التفتت وجذبت حقيبة يدها وهاتفها ولحقت به وارتدت حذائها عند الباب ثم غادرت واستقلت بالسيارة بجواره لينطلق هو محدد وجهته نحو منزل أبيه .
في مساء اليومو قفت أمام الباب مترددة تنظم الكلمات التي ستقولها بل هي لا تعرف ماذا تقول ولكنها سئمت من الجلوس بمفردها منذ الصباح وتريد الجلوس معه أخذت نفسا عميقا ثم طرقت برفق على الباب ليأتيها صوته يسمح لها بالدخول ففتحت الباب وادخلت نصف جسدها ونظرت له لتجده يباشر
 

 


أعماله على الحاسوب النقال وأمامه اوراق خاصة بالعمل على المكتب وبيده قلم ينظر إلى الحاسوب ثم يعود للورق ويسجل أشياء ولكن كل هذه تفاصيل لا تهمها فقد ثبتت تركيزها على نظارته الذي يرتديها ولأول مرة تراه يرتديها ليس هذه المشكلة بل يكمن عمق المشكلة أنها زادت من وسامته أضعافا فجذبها من هيامها به صوته الغليظ وهو يهتف دون أن يرفع نظره لها 
_ ادخلي ياشفق !
هزت رأسها بحركة منفرة لتخرج أفكارها الحمقاء من ذهنها وفرت الكلمات من عقلها وتوترت وانعقد لسانها فلم تعرف ماذا تقول ولكنها استدعت شجاعتها وتحلت بالجراءة المزيفة لتقول في صوتها الطبيعي الذي به بحة انوثية رقيقة وهي تبتسم ويداها تلفها خلف ظهرها 
_ أنا كنت قاعدة برا ومش جايلي نوم من الملل فحبيت اقعد معاك لو مش هعملك إزعاج يعني
رفع نظره لها وطالعها بابتسامة طاحت بها إلى أعمق نقطة وجعلت الأمر يزداد سوءا بالنسبة لها وأشار لها بعيناه أن تدخل وتجلس على الأريكة المتوسطة فسيطرت هي على عواطفها وابدت عن سعادتها ثم اغلقت الباب وتوجهت لتجلس على الأريكة المقابلة لمكتبه وتتابعه بعيناها الذي تبتسم قبل شفتيها .. كانت تشاهد الأفلام والمسلسلات وترى الأبطال ولا تصدق بوجود هذا النوع من الرجال في الحقيقة والآن هي مع أحد الرجال الذي لا يختلف عن شخصيات الأبطال المذهلة في كل شيء .. وأحيانا كثيرة تشعر أنها داخل حلم جميل وستستيقظ منه قريبا وأن كل هذا ماهو إلا حلم رائع ! 
خرج صوتها الناعم وهي تسأله في لطف 
_ تحب اساعدك في حاجة !
_ ياريت بس للأسف مش هتعرفي
هدرت في ثقة وابتسامة واسعة 
_ جربني الأول وبعدين احكم
تمتم في ضحك خفيف بإيجاب 
_ طيب تعالي
استقامت وجذبت مقعد لتجلس بجواره فيمسك هو بدفتر كبير نسبيا وورقة ووضعهم أمامها هاتفا في خفوت ساحر 
_ بصي انقلي اللي في الورقة دي في الدفتر بنفس الطريقة وافرزيهم بشكل منظم هاا هتعرفي 
أماءت له بالإيجاب ثم التقطت قلم وبدأت بإنجاز المهمة التي كلفها بها وهو بجانبها يحاول إنهاء شيء آخر ليأتيه سؤالها المتعجب 
هو حسن أو زين مش موجودين ولا إيه أصل إنت من الصبح في الأوضة وبتشتغل
أجابها بهدوء تام 
موجودين بس أنا اللي مسكت المشروع ده لإني أفضل من زين وحسن في الحسابات والهندسة والحجات دي يعني احنا بنقسم الشغل بينا وكل واحد فينا متميز في حاجة ولما بيكون في مشروع أو صفقة زي كدا بيمسكها المتمكن فينا في الموضوع ده
اكتفت بهز رأسها بتفهم ثم عادت تكمل ما بيدها وبعد مرور دقائق بسيطة رفعت نظرها عن الدفتر ونظرت له خلسة تتأمله عن قرب فهذه هي المرة الأولى التي سنحت لها الفرصة بالنظر له عن قرب ولن تكون الأخيرة تأملت تفاصيل وجهه بنظرات عاشقة .. ذقنه الخفيفة وشعره الناعم والجميل الذي يعطي لمسة كستنائية بسيطة بشرته التي تنضج بالشباب والساحرية وعيناه الرمادية التي بمثابة مغناطيس تجذبها إليها كلما أبت الخنوع لعشقه اجمل ابتسامة رأتها من قبل وبينما هي منشغلة بتأمل تفاصليه الجذابة وذائبة بين بحور عشقه ووسامته نسيت نفسها هي واستندت بمرفقها على سطح المكتب واضعة كف يدها أسفل خدها وتحدق به في ابتسامة شبه خفية وقد فقدت حاسة السمع من شدة تركزيها به ولم تسمعه وهو يحدثها إلا أنها انتفضت جالسة فورا حين انتبهت لصوته وهو ينظر لها بحيرة هاتفا 
_شفق أنا بكلمك !!
اعتدلت في جلستها متمتمة في تلعثم وحياء 
اسفة سرحت شوية بس .. كنت بتقول إيه 
قطب حاجبيه وغمغم في نظرات دقيقة لاضطرابها العجيب 
ولا حاجة .. إنتي كويسة يعني !
كانت تحاول تجنب النظر إليه وبداخلها ټلعن نفسها الساذجة على فعلتها وتود أن تنشق الأرض وتبتلعها وتهتف في ارتباك ملحوظ 
آهاا كويسة مفيش حاجة
ثم ابتعدت بمقعدها قليلا عنه وركزت كامل انتباهها على الورق وهي تقسم بأنها لن ترفع نظرها له مجددا فهو يجذبها إليه كالسحر ليغرقها في الأعماق ولا تستطيع الخروج أما هو فتابعها وهي تبتعد وتضع مسافة شبه كبيرة بينهم وتثبت نظرها على الورق كأنها تتهرب منه فزاد استغرابه من أمرها وارتباكها المفرط ولكنه لم يعلق وفضل أن يتركها على راحتها !! 
خرجت من المطبخ وهي تحمل على يديها صينية فوقها كاسات الشاي ثم لفت عليهم وانحنت على زوجة عمها وابنة عمها ليلتقطوا كأسهم فتهتف هدى بحنو 
_ يعني أنا عزماكم عشان تحضري إنتي يايسر
ابتسمت لها وتمتمت في احترام ورقة 
_ وفيها إيه يامرات عمي هو أنا غريبة يعني ده بيتي
ثم انتقلت ناحية حسن الجالس على الأريكة وانحنت نحوه تمد له كأس الشاي فيبتسم لها ويهتف في لطف 
_ شكرا
بادلته الابتسامة ثم جلست بجواره لتهتف رفيف في خنق عند تذكرها لشيء _ الأسبوع الجاي هيبقى أسبوع الحوادث
نظر لها
 

 


بريبة وهو يرتشف شايه وينقل نظره بين أمه التي عبست مثل شقيقته حتى وجد أمه تقول بصوت مخټنق 
جدتك جاية هي وميار
ابدي الدهشة البسيطة وقال بضحك ساخرا وجدية في الكلام 
جدتي وميار !!! لا ربنا يكون في عون زين !
تنفست يسر الصعداء وقالت في نفس منفرة من هذا الأمر الذي بات يخنق الجميع وليس زين وحده 
هي تيتا مش هتطلع موضوع ميار ده من دماغها بقى خلاص زين اتجوز
قالت هدى بعدم حيلة 
والله ما عارفة يابنتي أنا شايلة الهم من دلوقتي وخاېفة البت ميار دي تعمل مشاكل بين زين ومراته ومش بعيد جدتكم تساعدها والخۏف مش من ده لا القلق الأكبر من زين لأن أنا كنت بهديه بالعافية وهو كان بيعمل حساب لجدته لإنه بيحبها ومبيقدرش يزعلها وإنتوا عارفينه دماغه قفل يعني لو حاولت ميار تتقرب منه تاني الله أعلم ممكن يعمل إيه ! وبذات لو حاولت تضايق ملاذ هي وجدتكم
لاحظ حسن أن الجو بدأ يشحن بالتوتر والعصبية فقرر أضفاء لمسته الخاصة هاتفا وهو يوجه حديثه ليسر ضاحكا 
_ والله كان نفسي اقول سيبوا ميار للي مبترحمش يسر وهي تظبطها بس الصراحة أنا أخاف على البت وتصعب عليا دي متربية برا وحتة بسكوتة يعني بكلمة واحدة من الجبارة دي مش بعيد يغمى عليها
انطلقت منهم ضحكة مرتفعة باستثناء يسر التي طالعته باغتياظ وقد اشتعلت غيرتها فملست على كتفه هاتفة بغل 
_ ميصعبش عليك غالي ياحياتي
لاحظ نظرة الحقد والغيرة في عيناها فاڼفجر هو ضاحكا لتهتف رفيف في ثقة وخبث 
_ ليه وهي ملاذ ساهلة استنوا واتفرجوا مش بقولكم هيبقا اسبوع الحوادث
قالت هدى موجهة حديثها لابنها في رفق وحنان أمومي 
_ ليه ياحسن متاخدش مراتك وتروحوا مكان تاخدلكم شهر عسل ياحبيبي ده إنتوا من ساعة ما اتجوزتوا ومخدتوش أجازة حتى من الشغل
هم بأن يجيب عليها بإجابة كانت تعرفها جيدا يسر فقاطعته وقالت في رقة متصنعة البراءة وهي تضمر خلف قناع وجهها المكر الذي لا يستطيع رؤيته سواه هو 
_ لسا كنا بنتكلم إمبارح وقالي هياخدني وناخد اسبوعين في ايطاليا اول ما نفضى من الشغل شوية هو بيزن عليا من أول ما اتجوزنا وأنا اللي كنت بأجلها
أفغر عن وفتح عيناه منذهلا مما قالته وحدق بها في دهشة من الكذبة التي اخترعتها للتو أمامه وأمام أمه وشقيقته .. هو لا يصدق هذه الأفعى الجالسة بجواره ماذا تظن نفسها فاعلة !! يأمل أن لا تكون تود الذهاب في شهر عسل بالفعل وإلا لن يكون مسئولا عن ردات فعله المعاكسة !! 
اكتفى بنظرته لها وهو يقول باستنكار يحاول إخفائه أمام أمه 
_ بزن عليكي !!!
قررت إن تكمل كذبتها باحترافية وتلعب على اوتار أعصابه حتى تستفزه وتستمتع بإغضابه فقالت في نظرات حازمة وابتسامة صفراء _أيوة ياحبيبي إنت نسيت ولا إيه !!
هم من خلال نظراتها أن تنبهه لوجود أمه وشقيقته فجز على أسنانه وهتف يجاريها في كذبتها المستفزة بالنسبة له _ لا منستش طبعا
دخل خلفها الغرفة بعد أن انتهت جلسة حديثهم الجماعية بالأسفل وأغلق الباب ثم اقترب ووقف خلفها هاتفا في غطرسة وڠضب دفين 
_ إمبارح وايطاليا !! لا وكمان بزن عليكي ده إيه الحلاوة دي
التفتت بجسدها له وطالعته بابتسامة خبيثة ومسكت لياقة قميصه تعدلها برقة هاتفة 
_ أصل إنت هتاخدني فعلا ايطاليا
_ وأنا المفروض اوافق بقى !
أماءت له بالإيجاب وهي تزيد من اتساع ابتسامتها وتقول في دلال انوثي مدروس 
_ للأسف هتوافق لإن مفيش غيرك هياخدني وأنا نفسي اروحها جدا وهتوديني ياحسن ياروحي
ابعد يدها عنه في نفور وقال بصرامة 
_ لا مش موافق يايسر ومش هوديكي وياريت بلاش تعيشي دور المتجوزين بجد لإنك عارفة إننا 
_ ومين قالك إني بعيش الدور .. بالعكس خالص أنا حابة اروحها فسحة مش اكتر وطبعا مينفعش اروح وحدي لازم تروح معايا وبعدين إنت مش قولت اننا هنتعامل مع بعض كإننا اصدقاء لغاية ما نطلق اعتبر نفسك بتفسح صحبتك
لم تؤثر به نظراتها ولكن اربكته فدفع يدها وهتف في هدوء أعصاب مثي
_ لا ما أنا نسيت أقولك إني مبصحبش
يبدو أن الحسنة لن تجدي معه نفع وستسخدم الطريقة التي تجدي نفع معه حيث قالت في لهجة آمرة 
_ وأنا قولت هتوديني ياحسن وهنشوف كلام مين اللي هيمشي
قهقه باستهزاء ودفعها من أمامه هاتفا 
_ هنشوف يامدام يسر
_ متجيش جنبي !
ضحك بغطرسة واضحة وازدراء على حماقتها هل تظنه حقا يتلهف لها ولكي ينعم بليلة أخرى معها فهو لا يزال حتى الآن يندم على خطئه في تلك الليلة التي اصبحت فيها زوجته فعلا وقولا !! 
فقال لها
 

 


بجفاء وعدم مرعاة لمشاعرها
_ إنتي آخر واحدة أصلا هببقى حابب إني يسر !
رمقته شزرا ثم ولته ظهرها وسحبت الغطاء لأعلى جسدها ثم اغمضت عيناها لتخلد للنوم في ظرف دقائق بسيطة ! 
فتحت عيناها في صباح اليوم التالي وهي تشعر بثقل على جسدها واستغرق الأمر ثواني لتدرك الأمر وتفق من أثر النعاس تقلده بضبط 
_ إنتي آخر واحدة هبقى حابب إني !!
ثم القت عليه نظرة أخيرة في استنكار ووقفت لتتجه نحو المرحاض فيمسح هو على وجهه متأففا بضيق !!! 
وقفت ملاذ أمام مقر الشركة .. ترفع نظرها لأعلى تحدق في هذا البناء الضخم وتذكرت المرة الأولى التي جاءت بها إلى هنا كانت في عتمة الليل معه بعدما عقد قرآنهم مباشرة لم تسمح لها الفرصة في ذلك الوقت بتأمل ذلك البناء جيدا ولكن ذكرياته مازالت عالقة في ذهنها ولن يتمكن الزمن من محوها بتاتا .
أخذت نفسا عميقا ثم قادت خطواتها نحو الداخل وهي ترى الجميع يتحرك هنا وهناك مابين رجال ونساء وبحثت عن رفيف أو يسر بنظرها بينهم ولكنها لم تجد فاتجهت نحو الدرج وصعدت للطابق الثاني فوجدت فتاة تمر من جانبها استوقفتها وسألتها في لطف 
_ هو مكتب زين فين 
قالت الفتاة وهي تشير بيدها للطابق الثالث 
_ في الدور التالت في آخر الدور على إيدك الشمال هتلاقي مكتب وحده هو ده بس زين بيه معاه اجتماع دلوقتي ومش موجود في مكتبه
فهمت الآن لما الكل على عجالة من أمره ولما لا ترى أي من أخوته أو يسر في أنحاء الشركة فأماءت لها وهي تبتسم من خلف نقابها شاكرة إياها بامتنان ثم صعدت للطابق الثالث وتلتفت يمينا ويسارا ثم اتجهت يسارا كما قالت عندما لمحت المكتب وعندما وصلت فتحت الباب ببطء وادخلت رأسها لتتأكد من وجود أحد أم لا وكان فارغ فدخلت واغلقت الباب خلفها وهي تتفحص بإمعان مكتب كبير من اللون الأسود وأريكة فخمة وعصرية تعطي لونا رصاصيا وسجادة طويلة من نفس لون الأريكة وكانت الغرفة مكونة من ثلاث حوائط فقط والحائط الرابع عبارة عن زجاج كامل يطل على الشارع مباشرة .. أعجبت بطراز الغرفة كثيرا وظهرت علامات الانبهار على وجهها فاقتربت ناحية الزجاج ووقفت أمامه تتابع حركة السيارات والناس في الشارع ثم عادت بخطواتها نحو مكتبه ووجدت هاتفه على سطح المكتب وبجانبه إطار صغير بداخله صورة لرجل يبدو في عقده السابع أو السادس وتوقعت بأنه قد يكون والده تنهدت بعمق وتحركت نحو الأريكة لتجلس عليها وترفع النقاب عن وجهها لتتنفس القليل من الهواء الصافي .. ظلت بانتظاره إلى ما يقارب الربع ساعة حتى وجدت الباب يفتح ويدخل وهو بيده ملف غلافه من اللون الأحمر ويقلب بين ورقه في تركيز شديد وحين لمحها فزع واصابته الدهشة وأول شيء خرج من بين شفتيه هو 
_ ملاذ !! بتعملي إيه هنا !
هبت واقفة واقتربت منه هامسة في ابتسامة عذبة 
_ أنا مش قولتلك واخدت الأذن منك الصبح قبل ما تطلع إني هطلع مع صحبتي هشتري كام حاجة فقولت اعدي عليك وسألت عليك قالولي في اجتماع فدخلت وقعدت استناك
إعاد ذاكرته لصباح اليوم قبل أن يغادر المنزل فتذكر أنها بالفعل طلبت منه الأذن وهو سمح لها فاتجه نحو مكتبه ووضع الملف عليه هاتفا في حزم بسيط 
_ وليه متصلتيش بيا تقوليلي إنك جاية !
احست باستيائه أنها جاءت دون علمه فقالت متوترة بنبرة تحمل الأسف 
_ أنا مكنتش ناوية آجي أصلا بس عديت بالصدفة ودخلت .. لو كنت أعرف إنك هتضايق مكنتش جيت أو كنت اتصلت بيك الأول
تمتم في حنو وعطف راسما علي شفتيه ابتسامة هادئة 
_ أنا مش مضايق أنا بقول كدا عشان أكون عارف لإنك جيتي أهو ولقتيني في اجتماع ولما مبكونش موجود في المكتب ممكن أي حد يدخل ويطلع فهمتي ليه
هزت رأسها بالإيجاب ولم ترد أن يزيد هذا الحوار أكثر من ذلك حتى لا يأخذ منحني سيء فتوجهت نحو حقيبة يدها وفتحتها ثم اخرجت منها كيس بداخله علبة طعام كانت رائحته نفاذة وشهية واقتربت منه تخرج له واحدة هاتفة في صفاء وعفوية 
_ كان نفسي فيه واشتريت واحد ليا وجبتلك معايا
جذبه من يدها وهو يبتسم ثم قال في صوت رخيم 
_ شكرا مع إني مش بحب أكل المطاعم والمحلات بس مفيش مشكلة هاكله عشانك
حدجته بأعين مليئة بمشاعر جياشة ثم وجدها تجلس على الأريكة وتبدأ في تناول الطعام الذي احضرته ليقول مستعجبا 
_ إنتي هتاكلي هنا !!
قالت بعفوية وحماسية أصابت جزئه الأيسر 
_ اممم وإنت هتاكل معايا أنا كنت ناوية إني هاكله في البيت بس بما إني جيت هنا فناكل مع بعض
لم يجيبها ولكن اكتفى بنظرته التي تتحدث بدلا عنه متأملا إياها بابتسامة خفية وهو يراها تأكل بشراهة كأنها لم تأكل منذ يومين ثم
 

 


التقت خاصته وبدأ هو الآخر يأكل ولكنه استقام واتجه ليجلس بجوارها عندما اشارت بيدها له أن يأتي بجوارها لتريه شيئا على الهاتف كانت بيد تمسك الشطيرة وبالأخرى الهاتف وتقلب في الصور تريه مجموعة مختلفة من الأحذية التي رأتها اليوم في تسوقها تأخذ رأيه وأيهم أجمل ثم تنتقل لقسم آخر في الصور وتريه إحدى مغامراتها مع أخيها وتشرح كل صورة وموقفها فيعم في المكان جو مرح يشوبه الضحك المتبادل بينهما !! 
على الجانب الآخر من العالم تحديدا في أحد منازل المانيا الفاخرة تجلس امرأة سبعينية على مقعد وثير وبيدها أحدى الكتب باللغة الإلمانية تقرأ بها في تركيز شديد وترتدي نظراتها الطبية بدت امرأة شامخة وذات قسمات وجه صارمة تنضج بالشدة والقوة بها قليل من جمال الشباب نتيجة لاهتمامها المفرط بمظهرها وصحتها تملك جسد بصحة جيدة ومتوسط الحجم ولوهلة من يراها لا يعتقدها تخطت عقدها الثامن أبدا 
سمعت صوت حفيدتها الجميلة تهتف برقة 
_ Guten morgen oma صباح الخير ياجدتي 
التفتت برأسها لها وقالت بابتسامة حانية 
_ صباح النور ياحبيبتي يلا عشان تفطري قبل ما تطلعي
قالت ميار في عجالة من أمرها وهي ترفض رفضا قاطعا 
_ nein ich kann nicht لا لا استطيع 
قالت الجدة في حزم وضيق 
_ مش هينفع ياميار تخرجي من غير فطار افطري بسرعة مش هتتأخري على الحفلة
هرولت ناحية الباب وقد كانت ترتدي فستان بحمالات يصل إلى ركبتيها بالضبط وتترك العنان لشعرها الاسود فارسلت قبلة في الهواء لجدتها تجيبها بالمصرية أخيرا وهي تضحك 
_ باي يانينا مش هتأخر متقلقيش
ثم خرجت واستقلت بسيارة صديقها الذي كان ينتظرها بالخارج بعد أن تبادلا أما الجدة فكانت تفكر في ابن أخيها التي اسرعت أمه وزوجته قبل عودتها حتى لا تتعقد الأمور أكثر !! 
فتحت شفق الباب ظنا منها أن الطارق هو كرم ولكنها عقدت حاجبيها باستغراب حين رأت رفيف أمامها فافسحت لها الطريق بالعبور وهي ترحب بها بسعادة امتزجت بنظرات الحيرة 
_ ادخلي يارفيف عاملة إيه .. ليه متصلتيش بيا تقوليلي إنك جاية 
قبضت على رسغها وسحبتها بعدما اغلقت الباب خلفها وجلسوا على الأريكة لتقول رفيف في وجه مضطرب 
_ أنا جيتلك عشان تشوفيلي حل لإن أنا حرفيا في مصېبة
اتسعت عيناها بهلع وظهرت علامات الړعب على محياها وفورا اجابتها في خوف وقلق بالغ 
_ مصېبة إيه قولي متقلقنيش بالله عليكي اكتر من كدا !
_ زين عايزني اشرف على تعديلات المطعم اللي بابا الله يرحمه كان قافله من سنين وعايز يمسكني الإدارة بمجرد ما اخلص آخر ترم في الكلية !
هدأت نفسها المضطربة والوجلة وقالت في هدوء بتعجب 
_ طيب كويس هي دي مصېبة يعني !
أكملت وقد ازدادت ملامحها ارتباكا 
_ استني ما أنا جيالك في الكلام أهو .. عارفة مين بقى المهندس اللي هيكون هناك عشان التعديلات اللي هنعملها وأنا هشرف معاه !
حدجتها بأعين متسائلة تطالب باستكمال حديثها لتعرف من هو الشخص لتظهر رفيف عن ابتسامة عريضة وبلهاء وهي تقول 
_ إسلام اخو ملاذ
شهقت بدهشة ووضعت كفها على فمها تكتم ضحكتها ثم أجابتها بتأكيد 
_ مش ده برضوا اللي حكتيلي قبل كدا عنه وإنك كنتي معجبة بيه !
قالت وهي تجز على أسنانه من الغيظ والتوتر 
_ ومازالت للأسف أنا بحاول اتجنبه أصلا بقيت كل ما اشوفه مع ملاذ وشوفته كذا مرة في الشركة من فترة وبقيت اعمل نفسي مش واخدة بالي آخر واحد توقعت إنه يدخلني في الحوار ده زين لإنه مبيبحبش الاختلاط أصلا وحتى في الشركة بيخلي تعاملي محدود مع الموظفين وبيضيق عليا جدا
_ طيب وإنتي مش عندكم تقريبا اخو يسر ومهندس زينا ليه مدهوش هو الموضوع ده
قالت موضحة الأمر ببساطة أكثر 
_ علاء مش فاضي وكذلك حسن وكرم وحتى هو زين مش فاضي محدش فاضي كلهم مشغولين الفترة دي جدا ويسر ملهاش في شغل الهندسة أوي فمفيش غيري وهو بنفسه قالي إنه لو كان ينفع يخلي حد منهم يمسك الموضوع مكنش ادهولي ابدا لإن زين ومتشدد ده غير إنه بېخاف عليا جدا زي كرم .. بس أنا فاهمة الموضوع هو واثق في إسلام لإنه الحق يتقال هو محترم جدا جدا وكمان واثق فيا وعارف إني هخلي حدودي في الشغل بس وده فعلا اللي هعمله بس فكرة إني هضطر اتعامل معاه علطول بحد ذاتها قادرة إنها توترني من قبل ما اشوفه... يعني هو زين ملقيش غيره مافي ألف مهندس !!
ضحكت وقالت في صوت رخيم وعقلية رزينة 
_ ولا توتر ولا حاجة ده شغل وإنتي حطي في دماغك إنه شغل هتلاقي الموضوع سهل وكمان عشان متحصلش مشكلة مع زين لو حس إنك بتتخطي حدودك معاه حتى لو من غير قصد
اخذت تقرض اظافرها بوجه مرتبك بشكل زائد عن الحاجة وهي تجيبها بتوتر مبالغ 
_
 

 


قلقانة أوي ياشفق .. هو كرم مش قاعد صح 
هزت رأسها بالنفي لتقول رفيف ضاحكة بعدما تبدل مزاجها بسرعة هائلة 
_ ماما بقت كل يوم تاخدلها ربع ساعة عياط بټعيطي ليه ياماما اخواتك وحشوني البيت فضي من غيرهم ! .. واللي يشوفها وهي بټعيط ميشوفهاش وهي بتزن فوق راس كل واحد فيهم عشان يتجوز !!!
اطلقت ضحكة شبه مرتفعة وقالت باسمة برقة 
_ طبيعي أي أم كدا .. هتتعود بعدين على غيابهم وهيبقى الموضوع عادي
بادلتها الضحك لتهب شفق واقفة وتقول في لطف 
_ هروح اعملك حاجة تشربيها
ثم تركتها واتجهت للمطبخ فبقيت رفيف لدقيقتين بضبط تحدق في السقف وتنقل نظرها بين ارجاء المنزل وأثاثه المألوف عليها فداهمها الملل ولم تتمكن من منع نفسها حيث اندفعت خلفها نحو المطبخ لتكمل حديثها معها بالداخل ويتبادلوا احاديث مختلفة بعضها مضحكة والأخرى جدية !! 
أسبوع كاملا مرت أيامه بروتينية على الجميع دون أن تطرأ أي تغيرات أو احداث جديدة ولكن اليوم هو بداية الحوادث التي ستعم علي زين بالأخص فهو يوم عودة الجدة وابنة العم التي تخطت 23 من عمرها وتنضج بالجمال الصارخ وبشرة بيضاء كالثلج مع شعر أسود ناعم وطويل يلمع بساحرية 
استقبلهم من المطار حسن الذي رحب بجدته في شوق بالغ وجعلت هي في اشتياق والقى نظرة فاحصة على كتلة الانوثة التي مع جدته فهذه الفتاة يرونها كل شهور مرة واحدة وفي كل مرة تزداد جمالا أكثر فلم يضيع الفرصة ليصافحها ويغازلها تحت شعار المزاح ثم استقلوا بسيارته واتخذوا طريقهم نحو المنزل وكان كرم وزوجته بانتظارهم أيضا في المنزل للترحيب بجدته وجلسوا إلى مايقارب الساعة يتبادلون الاحاديث والضحك حتى صعدت ميار لغرفتها لتبدل ملابسها بأخرى وتأخذ حماما دافي لتزيح عن جسدها إرهاق السفر وفي هذه اللحظات رن الجرس معلنا عن وصول زين أخيرا هو وزوجته وكانت الجدة في كامل التشويق لمعرفة المرأة التي اخترتها له أمه وفضلها هو عن ابنة عمه .
فتحت هدى الباب ورحبت بابنها ترحبيها حارا وكذلك بزوجته ثم انتقل هو لجدته وانحنى متمتما 
_ حمدلله على السلامة ياست الكل
_ الله يسلمك ياحبيب جدتك .. وحشتني ياولا
_ وإنتي اكتر والله
وبدورها قالت لها في تهذيب وهي تصافحها حمدلله على السلامة لم تتمكن الجدة من رؤية وجهها بسبب النقاب الذي يخفيه ولكنها اكتفت بابتسامة صفراء ومزيفة تضمر خلفها الحقد والضيق ليلاحظها زين ويتضايق ولكنه لم يبدي أي ردة فعل واتجه وجلس بجانب والدته واتخذت ملاذ مقعدا لها أيضا بجواره وبعد دقائق قليلة وقعت نظرات يسر على الدرج الذي كانت تنزل عليه ميار برأسه ويصيبه ما صابها بالضبط ومن ثم الجميع بدأو ينظروا وآخرهم زين !!!! 
_ الفصل الثامن عشر _
ابعد حسن نظره وكذلك كرم وقد بدت عليهم علامات الاستياء البسيط أما زين فخانه نظره والقى نظرة سريعة عليها كنوع من الفضول وبمجرد ما وقع نظره عليها اشاح بوجهه فورا ومسح على وجهه متأففا في ڠضب شديد متمتما 
_ استغفر الله العظيم يارب
كانت يسر قد اتت قبل زين بلحظات قليلة ولم تتمكن من الترحيب بها فاقتربت هي منها ومدت يدها تقول في رقة طبيعية منها 
_ Hi !!
مدت يسر يدها وصافحتها في عڼف هاتفة باغتياظ وغل 
_ هاي ورحمة الله وبركاته ياحبيبتي
حك حسن ذقنه محاولا إخفاء ابتسامته التي كانت ستنطلق بعدما رأي قسمات زوجته وردها المليء بمشاعر الحقد على ابنة عمها .. أما ميار فاقتربت من ملاذ أولا تمد يدها لتسلم عليها ولكن ملاذ رمقتها بنظرة فاحصة كلها غيرة خاصة بعدما عرفت من زوجها قبل أن يأتوا أن جدته كانت تحاول تزويجه من هذه الفتاة المتحررة ثم صافحتها بخنق ولم تقترب من زين ولم تحاول أن تمد يدها المصافحة لعلمها أنه لا يصافح النساء وكان واضح على معالمه أنه ينقصه دقيقة أخرى وينفجر بالكل بلا استثناء من فرط غيظه وهو يتحاشي النظر إليها ولا يرفع نظره بتاتا واحتراما لجدته فقط هتف بامتعاض دون أن ينظر لها 
_ عاملة إيه ياميار 
ردت عليه في خفوت هاديء وتوتر من ملامح وجهه المحتقنة بالډماء 
_ الحمدلله كويسة
كان يسود الصمت المشحون بالتوتر والضيق من الجميع على ما ترتديه أمام أولاد عمها دون احترام لأحد ولكن زين لم يكن يستطيع تحمل هذه المهذلة حيث وجه حديثه لشقيقته في نظرة صارمة ومخيفة وصوت رجولي أجش 
_ قومي يا رفيف خدي ميار واديها حاجة تلبسها من هدومك
نقلت ميار نظرها بين الجميع في شيء من الدهشة وبالأخص جدتها التي اشارت لها بأن تفعل دون جدال فنهضت ولحقت برفيف إلى اعلى حيث غرفتها ليصدر هو زفيرا ملتهب ويزداد سوء غضبه عندما سمع جدته تهتف مدافعة عن حفيدتها 
_ زين ميار متربية طول عمرها في المانيا واتعودت على اللبس ده كنت قولتلي أنا وأنا
 

 


كنت هقولها
هدر في اندفاع وعصبية بصوت به لمسة خشنة مريبة 
_ اللبس ده تلبسه في المانيا ملناش دعوة بيها لكن هنا تحترم وجودنا مش طالعة قدامنا بقميص نوم
ثم هب واقفا واندفع لغرفته بالاعلى وبدون تفكير لحقت به ملاذ هدى كانت تنظر في عدم حيلة فهذا ما كانت تخشاه أما الجدة فقد ظهرت علامات الڠضب على وجهها فلأول مرة يصيح بها حفيدها هكذا ليهتف كرم في هدوء ولطف 
_ متزعليش من زين ياتيتا إنت عارفاه عصبي انتي اتكلمي مع ميار بس وفهميها بهدوء
ثم تحولت نبرته من الهدوء إلى الحدة البسيطة وهو يكمل 
_ لان هو عنده حق برضوا تلبس اللي عايزاه في المانيا بس هنا تحترم وجودنا
كان حسن يتابع الذي يحدث في صمت وفضل أن لا يتحدث أبدا حتى لا يكون فظا أكثر من أخيه الكبير و لتنهي هذا التوتر هدى وهي تهتف معاتبة ابنائها في ضيق 
_ خلاص ياولاد حصل خير جدتكم لسا جاية من سفر هتضايقوها من أول كام ساعة كدا تعالي ياماما اوضتك فوق وغيري هدومك وارتاحي شوية من السفر
استقامت واقفة ثم اتجهت إلى غرفتها بالأعلى ولحقت بها هدى وانتهت الجلسة على كرم وزوجته وحسن ويسر ليقول حسن ساخرا وهو يضحك بشيء من الضجر في اندهاش من جرائتها التي مكنتها من الخروج أمامهم بهذه الملابس الڤاضحة 
_ على رأى زين ده قميص نوم فعلا !!
بادله الضحكة الساخرة بنفس الضجر .. لتهب يسر واقفة وهي تتنهد الصعداء وتشير لشفق بأن تأتي معها ويجلسوا في أي مكان آخر ويجددوا مودهم الذي عكرته تلك الالمانية الصغيرة !! 
اغلقت ملاذ باب الغرفة خلفها برفق ورفعت النقاب عن وجهها ثم اقتربت منه بيدها على كتفه هامسة 
_ ممكن تهدى الموضوع مش محتاج كل العصبية دي !
صاح منفعلا 
_ مش محتاج ازاي ياملاذ إنتي مش شايفة كانت لابسة إيه ... إزاي اصلا قدرت تطلع قدامنا بالمنظر القذر ده !!
قبضت على كفه تضغط عليه بلطف وتتمتم برزانة 
_ هي صغيرة لسا وزي ما قالتلك جدتك هي عايشة برا فمتعودة على كدا
قال ضاحكا بسخرية على حسن نية زوجته 
_ ميار مش أول مرة تاجي عندنا يا ملاذ دايما بتاجي ولما بتاجي أنا بسكت وبستحمل وعمرها 
عقدت حاجبيها وهي تتساءل عن سبب تغير الأمر الآن وتهدر في حيرة 
_ وإيه اللي اتغير دلوقتي يعني !!
قال بتوضيح أشد ونظرة مشټعلة 
_ اللي اتغير إن جدتي مش عجبها إني اتجوزتك وأكيد موصياها وهي فاكرة إنها لما تلبس كدا أنا هغير رأي وهتجوزها وهطلقك مثلا .. من الآخر يعني كل ده مقصود وهو ده اللي مجنني ومخليني متعصب كدا عشان فاهم حركاتهم دي كويس أوي
تركت يده وظهرت علامات الغيظ والغل على محياها هل تسعى تلك الشيطانة الصغيرة للتفريق بين زوجها بعد كل ما فعلته لكي تحسن علاقتهم بالتأكيد لن تسمح لها بالعبث معها وستضع الحدود لردعها كما يجب ! .
مدت يدها وقالت بدلال وهي تعبث بقميصه وتنهدم من مظهره 
_ ومين قالك إني هسمحلها أصلا إنها تفرق بينا حتى لو كانت جدتك
نظر إلى يدها التي على قميصه ونبرة صوتها ونظرتها فكاد لوهلة أن ينصاع خلف ولكنها اكملت في لؤم 
_ هي جدتك مش عايزاك تاخد اسبوع معاهم هنا أنا بقولك نقعد اسبوع وسبلي البت ميار دي
ابعد يدها بكامل الهدوء حتى لا تؤثر عليه أكثر من ذلك وقال باسما بتحذير 
_ ملاذ أنا مش عايز مشاكل !
أجابته ضاحكة بمداعبة محببة لقلبه 
_ إنت تعرف عني إني بتاعت مشاكل برضو ياحبيبي .. اطمن
واستجمعت ثقتها وشجاعتها لتقترب .. ألم تكفيها كلمة حبيبي فأخذ هو نفسا عميقا ليخرج قليلا من النيران التي اشتعلت في أعماقه ولم يغب عنها وضعه بالتأكيد حيث لاحظت تأثيرها عليه فابتسمت بعاطفة وتلفتت في الغرفة بحركة دائرية وهي تقول 
_ إيه ده أول مرة ادخل اوضتك
كانت غرفة هادئة والوانها تبعث الراحة والسکينة واسعة إلى حد ما وعلى الحائط لوحة صغيرة مكتوب عليها آية الكرسي ثم وقع نظرها على الفراش العريض فنقلت نظرها في ارجاء الغرفة بحثا عن أريكة وعندما لم تجد شكرت ربها في قرارة نفسها وسعدت لأنها ستقضي اسبوعا كاملا وهي بجواره في نفس الفراش وستأخذ هذا الأسبوع وسيلة لتقوية علاقتهم أكثر ولن تسمح لجدته أو ابنة عمه بأن يشعلوا فتيل المشاكل بينهم ! .
عادت بنظرها مجددا له وقالت في جدية وحنو 
_ روح اعتذر من جدتك مينفعش إنت عليت صوتك عليها برضوا متخليهاش زعلانة منك وهي لسا جاية من سفر
أماء لها بالموافقة وهو يهمس شاكرا إياها لأنها نجحت في امتصاص غضبه بأقل الكلمات 
_ شكرا ياملاذ
طالعته بابتسامة عاشقة وأعين تلمع بوميض جميل لتصنع ابتسامتها وعيناها مزيج غرامي رائع واستقرت هو من عيناه نظرة دافئة أخيرة قبل أن يستدر
 

 


وينصرف متجها إلى غرفة جدته حتى يعتذر منها عما صدر منه من فظاظة وانفعال ليس بإرادته ! 
فتحت الباب ودخلت بعد أن اخبرتها رفيف بأنه في غرفته اغلقت الباب خلفها وسمعته وهو يتحدث مع أحدهم عن البحث عن شخص وكان مستاء بشدة ويقول بوضوح مهو أنا هجيبه يعني هجيبه هيروح مني فين فتوقفت للحظات تحاول توقع عن من يتحدث ولم يتعبها التفكير كثيرا وبسهولة فهمت أنه يتحدث عن ذلك الوغد الذي قتل زوجته و لا يكف عن ملاحقتها فأخذت نفسا عميقا واقتربت منه بعد أن انهى الاتصال وكانت نظراتها تطلع اشارات مباشرة بعتاب وخوف فتستقبل منه الريبة والتعجب في نظراته حتى تمتم بخفوت 
_ في إيه !!
قالت بأعين زائغة 
_ لسا مصمم علي اللي في دماغك وإنك مش هتسلمه للشرطة لو مسكته
أجابها في حزم ونبرة غليظة 
_ ومش هتراجع ابدا
ازدادت نظرات عيناها حزنا وقلقا وغمغمت في رجاء 
_ ارجوك بلاش ياكرم .. إنت معقول عايز تقتله !! إنت لو حابب تخلص عليه نهائي ممكن تدخله السچن وهتقدر تخليه ياخد اعدام وهيبقى أخد جزائه بس بالقانون ومن غير ما تضيع نفسك بسبب الحيوان ده
حدجها بصمت دون أن يجيب فعلمت أنه لم يقتنع بما قالته ومازال مصر على قراره أي أنه لن يزيل فكرة القټل من عقله بتاتا اصابها اليأس والشجن وقالت بأعين دامعة 
_ يعني مفيش فايدة !
هز رأسه نافيا في اصرار واضح على ملامح وجهه الحازمة فتضيق هي عيناها بخزي وتتجه نحو الفراش وتجلس عليه پألم فشعور القلق يزداد بداخلها كلما تتذكر أنه لا زال يلاحقه الټفت هو لها بجسده كاملا وتمتم في نبرة رجولية خشنة 
_ أنا عايز اخد حق مراتي واخد حقك إنتي كمان
لم تتمكن من منع دموعها ورفعت نظرها له تقول مندفعة من بين بكائها 
_ وأنا بقولك أهو مش عايزاك تاخدلي حقي أنا عايزة القانون هو اللي ياخدلي حقي منه ومراتك ماټت خلاص .. يعني لما تقتله محدش هيستفيد حاجة إنت الوحيد اللي هتخسر حياتك
استغفر ربه مغلوبا على أمره ولم يتضايق من كلامها الذي قد يكون قاسېا على أحد لا يعرفها ولكنه بات يفهمها جيدا ويفهم أنها لا تقصد فقط قالت هكذا من ضيقها واضطراب نفسها ولامه ضميره عندما رأى دموعها فاتجه وجلس بجوارها متمتما بعد أن عاد لطبيعته الساحرة والرقيقة 
_ طيب فهميني بس إيه سبب العياط أنا زعقت فيكي وأنا مش واخد بالي مثلا !!
التفتت برأسها ناحيته وقالت بصوت مبحوح ونظرات راجية دون أن تفكر فيما تقول حيث اعترفت له بشجاعة ومباشرة 
_ سببه إنك مش عايز تفهم إني خاېفة عليك ومش عايز تفهم إني مبقليش حد غيرك ومعنديش استعداد اخسرك إنت كمان .. قولي كدا إنت لما تقتله وتدخل السچن أنا إيه وضعي هيحصل فيا إيه !!
الجمته كلماتها وصنمته في مكانه فأخذ يتطلع إليها بسكون دون أن يتكلم بل ما قالته كان كافي لعدم إيجاده الكلمات التي سيجيب عليها بها فمن جهة ألم قلبه وناره على زوجته التي قټلت باپشع الصور ونفسه التي لن ترتاح إلا حين تأخذ بثأرها ومن جهة مسئوليته تجاهها والآن فقط فهم كم هو صعب مفهوم الټضحية فعليه أن يضحي أما بثأره لزوجته أو يضحي بها ! .
حارب توتره الدئم بمجرد ما أن يقترب منها ومد كفه الكبير بصعوبة يضعه على كف يدها الناعم والصغير محاولا تهدئتها وإبعاث الآمان إلى نفسها المضطربة والخائڤة وهمس بالقرب منها باسما في حنو مع قليل من المداعبة ليخرجها من الكآبة المهيمنة عليها 
_ طيب ياشفق وإنتي دلوقتي شوفتيني قټلته ودخلت السچن أنا تقريبا كل ما اتكلم معاكي بټعيطي لدرجة إني بقيت اخاڤ اكلمك لټعيطي ومبقتش فاهم في إيه !! .. أكيد عارفة إن الزعل الكتير مضر وخصوصا لو كان على بنوتة قمر زيك كدا !
قال جملته الأخيرة بجرعة زائدة من الرقة افقدتها توازنها ولوهلة احست بأنها ستسقط بين ذراعيه فاقدة لوعيها حيث حدقت به بأعين هائمة وهي تقول في نفسها برجاء توقف ارجوك لا تنظر لي بعيناك الجميلة هذه وبهذه النظرات الدافئة فأنا لم اعد اتحمل وسامتك ورقتك ولكنها عادت لوعيها بسرعة واجفلت نظرها عنها في خجل واستحياء من مغازلته لها بل في الغالب كانت خجلة وفي نفس ذات اللحظة ترغب في الابتسام من دهشتها بأنه تغزل بها لأول مرة وهي تعرف جيدا توتره الشديد منها فلم يكن الأمر مخجل بقدر ما كان مدهش بالنسبة لها !! 
ثم رفع كفه عنها وقال ضاحكا عندما تذكر شيء 
_ استني هوريكي حاجة بس يارب متكونش ماما شالتها
ثم هب واقفا واتجه نحو خزانته وفتحها وانحني للأسفل يفتش عن شيء معين بين الملابس حتى وجدها وكانت عبارة عن لعبة مهرج شكله قبيح قليلا ثم عاد وجلس بجوارها
 

 


مجددا فاخذتها من يده تحدق به باستغراب هاتفة 
_ إيه دي !
_ دي ياستي طفولتي البائسة كنت دايما وأنا صغير بعيط على أقل حاجة ومش عياط طبيعي لا ده ازعاج يعني كنت مزعج فبابا سافر برا مصر لشغل ولقي اللعبة دي بالصدفة وجبهالي مخصوص وهو جاي .. اللعبة دي بقي بمجرد ما ټعيطي بصوت عالي بتقلدك بس بطريقة كوميدية وفي مرة بابا حبسني في اوضتي وسابها معايا وكنت كل ما اعيط من الزعل والضيق انهم حبسوني هي تقلدني وافضل اضحك .. طبعا هي بنسبة لطفل لعبة مضحكة جدا مع إن شكلها وحش .. ولما كنت بعيط قدامهم كانوا بيطلعوها قدامي فتقلدني واضحك فورا فاللعبة دي كانت وسيلة للتخلص من الازعاج بتاعي ولغاية دلوقتي محتفظ بيها وكل ما اشوفها اضحك تلقائيا فأنا هخليها جمبك في البيت في الاوضة عشان كل ما ټعيطي كدا تضحكك
اطلقت ضحكة مرتفعة وقالت تبادله مداعبته في حب 
_ اممم انت عندك حق أنا فعلا محتاجة اللعبة دي لأن الفترة دي بعيط بسبب ومن غير سبب
_ أهاا ما أنا ملاحظ كدا برضوا أهم حاجة ميكونش السبب أنا بس !
هزت رأسها بالنفي قائلة من بين ضحكاتها 
_ لا اطمن مش إنت
اظهر عن ابتسامة عريضة وقال في صوت به لمسة مريحة 
_ طيب الحمدلله .. يلا قومي عشان ننزل لهم تحت لاحسن تيتا تزعل لما متلاقيناش
مدت يدها وجففت دموعها بظهر كفها ثم استقامت بعد أن نهض هو واتجه نحو الباب فلحقت به حتى تخرج لهم معه فهي لازالت لم تتعود على اشقائه وزوجاتهم جيدا وتتوتر منهم ولكن علاقتها قوية بأمه وشقيقته فقط ! .....
داخل غرفة الجدة 
هتفت هي في عتاب وڠضب دفين 
_ وصلت إنك تعلي صوتك عليا يازين !!
اجفل نظره أرضا في خجل وقال بندم واعتذار صادق 
_ أنا آسف مقصدش والله ياجدتي اعلي صوتي عليكي أنا فقدت اعصابي ومقدرتش اتحكم في نفسي
هتفت في حدة وصرامة بضجر 
_ أي كان السبب مكنش ينفع تحرجها كدا قدام الكل رفيف بتقولي فضلت ټعيط في الأوضة لما طلعت فوق
ضحك باستهزاء وهو يحاول تمالك اعصابه التي على وشك الانفجار من جديد وقال بنبرة مستنكرة مما تقوله جدته 
_ احرجها !!! ثم إن إنتي إزاي بتدافعي عنها !
_ أنا قولتلك إنها متعودة من صغرها بتلبس كدا وأنا مش بتدخل ومش بحب اضيق عليها البنت لا ليها أب ولا أم وملهاش غيري وغيركم إنتوا وعمك طاهر
لم يتمكن من حجب نفسه أكثر من ذلك حيث حدج جدته بنظرات مريبة وهدر بلهجة مخيفة 
_ وهي في بنت محترمة تلبس كدا !! ومفيش حاجة اسمها مش بحب اضيق عليها ياجدتي في حاجة اسمها إن دينا بيأمرنا بالحجاب والاحتشام والأدب والأخلاق لكن تطلع قدامنا بفستان بالمنظر ده يبقى لازم نحطلها حدود أنا مكنتش بتكلم لما كنتي بتاجي إنتي وهي كل مرة بس جبت اخري خلاص
لم يعجبها كلامه مطلقا حيث قالت باعتراض وفي آخر كلامها ختمته بالشيء الذي زاد من اشتعال نيران غيظه 
_ برضوا مكنش ينفع تقولها كدا قدامكم كلكم .. وبعدين فهمني إنت إيه مش عاجبك في بنت عمك مش كنت إنت اولى بيها بدل ماروحت اتجوزت بنت لا نعرفها ولا تليق بيك أصلا
تمالك أعصابه بصعوبة شديدة ومسح على وجهه متأففا وهو يستغفر ربه وقال في هدوء يضمر خلفه أعصار تسونامي 
_ مراتي أنا اللي اخترتها وقررت إني أكمل معاها وطالما قررت القرار ده يبقى أنا شايف إنها تليق بيا .. بس برضوا هتكلم معاكي بالمنطق قوليلي ياجدتي بالله عليكي هي ميار تليق بيا !
صمتت لبرهة وهي تحاول اسكات الصوت الذي بداخلها ويخبرها بأن تجيب عليه ب لا وقالت باصرار على رأيها 
_ ومتلقش بيك ليه بقى !
تنهد بعمق وقال في رزانة وقد هدأت ثورته الداخلية قليلا 
_ إنتي عارفة إني عصبي ودمي حامي وعندي حدود وقوانين ومينفعش حد يتخطاها وميار متنفعش مع حدودي وقوانيني لان لا هي هتستحملني ولا أنا هستحمل دلعها واسلوب حياتها اللي اتعودت عليه من الآخر أنا عايز واحدة تقدر تفهمني وافهمها واحدة اقدر استأمنها على بيتي وولادي وأنا مغمض وتكون على خلق ودين وعاقلة لكن ميار مستحيل أنا وهي ننفع مع بعض فعشان كدا ارجوكي ياجدتي طلعي الموضوع ده من دماغك كفاية أنا تعبت والله
مازالت لم تتخلي عن رغبتها في تزويجه من ابنة عمها وخصوصا بعدما رأت زوجته ولم تستلطفها أبدا وقالت في استسلام سريع وعجيب بالنسبة له 
_ طيب ياحبيبي ربنا يسعدك مع مراتك
اقترب في حنو وقال بشيء من الجدية 
_ أنا هقعد معاكي الأسبوع زي ما إنتي عايزة عشان خاطرك بس وعشان مزعلكيش بس ارجوكي خلال الأسبوع ده مش عايز أي حاجة تحصل تضايق مراتي أو توجهي ليها أي أهانة سواء
 

 


إنتي أو ميار لإني مش هضمن ردة فعلي وقتها احترامها من احترامي ياجدتي !
رتبت على كتفه برفق مغمغمة بنبرة من الخارج تبدو عادية ولكن من في جوفها تحمل كل أشكال الغيظ والحقد والمكر 
_ حاضر اطمن متقلقش ده إنت الغالي ابن الغالي ومقدرش على زعلك ومراتك فوق راسي ياحبيبي
ابتسم له في دفء فتبادله نفس نظرة الحب النقية والصادقة وتملس على شعره بكفها الآخر في حنو ! 
في تمام الساعة الثامنة مساءا
خرج حسن من المنزل وقاد خطواته نحو الأريكة الكبيرة المتوسطة في نصف الحديقة وأمامها طاولة صغيرة فاخرة وكان في يده كأس الشاي الخاص به ! وجلس على الأريكة بجوارها بعدما وجدها تجلس بمفردها في الخارج وقال وهو يرتشف من كأسه 
_ قاعدة وحدك ليه !
هتفت ميار في بساطة مبتسمة 
_ عادي زهقت شوية وحبيت اقعد هنا وإنت ليه مش قاعد معاهم جوا !
أجابها بنبرة صوت عادية 
_ بحب اشرب الشاي في روقان
اماءت له برأسها في تفهم ثم هيمن الصمت بينهم لدقائق قليلة حتى نظرت له وقالت بمزاح لطيف 
_ لما نينا قالتلي في المانيا إنك اتجوزت يسر اندهشت الحقيقة
عاد يرتشف من كأسه مرة أخرى ويجيبها باسما في شيء من الفتور 
_ أمممم شوفتي .. هي الدنيا كدا يوم ليك ويوم عليك !!
ضحكت بخفة وانوثة ليست متكلفة منها ثم أكملت في ضحك أشد متشبعة بحرارة الحديث 
_ لا بس بجد آخر بنت كنت اتوقع إنك تتجوزها هي يسر ياحسن
قال بضحكة خفيفة في خنق 
_ هتصدقيني لو قولتلك وأنا كمان
اعتدلت في دي جلستها واصبحت مواجهة له وهي تقول بتشويق وفضول 
_ وإيه بقى إيه اللي خلاك تفكر تتجوزها
سكت للحظات قصيرة يعيد شريط الأحداث التي حدثت قبل أن يتزوجوا وماذا فعلت وكيف استغلت الصور والتسجيلات ضده لكي تصل لمبتاغها وهو الزواج منه ولا ينكر أنها نجحت بالفعل في إحراز أول اهدافها في معركتهما ! .
رفع نظره لأعلى بتلقائية فرأى زوجته في شرفة الغرفة تنظر لها بأعين نيرانية والغيرة قد وصلت لذروتها لديها وفقط يستطيع وصف نظراتها بأنها كانت تود أن تفتك بالجالسة بجواره وفي ظرف لحظة وجدها تدخل للداخل فعرف أنها قادمة إليهم ليقترب من ميار ويهتف ضاحكا 
_ نصيحة مني لو خاېفة على نفسك اهربي
حدجته بحيرة وقالت بتعجب متساءلة 
_ اهرب !! .. ليه !
_ هتعرفي دلوقتي ليه
ولحظات بظبط وكانت يسر تتحرك في اتجاههم وهي تبتسم بتصنع وحده هو استطاع فهم الحقيقة التي تخفيها خلف الابتسامة المزيفة وهي أنها تشتعل بنيران الغيرة ! وحين وصلت لهم جذبت مقعد صغير وجلست بجوار ميار ثم وجهت حديثها له هاتفة في رقة متكلفة 
_ إيه ياحبيبي ليه مش قاعد معانا جوا !
افتر عن ابتسامة عريضة ومتحمسة لما سيحدث الآن ولم يجب عليها فقط جلس بإرياحية أكثر على الأريكة مستندا بساعده على ذراع الأريكة وهو يجهز نفسه لمشاهدة المعركة الكلامية التي ستحدث الآن !! وبالفعل تحدثت إلى ميار بشيء من الغيظ ولكنها تخفيه بابتسامة صفراء 
_ عاملة إيه ياميار 
اجابتها في عفوية وابتسامة عذبة 
_ gut
كنا لسا بنتكلم عنك وبقوله إني مكنتش متوقعة ابدا إنكم تتجوزوا
القت نظرة مشټعلة عليه لتراه يحاول كتم ضحكاته ثم تعود بنظرها لميار وتهتف في هدوء ما قبل العاصفة 
_ مكنتيش متوقعة ليه ياحبيبتي !!
_ يعني أصل الكل بيشهد دايما على خناقكم وعارفين إن كان حسن كان مش بيستلطفك أوي يعني العلاقة ما بينكم مش قد كدا
لم يتمكن هو من حجب ابتسامته ولكنه اخفاها بيده متصنعا أنه يحك ذقنه ويقول في قرارة نفسه بتقولي إيه يابنت هتاكلك ! وبالفعل رأى في عيناها علامات الغيظ والسخط ولكنها تحكمت في انفعالاته وقالت باقتضاب 
_ كااان لمكن دلوقتي الوضع يختلف مش كدا ولا إية ياحبيبي 
وجهت له سؤالها في نظرات متقدة كلها غيرة وعصبية ليجيبها ضاحكا مسايرا إياها في كذبتها العلنية باستمتاع بغيرتها وعصبيتها التي تحاول اخفائها 
_ اممممم أكيد طبعا يختلف ويختلف كتير أوي كمان !!
هتفت يسر محدثة ميار في لؤم 
_ ألا قوليلي ياميار هو الفستان اللي كنتي لبساه الصبح ده مش من مصر صح أصل عجبني أوي وكنت عايزة اشتري زيه
ارتبكت قليلا بمجرد ذكر ماحدث بالصباح ولكنها قررت أن أن تكون لؤما أكثر منها وتسكتها تماما عن الكلام حيث قالت باسمة باستنكار 
_ وإنتي هتعملي بيه إيه يايسر اعتقد إنك مينفعش تلبيسه لإنك محجبة
بدأ الحديث يأخذ المنحني المفضل بالنسبة للشاهد الذي كان يتابع ما يحدث وهو يبتسم فوجد زوجته تضحك بخبث فاق مكر تلك الحمقاء التي ظنت نفسها قادرة على الانتصار عليها حيث قالت في خفوت ماكر ونبرة تقصد بها الإهانة ولكن بشكل غير مباشر 
_ لا ماهو إنتي متعرفيش إن الهدوم دي البنت بتلبسها في بيتها لجوزها بس مش في العلن
 

 


عشان أمة لا اله إلا الله تتفرج بس واضح إن تيتا مقالتش ليكي الكلام ده لإنك لو كنتي عارفة مستحيل كنتي هتطلعي قدام ولاد عمك بالمنظر ده وللأسف الكل فاهم لبستي كدا ليه واولهم زين 
نقلت ميار نظرها بين حسن الجالس وقد بدت علامات الدهشة على محياه حيث لم يكن يتوقع أن يكون ردها بهذا القسۏة فقد أصابت الهدف تماما بكلماتها ولم يعجبه آخر ما قالته بالأخص في وجوده فلم يكن هناك داعي لآخر جملة حيث هتف مقاطعا إياها بنظرة حازمة ونبرة قوية 
_ يسر !!!
التزمت الصمت بعدما رأت نظرته الغاضبة أما ميار فرمقتها شزرا وباغتياظ ثم هبت واقفة واتجهت لداخل المنزل فتقول يسر ساخرة بقرف 
_ وكمان ليها عين ترد عليا .. ده إيه البرود ده أما بنت معندهاش ډم صحيح !!
القى عليها نظرة مستاءة وزفر بنفاذ صبر وهو يشيح بوجهه عنها محاولا تهدئة نفسه حتى لا ينفجر بها وفي ظرف لحظة وجدها تثب وتجلس بجواره وتضربه على ذراعه بخفة هاتفة في غيرة شديدة 
_ شفتك بتضحك معاها بتضحك معاها ليه وكنتوا بتقولوا إيه هاااا !!
بدا مڤزوعا من وثوبها المفاجيء إلى جانبه وضربها له على ذراعه فصاح بها منفعلا 
_ وإنتي مالك كنا بنقول إيه !
فتحت عيناها على أخرهم مدهوشة من رده وقالت بعصبية وانفعال أشد منه 
_ أنا متقوليش إنتي مالك .. أنا مراتك ومن حقي اعرف كنت بتقول إيه لما تقعد مع بنت
ارغمته كلماتها وطريقة عصبيتها على الضحك ولكنه أيضا مازال محتفظا ببعض الغيظ حيث دفعها عنه هاتفا بأعين مشټعلة 
_ الشاي هيتكب عليا !! .. ابعدي كدا بقى دي إنتي لزقة إيه الغلاسة دي
عادت تلتصق به من جديد قاصدة استفزازه وهي تقول بسخط حقيقي وليس مزيف 
_ مش هبعد وهتقولي كنتوا بتقولوا إيه ياحسن
رفع كأس الشاي لأعلى يوهمها بأنه سيسكبه عليها ويقول بضحكة بسيطة منذرا إياها 
_ ابعدي هكب الشاي عليكي لو مبعدتيش والله
تراجعت للخلف وهي ترمقه شزرا بامتعاض وعيناها تطلق شرارات حمراء فاطمئن لها وانزل الكأس ليجدها تهجم عليه وتغرز اسنانها بغل في وجنته فيرتفع صوت تأوه پتألم وتثب هي واقفة راكضة بعيدا عنه حتى لا ينال منها وتسمعه يقول پغضب حقيقي هذه المرة واضعا كفه على وجنته 
هزت له كتفها يسارا ويمينا كوسيلة لزيادة ضجره وهي تضحك بخبث وتشفي ثم استدارت ودخلت للداخل تاركة إياه يتوعد لها 
انتهى اليوم العائلي والجميع رحل باستنثاء زين وملاذ الذين سيقضون اسبوعا كاملا معهم في المنزل بناءا على رغبة الجدة وقد دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل وجميع من في المنزل بمضاجعهم نائمون في ثبات بعد اليوم الطويل والمرهق الذي مر على الجميع بلا استثناء ! .
كان زين في فراشه جالسا ويستند برأسه على حافة الفراش من خلفه وبيده أحد الكتب الدينية يقرأ بها بتركيز شديد ولكن تشتت انتباهه بمجرد ما لمحها وهي تخرج من الحمام بعد أن أخذت قبل والغريب من كل هذا أنها كانت تتصرف بطبيعية تماما ولم تنظر لها مطلقا فقط تجفف شعرها بالمنشفة الجافة ومن ثم اتجهت إلى امام المرآة لتبدأ في تسريحه ! .
وكانت افكاره كالتالي ماذا تفعل ! هل تحاول !! .. أم أنها تحاول أن تسلبني عقلي حتى لا أفكر مجرد التفكير في ميار أي أنها تريد أن لا تجعل أي فرصة بيني وبين أي أفكار معاكسة قد تظهر فجأة في ذهني ! أخذ يحدق بها وهي تسرح شعرها وعيناه لا تنحرف عنها لثانية ويترك لعيناه الحرية في التأمل بهذه المرأة الفاتنة التي تقف أمامه بملابس مٹيرة ولم يعلم كم مر من الوقت وهو على هذه الحالة حتى وجدها تقف أمامه وهي تبتسم برقة وتتمتم في إحراج بسيط 
_ لو مش حابب أنام جمبك أنا ممكن أنام على الأرض عادي
يقسم لها أنه لو كان يوجد بهذه الغرفة اريكة لكانت ستجده فورا عليها فهو لا يضمن نفسه السيئة عندما تدخل معه في نفس الفراش بملابسها هذه وبالتأكيد لم يتركها تقضي ليلتها على الأرضية فافسح لها في الفراش عن مكان وقال بسخرية وجدية 
_ تعالي جمبي وبلاش هبل قال أنام على الأرض !!
ابتسمت ابتسامة خفية لن يتمكن من مشاهدتها ثم تمددت بجواره وسحبت الغطاء إلى جسدها وأخذت تتابعه بصمت وهو يقرأ في كتابه وبعد دقائق اعتدلت في نومتها وقالت بحماس مترددة في طلبها 
_ ينفع ندردش مع بعض شوية لو مش هتضايق 
ترك الكتاب من يده واسنده على الفراش بجواره ونظر لها متمتما بتنهيدة عميقة 
_ ندردش في إيه ياملاذ !
اقتربت منه واستندت بمفرقها على وسادة الفراش وكفها كان تحت وجنتها وهتفت في وجه بشوش 
_ في أي حاجة وأنا كنت حابة اسألك عن حاجة كدا
_ حاجة إيه .. اسألي !
أخذت نفسا
 

 


عميقا قبل أن تبدأ في سؤالها وهي تقول بهدوء مشجع 
_ يعني أنا كنت عارفة إنك في فترة خطوبتنا مكنتش بتكلمني لإنك كنت خاېف تغلط وتقول حاجة وتاخد ذنوب عليها من غير ماتحس لكن سؤالي بقى هو حرام فعلا إن البنت تكلم خطيبها !
ابتسم لها بحنو وأجابها بنبرة متشبعة بحرارة الحديث في ابتسامة ناعمة 
_ لا مش حرام طبعا ياملاذ وإلا مكنتش هكلمك نهائي .. بس مش حرام لما المكالمة تبقى لمجرد السؤال والاطمئنان فقط زي ما كنت بعمل يعني كل كام يوم كنت بكلمك اسأل عليكي واطمن عليكي واقفل أو مثلا لو كانوا بيتكلموا عن حاجة تخص شقتهم وكدا لازم يتفقوا مع بعض ويتكلموا عشان يجهزوا شقتهم وبرضوا بيبقى الكلام بحدود وبضوابط محددة لكن إيه هو الحړام بقى .. الحړام اللي بيحصل حاليا ده خطيبي وبتكلم معاه في التلفون بيطمن عليا .. وبيطمن عليها دي اللي هي ساعتين أو تلاتة في كلام ملوش لزمة وعاملة ايه ياحبيبتي ووحشتيني ومعرفش إيه الكلام ده كله حرام زي ما هو حرام إن يبقى في ولازم يبقى في غض بصر وكمان أنه يلمسك أو يمسك إيدك زي ما بيحصل حاليا ده غلط لإن الخطوبة دي وعد بالزواج مش زواج يعني خطيبك ده غريب عنك واجنبي زيه زي أي راجل ماشي في الشارع غريب هل هتسمحي لحد غريب يلمسك أكيد لا وهو كذلك مينفعش
هزت رأسها متفهمة كلامه جيدا ثم قالت باسمة بمشاكسة 
_ وإنت عشان كدا عجلت في الجواز
_ امممم لإني مبحبش الخطوبة دي نهائي وكنت بتعمد إني مكلمكيش أو اشوفك غير لما تبقى مراتي عشان تبقى كل حاجة حلال ومفيش حاجة غلط
تمتمت في نظرات غرامية وهائمة في بحور عشقه ونبرة تعزف سيمفونية حب ساحرة 
_ بجد أنا بحمد ربنا كل يوم إنه كرمني بيك يازين .. ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
افترت شفتيه عن ابتسامة عاطفية ومد يده يعبث بخصلة شعرها المتمردة هامسا 
_ طيب نامي يلا عشان الوقت اتأخر تصبحي على خير
ثم تمدد على الفراش وهم بأن يوليها ظهرها ولكنها اوقفته بقبضة يدها التي على كتفه وقالت بتعجب به بعض 
_ مش هتقولي ويخليكي ليا إنتي كمان !!
قهقه بخفة وأجابها معيدا ماقالته للتو في دفء 
_ ويخليكي ليا ياملاذ حلو وجعلت وجهتها أمامه بالضبط تحدق به وهي تبتسم بسعادة غامرة بعد أن شعرت بدنو هدفها بينما هو فكان يوليها ظهره لا يرى وجهها الذي يتلون بمائة لون في اللحظة الواحدة من فرط سعادتها وظلت هكذا لدقائق حتى غلبها النوم وابحرت في عالم احلامها الخاص فيلتفت هو برأسه ناحيتها ثم بجسدها كاملا ويبتسم لها وحين وجدها بدأت تشعر به وستستيقظ فابتعد عنها فورا واغمض عينه سريعا متصنعا النوم !!!!
ترجلت رفيف من السيارة في صباح مشرق ودافيء ووقفت لدقائق وتحدق بالمطعم من بعيد وتفرك يديها ببعضها في توتر تحاول استدعاء بعضا من ثقتها بنفسها وشجاعتها لتظهر أمامه في أول يوم عمل بينهم بكامل الثقة والشموخ ولكنها تعرف حق المعرفة أنها ستذعن لتوترها وإعجابها به بمجرد رؤيته وفورا عصفت صورة أخيها في ذهنها فقالت پخوف في قرارة نفسها ماذا لو كان زين ينتظرني معه بالداخل .. لا لا استطيع يجب علي أن اضع الحدود لاضطرابي ومشاعري الحمقاء هذه فهندمت من ملابسها جيدا وقادت خطواتها بكامل الثقة والثبات تجاه الداخل وبمجرد دخولها استقبلتها الفتاة التي تعمل في الشركة وقد كلفها أخيها بمهمة مساعدتها حتى لا تبقى بمفردها .
حدتثها رفيف في نظرات تتجول في ارجاء المطعم بأكمله 
_ أستاذ إسلام وصل يارحاب
اماءت لها بالإيجاب وقالت باسمة 
_ أها ومستنيكي جوا عشان نبدأ في الشغل فورا
أخذت نفسا عميقا ثم قادت خطواته نحو جزء داخلي في المطعم فوجدته يجلس على طاولة متوسطة وأمامه أوراق بعضها كبير والآخر صغير ومنشغل بتفقدهم والعمل لتتحرك نحوه وتقف قائلة بخفوت 
_ أستاذ إسلام
رفع نظره لها وهب واقفا فورا وهو يجذب عكازه ليستند عليه في الوقوف ويمد يده مصافحا إياها في عذوبة لتمد يدها وتتصافح معه بسطحية شديد ثم تسحب المقعد المقابل له للأمام وتجلس هاتفة باعتذار بسيط 
_ اتأخرت عليك أنا آسفة بس الطريق كان واقف
هز رأسه نافيا يوضح له بساطة الأمر ويقول ببشاشة 
_ لا متأخرتيش أنا لسا واصل قبلك بدقايق أساسا
افترت عن ابتسامة خفيفة على شفتيها وهي تقاوم ارتباكها منه ثم نظرت إلى الأوراق وعادت بنظرها له مجددا تهز رأسها بعدم فهم ليقول في رسمية تليق بصوته الرجولي 
_ تمام بصي الورق ده فيه كل حاجة ومحتاج قعدة كدا طويلة عشان افهمك كل حاجة فيه ونشتغل صح واحنا وبنشتغل فنجان قهوة كدا هيظبط كل حاجة بتشربي قهوة 
تلعثمت لسبب مجهول هل لرسميته أم لوسامته أم لماذا لا تعرف ولكنها نفرت تلك الأفكار
 

 


واستغفرت ربها في نفسها ثم قالت في هدوء تام 
_ أكيد بشرب قهوة
هب واقفا وتحامل على عكازه موليا إياها ظهره وقبل أن يتحرك خطوة للأمام الټفت برأسه ناحيتها وقال في ابتسامة اظهرت عن غمازته 
_ فطرتي ولا اطلبلك فطار
بادلته الابتسامة التي كادت أن تكون ضحكة وقالت بامتنان 
_ فطرت الحمدلله شكرا
عاد يوليها ظهره مجددا وسار مبتعدا عنها ليقوم بتحضير القهوة لكليها كما قال وتركها تتخبط في صراعتها وهي ټعنف نفسها بشدة ولوهلة فكرت بأن تقول لأخيها بأنها لا تريد أن تتولي هذه المهمة فمن جهة توترها منه ومن جهة ضميرها الذي يلومها بشدة لأنها تعرف أن تلك المشاعر خاطئة ولا تجوز 
داخل منزل حسن العمايري 
كانت يسر تمسك باختبار الحمل بيدها وتحدق به پخوف ومشاعر متضاربة وتخشى أن تقوم بأجرائه فترى النتيجة إيجابية بالتأكيد ستفرح كثيرا بمجرد تخيل أنها تحمل قطعة منه داخلها ولكنها تفكر كيف ستكون ردة فعله ياترى حين يعرف ! .
اتخذت قرارها النهائي وهو أن تقوم بأجرائه حتى تطمئن نفسها القلقة منذ تأخر موعد دورتها الشهرية عنها لأيام .. استقامت ثم دخلت الحمام وقضت دقائق طويلة ثم فتحت الباب وخرجت وهي تحدق بنتيجته والتي كانت تظهر شرطتين ! فشهقت بذهول ووضعت كفها على فمها لا تصدق ما تراه عيناها وتهتف بضحكة بلهاء أنا حامل بجد !! .
خرجت من غرفتها بعد دقائق وبعد أن هيأت نفسها لأخباره بكامل القوة والثبات دون ضعف واتجهت إلى غرفته ثم فتحت الباب لتراه يستعد للنزول ويصفف شعره بحرص شديد لتهتف في نبرة عادية بعض الشيء 
_ رايح فين !
الټفت لها برأسه وطالعها باستهزاء متمتما في حدة 
_ أظن حاجة متخصكيش
هدأت نفسها تماما بصعوبة ثم تحركت نحوه ووقفت بجواره هاتفة في جدية ونظرة مريبة 
_ عايزة أقولك حاجة
القي نظرة عليها بطرف عيناه متعجبا من نبرتها ونظرتها وأحس بأنه أمر جديا بالفعل فقال بحيرة 
_ في إيه قولي !!!
اصدرت زفيرا حارا استكاع سماعه وبكامل شجاعتها وقالت بدون مقدمات 
_ أنا 
_ الفصل التاسع عشر _
اصدرت زفيرا حارا استطاع سماعه وبكامل شجاعتها قالت بدون مقدمات
وكأن صاعقة من السماء اصابته في أرضه فوقف مصډوما لا يتحرك ولا يتحدث وفقط يحاول تكذيب ما سمعته أذناه للتو هل قالت حقا أنها حامل !!! لا هذا لا يمكن حدوثه أبدا ولن يسمح له بأن يحدث .. الټفت لها كاملا بجسده وأصبح في مقابلة وجهها مباشرة وهو يقول ضاحكا بسخرية وعدم تصديق 
_ نعم !!!!
عادت عليه جملته ضاغطة على الكلمات وهي تخرج من فمها 
_ زي ما سمعت أنا حامل ياحسن !
تحول لجمرة نيران ملتهبة بإمكانها أن ټحرق كل شيء حولها وهي أول من سلتحقها نيرانه حيث فقد السيطرة على نفسه وهيمنت عليه انغعالاته وعصبيته التي لربما أول مرة تراها وجذبها من ذراعها صارخا بها بصوت جهوري ومخيف 
_ حامل يعني إيه هااا يعني إيه حامل إنتي هتستعبطي !!
ا على أثر صرخته وصوته الذي أول مرة تسمعه بهذه النبرة المرعبة وكادت أن تظهر أمامه خۏفها ولكنها مازالت يسر الصامدة والقوية حيث دفعت يده عنها بكامل قوتها وصاحت به مثلما يصيح بها 
_ متعليش صوتك عليا كدا ماكله بسببك .. إنت السبب في اللي حصل واللي أدي للنتيجة دي
لم تهدأ ثورته وهيجانه حيث أكمل صياحه بعدم استيعاب 
_ محصلتش حاجة بينا غير مرة واحدة حصل حمل إزاي أنا عايز أفهم !!!
_ وربنا أراد أنه يحصل حمل هتقول لا لإرادة ربنا !!
رفع سبابته في وجهها محذرا إياها بنظرات تركت آثار سلبية في نفسها وارعبتها 
_ عارفة يايسر لو دي حركة ژبالة من حركاتك عشان تحاولي تجبريني إني مطلقكيش اقسم بالله لاوريكي اللي عمرك ما شوفتيه في حياتك
فقدت زمام نفسها هي الأخري وصړخت به في نبرة جلجت الغرفة 
_ هتعملي إيه يعني هااا .. قول هتعمل إيه !
كان يطلق زئيرا مكتوما من بين شفتيه ويجز على اسنانه بقوة كادت أن تتكسر من فرط الغيظ ثم ابتعد عنها وأخذ يجوب في الغرفة ذهابا وإيابا وهو يضع كفه على شعره يحاول التفكير في هذه المصېبة التي سقطت فوق رأسه حتى توقف فجأة وقال في قسۏة بالغة ونظرات لا تحمل أي رحمة 
_ الطفل ده لازم ينزل
آخر شيء كانت تتوقعه أن يطلب هذا الطلب هل حقا يطلب منها إجهاض طفلهم البريء من كل شيء حدث ! وينتظر منها أن توافق بمنتهي السهولة ! . يبغضها للدرجة التي جننته بمجرد تخيل بأنه سيكون لديه طفل منها وستكون هي أمه !! بالتأكيد هو ليس واع لما يطلبه منها ويحتاج إلى من يردعه عن سخافاته هذه حيث قالت باندهاش وضجر 
_ ينزل !! أنت مدرك إنت بتقول إيه !
_ أيوة مدرك لأن ده هو الحل الانسب للمصېبة اللي حطيتني
 

 


فيها
استفزها بشدة وصاحت به مندفعة في ڠضب عارم 
_ والمصېبة دي زي ما قولتلك إنت السبب فيها ذنبه إيه الطفل ده في كل حاجة بينا ملوش ذنب عشان نقتله .. وأنا مستحيل اقتل روح بريئة واغضب ربنا ده ابني ولا يمكن اقتله ياحسن لو إنت مش عايزه فأنا عايزاه
تصر على زيادة الأمر سوءا وتجعل من غضبه يتفاقم ويزداد اشتعالا ولابد من أنه سيفقد زمام نفسه بالكامل إن استمرت بهذه الطريقة ! .
صاح في انفعال مرعب ونبرة أشبه بالسابقة 
_ أنا على أخرى يايسر متخلنيش أعمل حاجة اندم عليها بعدين
وقفت أمامه مباشرة وقالت باسمة بتحدي وسخرية 
_ إيه هتسقطني !!
_ لو لزم الأمر هعمل كدا فعلا
قالها بقسۏة فاقت كل شيء فنجح في إخراج حقيقتها الشرسة والجبارة التي لا تقهر حيث هتفت في أعين ڼارية ونبرة لا تحمل تهاون 
_ ولو حاولت تقربلي بس أو ټأذي ابني هاخد روحك ياحسن
القى عليها نظرة صامتة ومتقززة ثم استدار وهم بالرحيل ولكن وقف عند الباب والټفت برأسه لها هاتفا وهو يرفع سبابته في وجهها بلهجة آمرة 
_ هتنزليه يايسر برضاكي أو ڠصب عنك وإياكي تقولي لحد إنك حامل فاهمة ولا لا وبذات ماما 
فتح كرم عيناه واعتدل في نومته وهو يفرك عيناه ليزيح عنهم أثر النعاس الذي لا زال يسيطر عليه بعد ليلة الأمس الطويلة وامسك بجبهته يفركها بقوة وخنق من ألم الصداع الذي ايقظه من نومه ثم القى نظرة على الفراش بجواره ليجده فارغ فاعتقد أنها بالخارج انزل قدميه من على الفراش واستقام واقفا وهو يتمطع بذراعيه للخلف ويتثاوب وكانت وجهته الأولى نحو الحمام الداخلى في غرفتهم فأخذ حمام صباحي دافيء ومنعش ثم خرج وهو يرتدي بنطال منزلي أبيض و المنشفة يتحرك برأسه يمينا ويسارا بقوة لينثر قطرات الماء عن شعره ولكنه توقف حين صك سمعه صوت رنين هاتفه فأمسك به وقرأ اسم المتصل الذي كان مسعد وأجاب عليه في جدية 
_ أيوة يامسعد 
_ أيوة ياكرم بيه أنا حاولت اوصل لأي حد من عيلته أو صحابه معرفتش مفيش أي أثر ليه أو ليهم
القة بالمنشفة على الفراش وهو يتأفف بوجه بدأت تظهر عليه قسمات السخط 
_ والبنت اللي قولتلك عليها !
قال وهو يهز رأسه نافيا 
_ للأسف برضوا ملقتهاش لا هي ولا أمها
كور قبضة يده بغيظ وقال يحاول تمالك أعصابه 
_ طيب يامسعد خلاص أنا هشوف
ثم انهى الاتصال معه والقى بالهاتف على الفراش وهو يهتف متوعدا وعيناه تلمع بوميض الاڼتقام الحقيقي 
_ هتروح مني فين مسيرك هتقع تحت إيدي .. لو نزلت سابع أرض هجيبك
ثم أخرج تيشرت له من الخزانة وارتداه وهو يتجه نحو الباب ليغادر الغرفة ويسير بخطواته نحو المطبخ باحثا عنها فلم يجدها ثم يخرج ويبدأ بالبحث عنها في غرفة مكتبه الخاصة التي يوجد بها صورة أخيها الضخمة ولكن أيضا لا أثر لها فعقد حاجبيه بريبة وبدأ يصيح مناديا عليها 
_ شفق !!!
لم يجد إجابه منها فاندفع نحو بقية الغرف يفتش عنها في المنزل الواسع بأكمله وهو لا يتوقف عن منادتها ولكن المنزل كان فارغ تماما منها ليتوقف ويتساءل في حيرة وقلق إلى أين ذهبت دون أن تخبرني !!! هو غاضب أساسا والآن سيزداد سخطه الضعفين فكيف لها أن تخرج بمفردها ألم يخبرها ويلقي عليها تنبيهاته الجادة بعدم الخروج بدونه فهو لا يضمن ذلك الوغد ويخشى أن يستغل الفرصة حين تكون بمفردها فيحاول أذيتها ولكنها لا تفهم هذا وتصر على تعريض حياتها للخطړ .
توجه وجلس على الأريكة الكبيرة وقدماه تهتز من فرط الأستياء ينتظر عودتها وأخذ قرار بأنه سيحاسبها عند عودتها على إهمالها ولن يشفق عليها كعادته ولن يكون لطيفا وجميلا كما اعتادت منه !! .
وبالفعل مر مايقارب الخمس دقائق بضبط وعيناه معلقة على ساعة الحائط لا تنزل عنها وعند الدقيقة الخامسة فتحت الباب ودخلت وهي تحمل بيدها أكياس طعام فحدجها بنظرة جديدة تماما منه اربكتها وجعلتها تغلق الباب بهدوء وهي تحاول إخفاء توترها من نظرته الغريبة حتى سمعت صوته وهو يسألها بخشونة 
_ روحتي فين 
رمقته بنظرة زائغة ومرتبكة بعد سمعت نبرته الجديدة تماما على مسامعها وتمتمت في تلعثم 
_ ن..نزلت اشتري كام حاجة من السوبر ماركت اللي جمبنا
عاد يسألها ولكن بصرامة أشد 
_ وأنا منبه إيه عليكي !
التزمت الصمت وهي تجفل نظرها أرضا في خجل وضيق عندما تذكرت تنبيهاته لها لتسمعه يقول في نبرة لا تحمل أي رفق أو حنو 
_ ردي !!
غمغمت وهي لا ترفع نظرها له وبوجه واضح معالم الندم 
_ منبه إني مطلعش من البيت
_ والسبب !
هنا رفعت نظرها له وحدجته بصمت للحظات فتجده يهز رأسه وبنظرة قوية يخبرها من خلالها أن تجيب على سؤاله فتقول بتوتر وأعين على وشك أن تجتمع بها
 

 


الدموع 
_ عشان ميستغلش الفرصة ويحاول يأذيني
ليتزين وجهه بابتسامة مخيفة ويكمل بنفس حدته في الكلام 
_ طيب ما إنتي عارفة أهو كل حاجة يتطلعي وحدك ليه بقى !
شعرت بغصة مريرة في حلقها وأنها على وشك البكاء فشدت على محابس دموعها وقالت بصوت ضعيف 
_ أنا آسفة !
ارتفعت نبرة صوته قليلا وهو يقول بانفعال 
_ اعتذارك مش مقبول ياشفق .. لإن اللي حصل ده إهمال منك لما امسكه واخلص عليه سعتها مش همنعك وتقدري تطلعي زي ما إنتي عايزة لكن أنا بحاول احميكي واحافظ عليكي عشان دي مسئوليتي تجاهك وإنتي مهملة اللي حصل النهردا ده ميتكررش تاني مفهوووم
كان توبيخه لها قاسې بشدة وبالأخص لأنها لم تعتاد منه على التوبيخ والحدة في الكلام وفقط اعتادت علي لطافته ومعاملته الطيبة ورقته في الحديث فتركت كلماته ونظراته ونبرته أثرا سلبيا في نفسها الرقيقة ونجحت دموعها في اختراق الحصون حيث هطلت على وجنتيها وهي تهز رأسها له بالموافقة والخضوع ثم اندفعت نحو غرفتها تنعزل فيها قليلا عن أي شيء !! 
نزلت ملاذ من الدرج وهي تلقي عليهم تحية الصباح ثم انضمت لهم على المائدة وكانت ترتدي بيجامة منزلية لطيفة وهادئة فكانت نظرات الأربع نساء معلقة عليها وكانت نظرات الجدة وميار مليئة بالحقد والغل على عكس هدى ورفيف التي كانت عادية تزينها ابتسامتهم الصافية ! .
ثم هتفت هدى متعجبة عندما انتظرت للحظات أن يأتي ابنها خلفها وينضم لهم أيضا ولكن لم يأتي 
_ زين لسا نايم ولا إيه ياملاذ !
هزت رأسها بالتفي واجابت عليها في أدب وابتسامة عذبة 
_ لا زين طلع من الساعة 7 عشان معاه شغل مهم واجتماع وقالي إنه هيخلص وياجي يعني ممكن كمان شوية وياجي
_ طلع من غير مايفطر 
زمت شفتيها للأمام تؤكد على سؤالها بالإيجاب لتسمع صوت الجدة وهي تهتف بحزم ونظرة متقدة 
_ مينفعش تخلي جوزك يطلع من غير فطار
هي تحاول تمالك نفسها أساسا وهذه المرأة هي وحفيدتها الافعى يحاولون استفزازها ولكنها ستكون أكثر أدبا ولطفا فقط احتراما لزوجها وقالت في وجه نجحت في رسم الابتسامة عليه بصعوبة 
_ والله حاولت معاه بس هو كان مستعجل وحضرتك عارفة إنه عنيد أكيد وقالي هيفطر في الشركة واتصلت بيه قبل ما انزل ليكم عشان اتأكد قالي فطرت
قالت ميار بنبرة ماكرة قاصدة اوقاعها في الكلام 
_ على حد علمي إن زين مبيطلعش من غير فطار أبدا ومش بياكل من restaurants مطاعم بالألمانية 
إنت اصمتي ولا تتحدثي أبدا فكم أود أن 
_ اهاا عندك حق بس أصل في حاجة كدا مضايقاه وسدت نفسه عن الأكل تحبي تعرفي إيه هي !
وضعت رفيف الجالسة بجوارها كفها على قدمها من اسفل المائدة لتهدئها وهي تنظر لها بابتسامة مزيفة ففهمت ما ترسله إليها من خلالها لتصمت وهي تصر على أسنانها بغيظ أما الجدة فقد ابتسمت بلؤم وتبادلت النظرات هي وحفيدتها وعندما لاحظت نظراتهم شعرت بأنها ستفقد زمام نفسها فهبت واقفة وهي تعتذر منهم وعادت لغرفتها لتتأفف هدى بخنق وتنظر للجدة في جدية وضيق فتبادلها هي نظرات غير مكترثة وكذلك رفيف التي لم تتحمل الأجواء الموترة للأعصاب واستقامت وهي تقول 
_ أنا رايحة الشغل ياماما عايزة حاجة
_ لا ياحبيبتي عايزة سلامتك خلي بالك من نفسك
اماءت لها بالموافقة ثم اتجهت نحو الباب وفتحته فتندهش بأخيها وهو يحدقها بحنو ثم دخل وبدأ في نزع حذائه عنه وهو يقول 
_ السلام عليكم
_ اقعد افطر ياحبيبي
_ فطرت الحمدلله ياماما .. امال فين ملاذ مش بتفطر معاكم ليه 
اجابته هدى في اختناق 
_ طلعت دلوقتي على الأوضة
حدق بها بأعين تحاول قراءة ما يحدث بسبب نبرتها ونظرتها ولكنه فشل فسأل في ريبة 
_ ليه !
القت أمه نظرة ممتعضة على الجدة بها شيء من عدم الحيلة لينقل نظره هو لجدته وسرعان ما توقع الذي حدث لتتبدل حالته من الهدوء والبشاشة إلى الضجر وكانت نظرته لجدته كفيلة لتوضح كل شيء يود أن أن يقولها لها ثم تركهم واتجه نحو غرفته وكانت ميار تتحرق غيظا فهو لم يلقي عليها نظرة واحدة فقط وكأنها نكرة !! .
فتح الباب ثم دخل واغلقه خلفه بهدوء ليلقى نظرة عليها فيجدها تجلس على حافة الفراش وساقيها تهتز پعنف من فرط غيظها وتفرك اصابعها ببعضهم فزدادت ريبته وظن بأن الأمر جديا بالفعل بما إنها غاضبة لهذه الدرجة اقترب منها ليجلس بجوارها هامسا في خفوت 
_ حصل إيه تحت !
نظرت له وقالت في اقتضاب وأعين تشتعل بنيران حمراء 
_ محصلش حاجة بس لو كنت قعدت ثانية واحدة كمان كان هيحصل وكنت هتاجي تلاقيني
 

 


جايبة بنت عمك الحرباية دي من شعرها
لم يبدي أي ردة فعل وبدا هادئا تماما وهو يعاود سؤالها 
_ حصل إيه للعصبية دي كلها !
لم تجيبه على سؤاله ولكنها عادت تعيد ما قالته تلك الأفعى الشقراء تقلدها بحركات يد مضحكة 
_ اللي أعرفه إن زين مش بيطلع من غير ما يفطر ومش بياكل من restaurants .. بنت مستفزة صحيح !!
ثم عادت تثبت نظرها عليه وهي تهتف في أعين ڼارية وملتهبة بنيران الغيرة 
_ هي تعرف منين إنك مش بتطلع من غير فطار ومش بتاكل من مطاعم !!
انحرفت شفتيه لليسار قليلا لتظهر عن ابتسامة خفيفة حين رأى نيران الغيرة بعيناها وهي تأكلها أكل وقال بصدق وهو يضحك 
_ هي قالتلك كدا !!! معرفش عرفت إزاي ممكن تكون جدتي قالت ليها !
_ بس وحياتك لاوريها البنت الرخمة دي
هتف ببساطة وابتسامته لم تفارق شفتيه 
_ أنا مش قولتلك نرجع بيتنا أفضل بس إنتي اللي صممتي إننا ناخد الأسبوع هنا
هدرت في إصرار شديد وعدم تنحي عن قرارها 
_ أيوة ومازالت عند قراري ويا أنا يا هي عشان تحرم بعد كدا ما تفكر مجرد التفكير فيك
عقد حاجبيه وتمتم في عدم تصديق بوجه سمح 
_ إنتي غيرانة للدرجة دي بجد ياملاذ !!
توترت وتلعثمت بعدما سمعت ما قاله ولم تعرف بماذا تجيبه فهيمن عليها الصمت القاټل للحظات وهي تحدق به فقط وتصرخ بعقلها قائلة هيا اسعفني بسرعة ماذا اجيب عليه ! وبعد ثلاث ثواني اشاحت بنظرها عنه وهي تهتف في استحياء وصوت مضطرب 
_ لا مش غيرة بس هو الكائن ده كل ما بيتكلم بيعصبني
أطلق ضحكة مرت
فتحت هي عيناها واعتدلت في جلستها بعدما أدركت أنها غفيت على مقعدها الهزاز في الشرفة دون أن تشعر وفركت عيناها بخمول ثم هبت واقفة ودخلت للغرفة واغلقت باب الشرفة لتسدير وتعود لفراشها .. مددت نصف جسدها السفلي وجذبت الغطاء عليه ثم رفعت نظرها إلى ساعة الحائط فوجدتها تخطت الثانية عشر بعد منتصف الليل لتتنهد بأسى وتسأل نفسها بحزن هل هو غاضب مني لهذه الدرجة فهو لم يتأخر خلال الأيام السابقة لهذا الوقت أبدا !! .
وظلت لدقائق مثبتة نظرها على الساعة وهي تحاول تهدئة نفسها بأنه سيأتي الآن وسرعان ما علت ابتسامتها لشفتيها العابسة حين سمعت صوت باب المنزل ينغلق ولكن أخفت ابتسامتها وبقيت كما هي على وضعها ترسم العبوس من جديد على محياها لتوهمه بأنها أيضا غاضبة من طريقته الجافة معها في الصباح وانتظرته للحظات لكي يدخل وحين فتح الباب فتحة بسيطة والقى نظرها عليها هخانتها نظراتها ونظرت له ولكنها اشاحتها فورا عنه ليفتح هو الباب كاملا ويدخل ثم يغلقه خلفه ويقترب ناحيتها وهو يلف كلتا ذراعيه خلف ظهره يخفي شيء مجهول كانت ستحترق من فرط فضولها لمعرفته ! وحين رأته يجلس بجوارها على الفراش وهو يطالعها بتعويذة شفتيه الباسمة فرفعت رأسها بسيطا للأعلى رافضة النظر له متصنعة الثبات أمام نظراته وابتسامته وتحدث نفسها بتحدي لا مش هضعف قدامه .. مش هضعف !! وسرعان ما تراجعت
 

 


حين سمعته يهمس في نبرة نجحت في اوقاعها بشباكه مثل كل مرة 
_ أنا آسف !
خنثت وعدها مع نفسها دون تفكير حيث نظرت لها وهي تظهر جزء بسيط من ابتسامتها التي اتسعت بشدة واظهرت عن اسنان ناصعة البياض عندما وجدته يسترسل في اعتذاره الجميل مثله 
_ عارف إنك زعلانة مني ! أنا آسف مكنش قصدي اتعصب عليكي أو اتكلم معاكي بطريقة قاسېة سامحيني أنا حبيت آجي اعتذرلك ومتأكد إن قلبك طيب ومش هتكسفيني وطبعا مينفعش آجي اعتذرلك وأنا إيدي فاضية
ثم أخرج يديه الذي خلف ظهرها وهو يمسك بهما عبلة من أفضل أنواع الشوكولاته واغلاها لتحدق بالعلبة المتوسطة والممتلئة بأنواع مختلفة من الشوكولاته في ذهول وصاحت في عفوية وسعادة 
_ الله !!
ضحك بخفة وقال في نبرة دافئة 
_ من خلال معرفتي المحدودة مع رفيف اللي أعرفه إن البنات كلها بتحب الشوكولاته فقولت اصالحك بدي واتضح إنك من عشاقها غالبا
جذبت العلبة من يده وفتحتها وهي تحدق بالأنواع المختلفة ثم نظرت له وقالت بفرحة شبيهة بفرحة طفلة 
_ كله ده ليا وحدي بجد .. أنا بعشق الشوكولاته بطريقة متتخيلهاش
 
_ ميرسي جدا ربنا يخليك ليا ياكرم
دهش في باديء الأمر من حركتها المفاجأة وتعلثم كعادته ولكنه مد يده وملس على ظهرها في حنو ورقة وهو يبتسم ثم ابتعدت هي عنه وفتحت العلبة من جديد والتقطت أحد الأنواع المفضلة لديها وبدأت تأكلها برقة وبمجرد ما أدخلت قطعة صغيرة في فمها أصدرت أنينا متلذذا وهي تبتسم ومغمضة عيناها ليجدها تصدر حركات طفولية بجسدها وهي تضحك قائلة 
_ الله حلوة أوي نفسيتي كانت محتاجة ده بجد !
قهقه بقوة على حركاتها العفوية لتطالعه هي بابتسامة بها شيء من الحياء البسيط ثم مدت يدها بقطعة شوكولاته إلى فمه لينفر هو قائلا بنفور 
_ تؤتؤ مش بحب الحجات دي مليش فيها
رمقته بنظرة حادة وقالت بحدة مزيفة ونبرة آمرة وهي تخفي ابتسامتها بصعوبة 
_ افتح بقك
فتحه مغلوبا على أمره لتضعها في فمه فيغلق هو فمه ويأكلها وعلامات النفور والتقزز بادية على ملامحه فتضحك هي على منظره وتقول ساخرة 
_ طيب والله طعمها جميل جدا ده أنا أخدت pour رهيبة بسببها
ليجيبها وهو لا يطيق ذلك الشيء الذي وضعته في فمه 
_ أمممم جميلة فعلا !!
ثم الټفت خلفه وجذب كوب الماء الممتلئ على المنضدة الصغيرة وشربه دفعة واحدة ليزيل ذلك الطعم الذي يشعره بالرغبة في التقيأ ويعود يكمل ببساطة 
_ أنا عدو الحلويات وأي حاجة مسكرة وعندي حساسية منهم
شهقت بفزع وقالت في خوف حقيقي 
_ يعني اللي اكلتها دي هتتعبك !
هز رأسه نافيا وهو يبتسم بلطافة متمتما 
_ لا مش هتعملي حاجة متقلقيش
لتأخذ نفسا عميقا بارتياح وتجده يهتف بمرح يسرق القلب 
_ هااا نقول صافي يالبن خلاص 
_ حليب ياقشطة
أكمل مداعبته لها بعدما فهم نبرتها الخبيثة ونظرتها وقال ضاحكا 
_ أنا بتعاكس ولا بيتهألي !!
انطلقت منها ضحكة متأججة وقالت هي ترفع سبابتها متصنعة البراءة 
_ لا متفهمنيش صح !
نجحت في اطلاق ضحكته المرتفعة والجميلة وغمغم مشاكسا 
_ هحاول افهمك غلط !
ثم هب واقفا واتجه إلى الخزانة وأخرج ملابس المنزل خاصته واتجه إلى الحمام ليبدل ملابسه وهو يلقي عليها نظرة باسمة وبمجرد ما ان دخل واختفي عن انظارها أصدرت تنهيدة حارة وهي تبتسم بهيام فقلبها يتعمق كل يوم أكثر في عشق فريدها ووسيمها 
فتح حسن باب المنزل ودخل ثم اغلق الباب خلفه وبدأ في نزع حذائه عنه وإذا به يسمع صوتها وهي تتحدث في الهاتف فاسرع في نزع حذائه واندفع نحوها بعدما توقع مع من تتحدث وبالفعل بمجرد ما أن وقف أمامها مدت يدها له بالهاتف وهي تبتسم بلؤم 
_ خد كلم مامتك
اشتعلت نظراته وحدجها شزرا ثم جذب الهاتف من يدها پعنف ووضعه على أذنه يجيب على أمه بمضض 
_ أيوة ياماما
اتاه صوت أمه الضاحك وكانت في قمة سعادتها 
_ الف مبروووك يابني أخيرا ياحسن هشيلك ولاد ياحبيبي .. الفرحة مش سيعاني والله
القى نظرة مرعبة على يسر وهمس لها في وعيد حقيقي 
_ وحياة أمي لأربيكي
ثم عاد يجيب على أمه باقتضاب 
_ الله يبارك فيكي ياماما
_ خلي بالك من مراتك ومتخليهاش تتعب في البيت ولو زعلتها ياحسن حسابك معايا أنا الزعل وحش على الجنين وأنا عايزة حفيدي ياجي صحته زي الفل
_ حاضر
قالها بامتعاض حتى ينتهي من هذا الحديث المستفز ويتفرغ لتلك الأفعى ويلقنها الدرس الذي تستحقه ولكن بمجرد ما أن انتهت والدته أخذت منها الهاتف الجدة وهي تلقي التهئنات عليه وسعادتها لا تختلف عن هدى كثيرا وهو يكاد يشعر بأنه سينفجر من
 

 


الغيظ وحين انتهى من حديثه معهم القى بالهاتف على الأريكة وصړخ بها بوجه عبارة عن بركان خامد مازال لم ينفجر حتى الآن 
_ أنا قولتلك إيه الصبح !
تجاهلت كلامه وعصبيته وقالت ببرود 
_ وأنا قولتلك إني مش هنزله
ثم أكملت بخبث 
_ تخيل مرات عمي تعرف بإنك عايز تطلقني وإنك مش عايز الطفل وعايزني انزله ممكن يحصلها إيه وهي تعبانة وعندها القلب
قبض على ذراعها پعنف وصاح في صوت جهوري 
_ هتنزليه يايسر .. وزي ما بتمثلي وبتكدبي هتكدبي وتقولي إنه الحمل مكملش واجهضتي
ابتسمت بمرارة وقالت في خذي 
_ إنت إزاي كدا ! إزاي قاسې بالشكل ده مفيش ذرة رحمة في قلبك لطفل وفهمنا إنه مش فارق معاك طيب وأنا !! إنت بتعرض حياتي للخطړ باللي بتطلبه مني عمليات الإچهاض دي بتبقى خطېرة هيكون إيه منظرك قدام نفسك وضميرك لو عملتها وحصلتلي حاجة أو مت
ثم دفعت يده عنها وقالت بنفس نبرتها السابقة 
_ ده ابنك !! أنا كان عندي أمل إنك على الأقل تقول ده ابني ومش هفرط فيه حتى لو إنت مش عايزني وجوازنا ممكن ميكملش بس مكنتش منتظرة منك كدا ومتوقعتش إنك تطلب مني انزله وتجازف بحياتي
 
_ وأنا مش عايزه عشان منك وإنتي امه يايسر
غامت عيناها بالعبارات بعدما احست پسكين رشقت في يسارها بسبب كلماته المسمۏمة في كل يوم تقول بأنها ستصل لمبتغاها حتما ولكن يأتي هو ويعيدها للصفر بقسوته وكانت قد سعدت اليوم بخبر حملها واعتقدت بأنه فرصة اهداها إياها الله لتتمكن من كسب قلبه ويكون لديها وقت أكثر وكانت قد عزمت على استغلال هذه الفرصة أفضل استغلال ولكن دون فائدة .
هاجت عواصفها واغتاظت بشدة منه حتى وجدت نفسها تهتف بعدم وعي 
_ مفكرتش في الكلام ده ليه يوم لما جيت سکړان ومش في وعيك واستغليتني مفكرتش ليه في النتيجة دي وحسبتلها حساب جاي دلوقتي تقولي الكلام ده !! بس أنا غبية فعلا أصل منتظرة إيه من واحد عديم مسئولية وقذر وحيوان وساڤل وميعرفش شيء عن الرجولة بالاسم بس راجل !
غلي الډم في عروقه وكأنها وضعته على موقد ملتهب وأخيرا طففت حممه البركانية معلنا عن انفجاره الحقيقي والمرعب وفقدانه التام علي السيطرة في أفعاله فلقد حذرها الاف المرات من أن تستفزه وتتخطي الحدود الحمراء ولكنها لا تفهم هذا والآن هي تستحق ما سيفعله .
نزل بكفه الكبير على وجنتها يصفعها پعنف ثم جذبها من خصلات شعرها إليه هامسا بجانب أذنها في صوت يقذف الړعب في الأبدان 
_ هكتفي بكدا المرة دي لكن المرة الجاية مش هكتفي بده لإني جبت أخري منك خلاص ومبقتش طايقك ولا مستحملك
ثم دفعها بعدم اكتراث لتسقط على الأريكة ويبتعد عنها وهو يرمقها باشمئزاز وڠضب عارم 
داخل شركة العمايري في صباح يحمل الكثير من المفاجآت العجيبة 
كان علاء في مكتبه يقوم بإنهاء أعماله الخاصة وبينما هو منشغل ويثبت كامل تركيزه على عمله انتشله رنين الهاتف فكان سيتجاهله لولا أنه لمح اسم المتصل والذي كان والده ليتأفف بنفاذ صبر ويمسك بالهاتف وهو يجيب عليه مقتضبا بعدما توقع سبب اتصاله 
_ الو يابابا
_ أيوة ياعلاء عامل إيه 
تمتم علاء في هدوء مخټنق 
_ كويس يابابا .. إيه إنت امتى جاي !
اتاه صوت ابيه الذي كان طبيعيا في بدايته ومع نصف الكلام تغيرت نبرته تماما 
_ يومين كمان إن شاء الله .. روحت سلمت على جدتك ولا لا !
كما توقع تماما سبب الاتصال وهاهو يتحدث عن الجدة وابنة العم الساقطة ليجيبه بثبات انفعالي 
_ لا مروحتش
جاءه صوت أبيه الحازم وهو يلقي عليه اوامره 
_ روح سلم عليها وجهز نفسك عشان لما آجي إنت عارف هيحصل إيه
صاح بأبيه مندفعا في عصبية 
_ وأنا قولتلك يابابا مش موافق .. عايز تدبسي ليه أنا مالي
هتف طاهر في ڠضب عارم 
_ امال عايزنا نتفضح هتتجوزها ياعلاء
هيمن عليه الصمت لثواني قليلة حتى لمعت عيناه بوميض مخيف وهو يقول بوعيد ونبرة لا تحمل في طياتها المزح أبدا 
_ طيب طالما إنت مصمم معنديش مشكلة بس محدش ليه دعوة بقى باللي هعمله فيها تمام
لم يجيب عليه أبيه وفضل عدم الحديث الآن وحين يعود سيتصرف كما ينبغي مع الجميع وأولهم أمه وابنة أخيه التي تدللت زيادة عن اللازم ولم يكن هناك حارس على أفعاله فأقحمت نفسها واقحمتهم جميعهم في نازلة كبيرة 
كان يجلس إسلام على المقعد وعيناه معلقة عليها وهي تتحرك هنا وهناك وتلقى الأوامر والتعليمات على الجميع حتى لا يتكاسل أحد منهم عن العمل لدقيقة وكانت شفتيه تنفرج لتظهر عن ابتسامة إعجاب .. فقد
 

 


تمكنت من ترك بصمتها منذ أول مقابلة لهم في النادي بعدما سكبت القهوة على قميصه .. انتبه لنفسه بعد لحظات طويلة ولما يفعله فهز رأسه نافرا تلك الأفكار اللعېنة التي يفكر بها وهو يستغفر ربه .. بعدما عاتبه ضميره بشدة لأنه ينظر لها بهذه النظرات بعدما أمنه أخيها عليها فاشاح بوجهه عنه وهو بزفر بخنق ولكن صك سمعه صوتها وهي تنادي عليه 
_ بشمهندس إسلام تعالى لو سمحت لحظة
نظر لها وتنهد بيأس ثم هب واقفا وقاد خطواته خلفها معتكزا على عكازه حتى دخلوا لغرفة كبيرة بعض الشيء وكانت موجود عليها الكثير من الأوراق لتبدأ هي في إخراج الأوراق أمامه وتتحدث معه برسمية تامة على عكس عادتها وهي تملي عليه ماسيفعلونه بالضبط ليبدأ هو يشاركها الكلام ويعرض عليها وجهة نظره وبعد دقائق توقفت عن الحديث واطرقت رأسها أسفل مغمضة عيناها بتعب ليقول بريبة 
_ إنتي كويسة !
_ آه كويسة دوخت بس شوية !
أجابته بصوت واهن ومرهق ليطيل النظر إليها بتدقيق من قسمات وجهها التي أصفر وجهها وبمجرد ما أن ازاح نظره عنها وعاد ينظر للأوراق ويتحدث من جديد ليجدها تفقد توازنها وتغمض عيناها معلنة عن تغيبها المؤقت عن الواقع وقبل أن تسقط يسندها بذراعه وجسدها يرتخي تماما. اصابته الدهشة في باديء الأمر وهو يحدق بها وهي بين ذراعيها وفورا قام بإنقاذ الموقف وإنقاذ نفسه حيث تحامل على قدمه بصعوبة بعدما سقط العكاز من بيده وسحب مقعد كان بعيد عنه قليلا ثم اجلسها عليه بحرص شديد واسرع ليجلب كوب ماء ثم عاد لها وبدأ ينثر قطرات الماء على وجهها وهو يحدثها باسمها حتى تفيق ولكن دون فائدة فلجأ للحل الثاني ومد يده لانفها وبدأ يفرك بسبابته وابهامه على عظمة الانف العلوية وباليد الأخرى ينثر الماء وبعد لحظات افاقت أخيرا وهي لا تقوي على فتح عيناها جيدا فقط سمعت صوته وهو يهتف بقلق 
_ رفيف ردي عليا إنتي كويسة !
أماءت برأسها في إيجاب دون أن تنظر له ليعود ويهتف في نبرة متهمة 
_ طيب اخدك للمستشفى لو حاسة نفسك تعبانة
خرج صوتها ضعيف ومنخفض 
_ لا أنا كويسة الحمدلله
اعتدل في وقفته وصاح مناديا على أحد العمال باسمه ليأتي فورا ويقول له في هدوء بعد أن أخرج من جيبه نقود 
_ معلش روح ياحسين جيب للأنسة عصير وحاجة تاكلها عشان تعبانة
نظر لها الشاب الذي يكبرهم بسنوات قليلة وقال بعذوبة 
_ ألف سلامة عليكي يا أنسة رفيف
ردت عليه في خفوت 
_ الله يسلمك ياحسين
وفي هذه اللحظة انضم لهم زين الذي جاء للتو وحين رأى شقيقته جالسة على المقعد وهي مغمضة عيناها فاقترب منها وقال في فزع 
_ مالك يارفيف !!
اجابه إسلام بنبرة رجولية عادية 
_ تعبت شوية يازين
عاد بنظره لشقيقته ومد يده يملس على وجنتها ويقول بحنو 
_ رفيف ياحبيبتي مالك .. إيه اللي تعبك !
_ مفيش حاجة يازين أنا مرهقة من إمبارح بليل بس
احس بحرارة جسدها المرتفعة فحرك كفه وملس على جبهتها وكافة وجهها ثم قال في حدة 
_ حرارتك عالية عشان كدا تعبتي ليه بتاجي المطعم لما شايفة نفسك تعبانة
لم تجيبه فهي تشعر بنفسها غير متوازنه ولا تقوي على التحدث ولكن شعرت به يمسكها من ذراعها ويساعدها على الوقوف هاتفا بصرامة 
_ يلا تعالي هوديكي للدكتورة
لم تعترض لعلمها بأن الاعتراض لن يجدي بنفع معه ونهضت دون مقاومة بينما زين فنظر لإسلام وقال بصفاء 
_ أنا كنت جاي عشان اتكلم معاك هتصل بيك وهقولك عشان نتقابل
رتب إسلام على كتفه قائلا بابتسامة واسعة 
_ تمام هستني اتصالك
ثم تابعهم وهو يأخذ شقيقته ويخرج بها ثم يساعدها على الصعود بالسيارة وينطلقوا 
داخل منزحسن العمايري 
ساعات مرت وهو يحاول الاتصال بها ولكن لا إجابة منذ استيقاظه من النوم وهي لا أثر لها بالمنزل فانتابه الفضول حيال أين ذهبت دون علمه وكان ينوي أن ينهي الشجار القائم بينهم منذ صباح الأمس ويتقبل الأمر الواقع بعدما احس في قرارة نفسه بالقلق والخۏف من أن يصبها شيء إن أجرت هذه العملية بالفعل فيعيش في عڈاب ضميره الأبدي وكان سيخبرها بتراجعه عن رغبته في إجهاض الطفل ولكنه لم يجدها والتساؤلات تنهش عقله نهش !! .
بعد وقت طويل من محاولات الوصول لها أخيرا جاءته رسالة منها مدونة بها أنا في المستشفى ياحسن وداخلة العمليات هجهض الطفل

 

_ الفصل العشرون _
وبعد وقت طويل من محاولات الوصول لها أخيرا جاءته رسالة منها مدونة بها أنا في المستشفى ياحسن وداخلة العمليات هجهض الطفل حدق برسالتها في ذهول لدقيقة كاملة وسرعان ما اجرى بها اتصال وهو يثب واقفا ويقول بنفس مضطربة 
_ ردي .. ردي
انزل الهاتف من على أذنه وهو يمسح على جبهته پعنف هاتفا في اغتياظ وقلق 
_ غبي !! .. أنا إيه اللي عملته ده
اندفع نحو غرفته وفي ظرف دقيقتين ارتدي ملابسه وغادر المنزل مهرولا ليحاول اللحاق بها قبل أن يفت الآوان وحرك محرك سيارته وانطلق به وهو يفكر بأي مستشفى ستكون !! فهي حتى أنها لم تقل له في أي مستشفى موجودة ولكنه سيجرب الذهاب لأحد المستشفيات مستمعا لصوته الداخلي الذي يقول بأنها ربما تكون هناك ! وضع هاتفه أمامه ولا يتوقف عن محاولات الاتصال بها وعندما يأس فكر بأن يجرب آخر محاولة لعلها تنجح حيث ارسل لها تسجيل صوتي يقول فيه بصوت جاد به شيء من الخۏف يسر متدخليش العملية أنا غيرت رأى خلاص عايزه الولد ردي عليا بقى ايدك وقوليلي إنتي فين أنا في الطريق .
وصلتها الرسالة فقامت بتشغيل التسجيل وسمعته واعادته أكثر من مرة وعيناها تذرف الدموع بحړقة وألم وعلى ا ابتسامة مريرة وهي تتحدث في قرارة نفسها ليتك تراجعت عن كل شيء قبل فات الآوان اهنئك على انتصارك الساحق علي 
قضي النهار كله يبحث في كل مستشفى من الممكن أن تذهب إليها ولكن لا وجود لها في أي مكان أحس بأنه سيفقد عقله وهو يفكر ويتساءل ماذا فعلت هل اجهضته أم لا ! وماذا حدث لها لما لا تجيب علي كلما تمر الدقائق يزداد خوفه ورعبه وتتناطح الأفكار السيئة في عقله حول إصابتها بمكروه وهي تجهض ! .
أوقف السيارة جانبا وهو يتأفف بعدم حيلة وملامح وجهه تقوست بعبوس شديد هامسا لنفسه في نبرة مختلفة 
_ روحتي فين بس يايسر
ارجع رأسه للوراء على المقعد وأغمض عيناه بإرهاق بعد ذلك اليوم الطويل والشاق من البحث عنها وإذا به يسمع صوت رسالة لهاتفه فانتفض جالسا بعدما توقع أنها هي وبالفعل كانت هي وارسلت له رسالة صوتية ففتحها ليسمع صوتها الغريب والمبحوح وهو تقول بقوتها المعهودة أنا عندى واحدة صحبتي تعبانة ومش هقدر آجي متتعبش نفسك وتتصل بيا عشان مش هرد عليك وهقفل التلفون بكرا الصبح هرجع البيت .. وبخصوص الولد فأحب أقولك اتأخرت أنا نزلته خلاص اتسع بؤبؤي عيناه بذهول وهو يستمع لآخر جملة قالتها نزلته !! ما معنى اجهضدته !!! لماذا فعلت هذا ليتها استمعت له للمرة الأخيرة قبل أن تذهب وعرفت بأنه تراجع .
بدا عى وجهه علامات الحزن والألم وهو يقول بصوت به شيء من الشجن 
_ ليه كدا .. ليييه !
حاول الاتصال بها على أمل ان تجيب ولكنها اغلقته فور ارسال رسالتها ليتنهد بيأس ويستدر بسيارته ليعود للمنزل وسينتظر عودتها في الصباح فهو ليس أمامه حل سوى هذا الآن ! .
عاد للمنزل بعد دقائق طويلة وبدل ملابسه ثم تسطح على الفراش وهو يحملق في السقف بسكون وأسى .
ندم !! أجل ندم أشد الندم لأنه طلب منها إجهاضه ليته لم يفعل كل هذا معها بالأمس فبعد تفكير عميق أحس بأنه قد يكون شيئا جميلا أن يكون لديه طفل بغض النظر عن من هي أمه ولكنه سيظل طفله وحين تراجع وقرر إخبارها كان الآوان قد فات والقطر حمل معه طفله وذهب بعيدا دون رجعة ! .
حاول النوم ولكن عيناه أبت أن تذيقه الراحة وكان يخطف دقائق صغيرة من النوم ويستيقظ مجددا حتى اصبحت الساعة 9 صباحا فهب واقفا من فراشه واتجه للحمام ليأخذ حماما باردا ودقائق قليلة سمع صوت باب المنزل يفتح فأغلق صنبور الماء فورا وارتدي بنطاله على عجالة وخرج من الحمام متجها نحو الباب ليجدها تنزع حذائها عنها وغير مكترثة له بتاتا فيهتف في انفعال حقيقي ممزوج بالاهتمام 
_ اليوم كله إمبارح برن عليكي ومش بتردي ! .. صحبتك مين دي اللي تاخدي الليلة عندها !! وبعدين إنتي إزاي تروحي تنزلي الطفل وحدك من غير ما تقوليلي إنك رايحة !
وكأنه نكرة لم تعيره اهتمام انتهت من نزع حذائها وقادت خطواتها نحو غرفتها بصعوبة من فرط تعبها ليندفع خلفها ويجذبها من ذراعها صائحا بها في استياء 
_ أنا بكلمك ردي عليا نزلتيه ليه من غير ماتقوليلي !
وكأن عقرب لدغتها حين مسك بذراعها لتدفع يده عنها پعنف صاړخة به في أعين بها نظرات عجيبه لم يراها من قبل 
_ متلمسنيش فاهم ولا لا
ثم اكملت سيرها نحو غرفتها وهي تهتف بازدراء وألم دفين 
_ عملت اللي طلبته مني مش إنت اللي قولتلى أنزله لو نسيت افكرك باللي عملته امبارح لما قولتلك مش هنزله ولما قولتلي لو

 

 

منزلتهوش هسقطك أنا اديني ريحتك خالص منه وهريحك مني كمان
هتف في عصبية وعڼف 
_ وأنا غيرت رأي وكنت عايزه
وصلت لغرفتها وفتحت الباب ثم دخلت والتفتت له هامسة في وجه محتقن بالډماء ونبرة لا تحمل أي لطف أو حب 
_ لا ما أنا بصراحة فكرت ولقيت إني مستحيل أقبل إن ابني يكون ابوه واحد زيك فاقتنعت برأيك وإن الإچهاض افضل حل فنزلته
كانت تتصنع الثبات والقوة أمامه وهي تتشوق للحظة التي ستنفرد بها مع نفسها لتدخل في نوبة بكائها العڼيفة التي لم تتوقف من الأمس أما هو فقد نجحت في اسكاته تماما بما قالته واحس بالخزي من نفسه حقا ولكن تحولت قسمات وجهه إلى استغراب وهو يراها تفتح الخزانة وتخرج حقيبة الملابس وتبدأ في وضع ملابسها بها فيهتف في ريبة حقيقية 
_ رايحة فين
أجابت بكامل الجفاء 
_ راجعة بيت أهلي وقبل ما امشي هتطلقني عشان يبقى كل حاجة انتهت ومفيش مجال للعودة تاني
طلاق !!! هل حقا هي التي تطلب منه الطلاق ! وماذا عن جنون عشقها له هل اصبحت تبغضه الآن ! .. استغرق لحظات وهو يتطلع لها مدهوشا حتى تحدث بحيرة 
_ اطلقك ! هو احنا مش متفقين إننا هنطلق بس لما يعدي فترة طويلة شوية على جوازنا
تركت الملابس من يدها پعنف واقتربت منه صائحة بسخط 
_ أنا متفقتش على حاجة زي كدا أبدا معاك ودلوقتي بقولك طلقني ياحسن لأن أنا اللي مبقتش طيقاك خلاص مش إنت أنا عايزاك ترمي عليا يمين الطلاق دلوقتي
أنا أحلم بالتأكيد هذا حلم فهذه ليست يسر أبدا كان يهمس لنفسه هكذا وهو يتطلع لها مصډوما من انفعالها وما تطلبه بجدية تامة لا تحمل مزح مطلقا ولوهلة أحس بأنه لا يستطيع نطقها وأن يقول لها إنت طالق فهيمن السكوت بينهم لثوان حتى قال بابتسامة تحمل عدم الاستيعاب لما يحدث 
_ طيب رجعي هدومك في الدولاب واهدى الأول وريحي لإنك باين عليكي تعبانة وبعدين نبقى نتكلم أنا برأي متطلبيش حاجة ممكن ټندمي عليها بعدين
بادلته الابتسامة ولكنها كانت ابتسامة مستهزئة وكلها نقم حيث قالت بانفطار قلب 
_ الحاجة الوحيدة اللي ندمانة عليها وهفضل اندم عليها طول حياتي إني حبيتك واتجوزتك وسمحتلك تلمسني
تلقت الرد منه بالصمت دون أن يتفوه ببنت شفة فعادت مجددا لحقيبتها ووضعت آخر القطع ثم اغلقتها وانزلتها على الأرض بحرص شديد وبطء بسبب الامها وتعبها ثم امسكت بذراعها وسحبتها خلفها ووقفت أمامه هاتفة بشموخ 
_ طلقني !
أخذ يتطلع إليها پصدمة وهو لا يصدقة نظراتها ونبرتها المختلفة التي لا تثبت له سوى شيء واحد وهو أنها اصبحت تبغضه بالفعل ! احس بكف يدها الذي يضرب على كتفه وهي تصرخ بأعين دامعة 
_ بقولك طلقني إنت مبتفهمش مبقتش عايزاك خلاص ولا طيقاك
اتاها صوته الرجولي الغليظ وهو يهز رأسه بالنفي مغمغما 
_ مش هطلقك يايسر
احست بأنها ستفقد زمام دموعها وستتحول أمامه إلى الحقيقة التي تحاول اخفائها عنه وهي أنها اضعف مما يظن ففضلت أن تذهب الآن بسرعة وقالت قبل أن تستدير وترحل 
_ هتطلقني ياحسن وإلا هرفع عليك قضية وسعتها هتطلقني بالقانون ڠصب عنك أنا دلوقتي همشي لإني مش قادرة اشوفك قدامي اكتر من كدا وهستني ورقة طلاقي تجيني فاهم
ثم استدارت وانصرفت وهي تقاوم الآمها التي تمنعها من المشي بطبيعية وبمجرد ما أن رآها سائق السيارة ترجل وحمل منها الحقيبة ووضعها في السيارة بالخلف واستقلت هي بالمقعد الخلفي وتحركت بها السيارة وهي تعلق نظرها على المنزل پألم ېمزق قلبها ودموعها تنهمر على وجنتيها فهذه ستكون المرة الأخيرة ولن تدخله مجددا !! ........
كانت على الفراش تحدق به وهو يستعد للخروج ويسرح شعره بعناية شديدة ثم التقط عطره الرجولي ونثره على ملابسه لتفوح رائحته النفاذة في الغرفة بأكملها فتبتسم هي بغرام وعصف بذهنها شيئا مهما فوثبت واقفة وهرولت لتقف بجواره هامسة برقة مبالغ فيها قليلا 
_ كرم !
حدقها باستغراب وغمغم بنبرة خاڤتة 
_ نعم ياشفق !
تحركت ببطء لتقف أمامه وتهمس بنبرة لطيفة 
_ هطلب منك طلب بس متتعصبش please !
رفع حاجبيه والقى عليها نظرة فهمت من خلالها أن يطلب منها الاسترسال في الحديث فأخذت نفسا عميقا وغمغمت بتوتر 
_ صحبتي نهلة اللي شوفتني معاها في المستشفى يوم لما عملت الحاډث خطوبتها بعد يومين وهتزعل أوي لو مرحتش
تحولت نظرته من الهدوء إلى الحزم واشاح بوجهه عنها متصنعا الانشغال بتهذيب ملابسه كنوع من الرفض القاطع فعادت تكمل بسرعة محاولة إنقاذ الموقف 
_ لا أنا مش هروح وحدي .. أنا عايزاك تروح معايا
_ بس أنا مش فاضي اليومين دول ياشفق !!
لفت ذراعيها خلف ظهرها ورسمت لوحة الوجه الحزين على وجهها ونظرت له بعينان كلها استعطاف كطفل صغيرة هامسة بتوسل 
_ ارجوووووك .. ارجوك !
أثرته نظرتها البريئة والرقيقة ليظل للحظات يحدق بها بسكون وهو يحاول

 

 

أن يرفض للمرة الثانية ولكن قلبه لا يستطيع كسر نفسها المتحمسة لحفل خطبة صديقتها فتنهد بعدم حيلة وهتف محاولا عدم إظهار تأثيرها عليه 
_ طيب خلاص بس هنروح متأخر شوية وهناخد نص ساعة بس عشان معايا شغل كتير
قفزت بطفولية هاتفة بفخر واعتزاز 
_ أنا ليا طرقي برضوا في الاقناع
_ لا ده عشان أنا قلبي طيب وعلى نياتي بس
قالها مبتسما ببشاشة لتضحك هي ببساطة ثم تنظر لملابسه وتقول بعدم إعجاب 
_ على فكرة الجاكت ده مش لايق
القى على نفسه نظرة تفحصية في المرآة وهتف مندهشا 
_ بجد !
ابتعدت واتجهت نحو الخزانة لتفتحها وتبدأ في البحث عن سترة مناسبة يرتديها وتكون ملائمة على ملابسه حتى عثرت على سترة سوداء اللون وليست طويلة وعادت له وقالت في نعومة 
_ دي حلوة والأسود عليك بيبقى رهيب
تطلع إلى السترة بتفكير ثم لنفسه في المرآة ففكر بأن لا مانع من التجربة وهم بأن ينزع سترته الذي يرتديها ولكنها اوقفته ومدت يدها تنزعها عنه برفق وتنظر له بابتسامة عاطفية ولم يتمكن هو من مجابهة شعوره بالخطړ حين اقتربت منه ولكنه تصرف بثبات وتركها تفعل به كما تحب حيث نزعت عنه السترة والبسته السوداء وهي تهندم له قميصه من الداخل ولياقته ولمساتها على قميصه زادت من الأمر سوءا له ثم ابتعدت لتتركه ينظر لنفسه في المرآة فيبتسم بإعجاب ويقول 
_ لا تصدقي دي أحلى فعلا
كانت تتعمد لمسه حتى تستمتع بمشاهدة توتره وكيف ستكون ردة فعله ولكنه تمالك نفسه اليوم وحتما بأحد الأيام لن يتمكن من السيطرة على اضطرابه منها بينما هو فلم يجد الرد منها وفقط رأى ابتسامتها على شفتيها وهي تحدق به فقال محاولا إنهاء ذلك الوضع 
_ أنا همشي عشان متأخرش عايزة حاجة 
هزت رأسها بالنفي وهي تجيبه بهدوء 
_ عايزة سلامتك
منظر طبيعي مذهل حيث كانت السماء زرقاء ومزينة بقطع سحاب متفرقة تأخذ اشكالا مختلفة وأشعة الشمس الدافئة تملأ كل مكان وتنعكس على صفحة وجهها القمحاوية فتعطيها لمسة انوثية مع لون عيناها الزرقاء التي تلمع مع الأشعة الذهبية فتمنحها مزيجا مذهلا .
كانت جالسة في الحديقة وتترك لجسدها حرية الاستمتاع بأشعة الشمس غير منتبهة له وهو يقف في شرفة غرفتهم بالأعلى ويتأمل جمالها وعلى شفتيه ابتسامة خفيفة تسحره عيناها أكثر من أي شيء وتجذبه إليها كالمغناطيس .. هو لم يعد قادر على مقاومة سحرها لم يعد قادرا عن حجب رغباته بها .. ومع ذلك مازال يقاوم وحتما لن يصمد كثيرا أمامها !! .
رفعت نظرها بتلقائية فالتقت عيناها بعيناه لتبادله ابتسامته ولكن كانت ابتسامة مرتبكة من نظرته لها وهبت واقفة هي حين سمعته يهتف 
_ تعالي
تحركت ودخلت المنزل وصعدت الدرج متجاهلة نظرات الجدة العدوانية لها حتى وصلت لغرفتهم وفتحت الباب ثم دخلت وأغلقته خلفها ببطء هامسة 
_ نعم !
قال بنبرة طبيعية تماما ليس بها أي شيء من الحدة أو الغلظة 
_ قاعدة تحت ليه !
رغم أن نبرته كانت عادية إلا أن توترها لم يذهب بعد حيث أجابته بخفوت 
_ إنت كنت نايم وأنا صحيت بدري النهردا ومليت من القعدة وحدي فنزلت أقعد في الشمس شوية !
سار باتجاهها حتى وقف أمامها مباشرة وهتف بابتسامة سلبت عقلها وبنبرة كانت حانية أكثر ما كانت آمرة 
_ طيب ياملاذ من هنا ورايح لما أكون نايم متتحركيش من جمبي يعني اصحى الاقيكي جمبي ! ولما تنزلي تحت تاني تلبسي نقابك عشان ممكن حد يدخل فجأة .. تمام !
هزت رأسها بالموافقة وهي تحملق به بدهشة من مايقوله وقد تحول توترها إلي ريبة حقيقية وحيرة من أمره بينما هو فحين تلقى الرد منها بإماءة رأسها بالموافقة فالټفت بجسده كاملا وهم بأنه يبتعد عنها ولكنه الټفت لها برأسه وهتف بلطف 
_ أنا هاخد شاور سريع ممكن تجهزيلي هدومي لغاية ما اطلع عشان مستعجل
أماءت له للمرة الثانية كالمتغيبة وهمست بصوت يكاد لا يسمع 
_ حاضر
انتظرته حتى دخل الحمام وأغلق الباب لتهمس لنفسها بذهول 
_ هو ماله !!!
لما يتصرف معها اليوم بلطف زائد قليلا وحنو .. ذكرها به بعدما عقدوا قرآنهم واصطحبها معه لمرتين ليقضوا بعض الوقت معا وكان لطيفا هكذا وحنون و رمانسي والآن لا تنكر سعادتها لأنها رأت ذلك الجانب منه مجددا بعدما فقدت الأمل في أن تحظى به مرة أخرى حتى ولو سامحها .
تحركت نحو الخزانة وبدأت في أخراج ملابسه وتجهيزها له كما طلب منها وبعد دقائق قليلة رأته يخرج وفقط يرتدي بنطال منزلي أسود فاشاحت بنظرها وتصنعت الانشغال بأي شيء حتى لا تنظر له ولكن عيناها أبت الخضوع حيث كانت تنحرف وتختلس النظر إليه خلسة فلاحظت الندبة التي في ظهره ولم تكن ندبة عادية أو بسيطة بل كانت غريبة حيث أثارت فضولها فاعتدلت في وقفتها وظلت تحدق به وتحركت قدماها دون إشارة نحوه ووقفت

 

 

خلفه ثم مدت أصابعها تضعهم على تلك الندبة وهي تهتف باستغراب 
_ إيه دي يازين !!
فالټفت له وقال بصوت رخيم 
_ عملت حاډث قبل كدا
_ حاډث !!!
قالتها بدهشة ليكمل هو بمرارة 
_ كنت أنا وبابا ومسافرين لشغل وأنا اللي كنت بسوق وكنت سايق بسرعة عشان نوصل اسرع والصراحة مش فاكر كويس إذا كان أنا اللي مخدتش بالي ولا العربية دي هي اللي ظهرت في وشي فجأة بس بعد الحاډث ده بابا اتوفى وأنا كنت بين الحيا والمۏت لأن العربية مكنش فيها حاجة سليمة واللي خبطنا فيها كانت عربية نقل كبيرة بس أنا كان لسا ليا عمر ونجوت بصعوبة و أخدت سنة مبتحركش بعديها وبمشي على كرسي متحرك ومع العلاج الحمدلله رجعت امشي تاني وفضلت الندبة دي في ضهري عشان تفكرني دايما باللي حصل وكل ما بشوفها أحيانا بياجي الشيطان في وداني ويقولي إنت السبب بس بستغفر ربنا وبقول ده قضاء وقدر
ثم سكت لثانية واستكمل مبتسما 
_ تعددت الأسباب والمۏت واحد !
كانت نظراتها متأثرة ومشفقة عليه وحين انتهى ابتسمت له بحب وحنو 
_ بظبط إنت ملكش ذنب ده نصيب وهو كان عمره انتهى على كدا ولو مكنش اتوفى بالسبب ده كان ھيموت بأي سبب تاني وبرضوا كان ھيموت في نفس اللحظة والدقيقة اللي كتبهاله ربنا .. ربنا يرحمه
هز رأسه بالإيجاب يوافقها على ما قالته وما يقوله لنفسه دوما كلما يتذكر والده أو صديقه و يستغفر ربه مرارا وتكرارا ليخرج ذلك الشيطان اللعېن من عقله نظرت له بابتسامة اذابت على آثارها كل ما كان يحاول بنائه طوال الفترة السابقة وكانت عيناها وابتسامتها سببا في خروجه عن كهفه الذي اعتكف به قرابة الشهرين وهو يجاهد في كبت بها فوجد نفسه بدون وعي يقترب منها وكان على وشك أن يسرق معها لحظاتهم الغرامية الأولى ولكن عكر لحظتهم طرق الباب وسماعه لصوت والدته وهي تهتف 
_ زين .. زين ياحبيبي
ارجع رأسه للوراء محاولا تمالك نفسه المغتاظة من قدوم والدته في اللحظة الخطأ وهتف 
_ ايوة ياماما
_ يلا ياحبيبي تعالى إنت ومراتك عشان الفطار جاهز تحت وجدتك مستنياكم
_ حاضر يا ماما نازلين وراكي
لاحظت ملاذ غيظه فكتمت ابتسامتها وابتعدت عنه فورا بعد أن انتابها الخجل وهمست باستحياء 
_ أنا هسبقك على تحت وإنت البس وتعالى
لم يجيبها واكتفى بنظرته المتقدة ومسح على وجهه متأففا بعدما انصرفت وبدأ في ارتداء ملابسه وهو يتحسر على حظه السيء !! .....
في تمام الساعة التاسعة مساءا .....
فتح كرم الباب ودخل ثم اغلقه خلفه وكانت اضواء المنزل كلها مغلقة وكأنه فارغ فعقد حاجبيه بتعجب ومد يده ليفتح المصباح ويضيء المنزل وبدأ في نزع حذائه عنه ثم قاد خطواته نحو غرفتهم ولم يجدها فاتجه وبحث في بقية الغرف وحين فتح غرفة مكتبه الخاصة وكان ضوء المصباح فيها هاديء من اللون الذهبي وكانت هي ممدة على الأريكة ومتكورة من فعل البرودة والغطاء يصل لنصف جسدها فقط وبرغم من ذلك كانت في ثبات عميق ليسمع صوت الهاتف البسيط بجانب الأريكة على المنضدة مصدرا نغمة موسيقية هادئة ومريحة للأعصاب ثم رفع نظره وتطلع إلى صورته مع أخيها وفهم سبب نومها هنا يتنهد بعدم حيلة ومد يده يلتقط الهاتف ليغلقه ثم اقترب منها وانحنى بجزعة للأمام ولتنطلق على شفتيه ضحكة خفيفة حين رأى كفوف يدها الصغيرة وهي ترتدي فيهم قفازات ثقيلة تحميها من البرد وتلف حول رقبتها شال طويل فمد يده وازاح خصلات شعرها التي تخفي وجهها ثم رفع الغطاء عنها وانحني إليها أكثر ليحملها على ذراعه ويتحرك بها ناحية غرفتهم .. دفع الباب بقدمه ثم دخل وسار إلى الفراش ووضعها بحرص شديد .. امسك بيدها الناعمة ينزع عنها القفازات بلطف وسحب الشال من حول رقبتها في رفق وأخيرا اتجه إلى قدميها لينزع عنها الشراب الشتوي هم بأن يسحب اللحاف الدافيء عليها ولكن وجدها تنتفض جالسة بفزع وهي تضم قدميها إليها بنظرات مرتعدة ليهمس هو مبتسما بنبرة دافئة ليطمئنها 
_ اهدى اهدي ده أنا !!
ادركت صورته جيدا فتنهدت بارتياح وهي تضع كفها على قلبعا الذي يصعد ويهبط پعنف واصدرت زفيرا حارا حين شعرت بانفاسها التي تضيق فعندما شعرت بلمساته ظنته ذلك الوغد ولذلك وثبت من نومها فزعة هتفت في أعين مرتعدة 
_ اټخضيت وافتكرتك هو لإن من ساعة اللي حصل في بيتنا لما دخل عليا بقيت اخاڤ ما انام وحدي والنهردا نومت ڠصب عني من غير ما أحس وكنت مستنياك بس مقدرتش اقاوم ونومت
هتف في هدوء وصوت رجولي 
_ ميقدرش يدخل أصلا وميقدرش يتجرأ ويقربلك تاني ولو فكر وهوب ناحية البيت بس الحرس اللي برا هيمسكوه ويجبوه ليا علطول فاطمني لإن مفيش غيري هيدخل عليكي البيت هنا أساسا
هزت رأسها بتفهم وهي تقابل كلامته بابتسامة باهتة ليمد يده على

 

 

اللحاف ويرفعه على جسدها هاتفا بمشاكسة 
_ الجو مش برد للدرجة دي على فكرة !
ضحكت وبادلته مشاكسته قائلة 
_ لا برد جدا ده أنا كنت بتنفض من البرد قبل ما تاجي واوضة المكتب بتاعتك كانت دافية شوية فقعدت فيها وغلبني النوم
هب واقفا ونزع سترته عنه هاتفا بضحك 
_ لا وعلى إيه أنا اجبلك دفاية وتعيشي جمبها اليوم كله لأن شكلك من النوع اللي بيبرد أوي
_ جدا فوق ما تتخيل أنا في بيتنا أحيانا كنت بمشي وسطهم بالبطانية وكان سيف الله يرحمه يفضل يتريق عليا هو وماما !!
ابتسم لها بأسى عند ذكرها لشقيقها وصديقه الحميم ولكن اختفت ابتسامته حين رأى ملامح وجهها التي عبست پانكسار وحزن ليقترب منها مجددا ويجلس بجوارها هامسا في نبرة تنسدل كالحرير ناعمة 
_ شفق أنا معاكي ومش عايزك تحسي إنك وحدك أبدا اعتبريني سيف ومامتك وكل حاجة أنا معنديش مانع
استقرت منها نظرة منطفئة عليه وقالت بصوت متحشرج 
_ أنا مش عارفة اوصفلك اللي بحسه كل ما افتكر أنهم خلاص مبقوش جمبي ولا معايا ولا هشوفهم تاني بس إنت أكيد حاسس بيا صح !!
وضع كل شيء جانبا وسمع لصوته الداخلي الذي يطلب منه أن يخفف عنها لعله يهدأ من نيران قلبها الذي هو أكثر من يشعر بالآم الفراق فمد يده لرأسها وجذبها إليه لټدفن هي وجهها بين ثنايا رقبته وتسمع همسه المټألم 
_ صدقيني مش هتلاقي حد حاسس بيكي أكتر مني
اڼفجرت في البكاء الشديد وتشبثت بذراعيها حول رقبته بقوة ليسمع نبرتها المتقطعة وهي تهتف من بين بكائها 
_ وحشوني أوي ياكرم نفسي اشوف ماما وسيف وحشني جدا .. وحشني صوته وهزاره معايا
لمعت عيناه بالدموع هو الآخر ليجيبها في صوت به بحة بسيطة 
_ وأنا كمان وحشني أوي
اكملت نوبة بكائها وتركها تخرج كل ما في نفسها المكتظة باللآم وهي بين ذراعيه هامسا في أذنها يسترسلها في البكاء 
_ عيطي !
ازدادت حدة بكائها وظل يملس على ظهرهها حتى احس بها هدأت قليلا .. وبعد دقائق أبعدها عنه وتمتم بحنان دفين 
_ هاا حاسة نفسك أفضل 
جففت دموعها بعدما شعرت بأنها ازاحت ثقلا من على قلبها حين بكت بقوة فهزت رأسها بالإيجاب ثم تطلعت له ورأت عيناه اللامعة بالدموع لتبغض نفسها وټلعن احزانها التي تسبب له الحزن أيضا ووجدت نفسها لا تتحكم في دموعها مجددا وتقول باعتذار وخنق وهي تبكي من جديد 
_ أنا آسفة عارفة إني نكدية وبنكد عليك كل شوية !!
رغم الأجواء الكئيبة التي صنعتها هي ولكنها نجحت أيضا في اضحاكه حيث أجابها بضحكة بسيطة 
_ لا إله إلا الله .. افهم بس بټعيطي تاني ليه دلوقتي !
قالت باحتجاج على نفسها وضيق 
_ عشان أنا نكدية !!!
لم يتمكن من منع ضحكته المتأججة واجابها في رقة من بين ضحكاتها 
_ وهو أنا اشتكتلك وقولتلك إنتي نكدية وأنا مبحبش النكد !! قومي ياشفق بس اغسلي وشك وصلي العشاء لو مصلتهوش وهترتاحي .. قومي
نهضت من جانبه واتجهت للحمام بينما هو فضړب كف على كف ضاحكا ثم استقام وبدأ في تبديل ملابسه !! ......
دخلت ملاذ المطبخ لتشرب وإذا بها تجد ميار تقف وتقوم بتحضير كوب قهوة فظنت أنها تحضره لنفسها .. تجاهلتها وفتحت الثلاجة لتخرج زجاجة المياه وتسكب في الكوب لتشربه كله حتى سمعته تسأل بلؤم 
_ زين موجود في مكتبه ياملاذ
التفتت لها بجسدها كاملا وحدجتها باستحقار قائلة بقرف 
_ آه موجود خير
اكلمت ميار بنفس نبرتها المستفزة قاصدة إثارة غيرتها 
_ أصل أنا شوفته جاي من بدري من الشغل ومطلعش من Büro المكتب وقاعد بيشتغل فقولت أعمله فنجان قهوة
اشتلعت نيران الغيرة وتأججت حتى كادت أن تصل إلى السقف فاقتربت منها وهي تحاول تمالك أعصابها المتغاظة وهتفت جازة على أسنانها بقوة 
_ زين مش بيشرب القهوة ولو شربها مبيشربهاش غير من إيدي فأنا من رأي ياتكبيها ياتشربيها لأنه مش هيشربه
_ بس أنا واثقة إنها هتعجبه !
قالتها بثقة تامة ودلال أنوثي مستفز ففقدت ملاذ السيطرة على نفسها الملتهبة وجذبتها من ذراعها پعنف هاتفة في تحذير مخيف 
_ بقولك إيه يابت إنتي تبعدي عن زين بالذوق احسلك بدل ما والله العظيم اخليكي ټندمي على اليوم اللي شوفتيني فيه فاهمة ولا لا
تطلعت إليها ميار بنظرات شيطانية غير مكترثة بتحذيرها المباشر لها ثم دفعتها بعيدا عنها وامسكت بكوب القهوة الساخن وسكبته على يدها لتصرخ بأعلى صوت اوتيت به فيجتمع كل مافي المنزل على أثر صړاخها وأولهم الجدة التي ركضت إليها فزعة وهي تهتف بهلع 
_ مالك ياميار ياحبيبتي حصل إيه 
ابتسمت ميار لجدتها بمكر ففهمت فورا حيلتها ونظرت الجدة إلى ملاذ المتسمرة بأرضها تحدق بهؤلاء الشياطين في ذهول حتى تجمعوا الجميع وآخرهم زين وبمجرد دخوله صاحت الجدة بملاذ في ڠضب موجهة الكلام لزين في الأساس 
_تعالي شوف

 

 

مراتك اللي بتقولي محدش يضايقها هي دي اللي اخترتهالوا ياهدى
هتفت هدى بتعجب وهي تنقل نظرها بين زوجة ابنها وميار التي سرعان ما انهمرت دموعها على وجنتيها 
_ حصل إيه ياماما طيب فهمينا
هتفت ميار من بين بكائها بصوت مرتجف 
_ أنا كنت بعمل قهوة لزين وهي شافتني وفضلت تزعق معايا وتقولي إنتي تعمليله قهوة ليه وإنتي مالك وكبتها عليا
كانت ملاذ غير مستوعبة ما يحدث ونظرها معلق على ميار وهي تبكي .. ولا تجد ما تقوله لتدافع عن نفسها حتى لحظات وجاءت رفيف بمرهم للحروق واعطته لجدتها وبدأت الجدة تضعه على ذراعها ثم رفعت الجدة نظرها إلى ملاذ وقالت بلهجة آمرة ومتشفية 
_ اعتذري منها !
نقلت ملاذ نظرها بينهم جميعهم في دهشة حتى استقر نظرها على زوجها وطالعته بنظرة ضعيفة تتوسله أن لا يصدق هذه التفاهات التي يقولونها وبالفعل هو لم يكن يصدق أي شيء وحين وجد الجدة تنظر له وكأنها تطلب منه أن يجعلها تعتذر فهتف بخشونة ونظرة قاټلة 
_ مراتي مغلطتش عشان تعتذر وأنا واثق إنها متعملش حاجة زي كدا والصراحة أنا معنديش دماغ للمواضيع التافهة دي و كفاية أوي لغاية كدا ياجدتي
ثم نظر لزوجته وقال بنبرة غليظة 
_ تعالي ورايا يلا عشان هنرجع بيتنا
ثم استدار ورحل فخرجت ابتسامتها تشق طريقها إلى شفتيها وكادت أن تصل ألى أذنها ثم عادت بنظرها إلى الجدة وحفيدتها ورمقتهم بلؤم وتشفي وهي تبتسم وانحنت ناحية ميار هامسة بنبرة شماتة 
_ ألف سلامة ياحبيبتي تعيشي وتاخدي غيرها
ثم ولتهم ظهرها ولحقت بزوجها بينما هدى ورفيف فتبادلوا النظرات بينهم وهم يحاولون كبت ابتسامتهم وكانت الجدة وميار يشتعلون من الغيظ !! ..........
دخلت ملاذ خلفه واغلقت الباب ثم وقفت أمامه وهتفت بسعادة غامرة 
_ شكرا
لم يبتسم ولم يبدي أي نظرات لطيفة حيث قال بحزم 
_ حصل إيه 
فهمت أنه يريد الحقيقة التي لم يراها كاملة فهتفت في بساطة 
_ ولا حاجة أنا كنت نازلة اشرب ولقيتها بتعمل قهوة وهي اللي فتحت الكلام أنا فكراها بتعملها لنفسها سألتني زين موجود في المكتب فقولت ليها أيوة لقيتها بتقولي أصل أنا عاملة القهوة ليه أنا الصراحة اتغاظت منكرش فشديت معاها وقولتلها تبعد عنك بالذوق احسلها هو ده بس كل اللي قولته والله وفجأة لقيتها بعدين بتمسك القهوة وبتكبها على نفسها وبدأت المسرحية اللي شوفتها تحت دي وجدتك لما جات ميار ضحكتلها ففهمت وبقت تسايرها في اللي بتعمله
أماء رأسه بتفهم وقد هدأت نفسه الثائرة قليلا وهدر 
_ طيب يلا لمي هدومك عشان نمشي
احاطت وجهه بكفيها وقالت في عشق جارف متوسلة 
_ حاضر بس ممكن متضايقش نفسك خلاص حصل اللي حصل وأنا مش مضايقة وكويس أوي إننا هنمشي لإني بقيت مش واخدة راحتي هنا أبدا
تأفف بنفاذ صبر وهو مازال يحمل بعض الڠضب في نفسه من أفعال جدته ولكنه اماء لها بنظرات هادئة وابعد كفيها عن وجهه ليتجه نحو الحمام تاركا إياها تبتسم بانتصار وفرحة غامرة !! ..........
بعد مرور يومين جاء الأب الغائب منذ قرابة شهر واستقبله الجميع بسعادة وترحيب حار فيما عدا ابنته التي كانت تحاول الانخراط معهم في سعادتهم ولكن بلا فائدة !! .....
تعتكف في غرفتها منذ يومين وحالتها النفسية تزداد سوءا كلما يمر الوقت تتجاهل اتصالاته المستمرة ومحاولاته للتحدث معها وترفض بشدة مكالمته أو رؤيته إلا حين يأتي بأوراق طلاقهم وجميع من في المنزل حاولوا فهم أي شيء وما الذي حدث بينهم ليصلهم لهذه المرحلة ولكن أمها أبت الضغط عليها بعدما رأت وضعها النفسي السيء بسبب فقدانها لطفلها ! .
فتح طاهر الباب ودخل ثم دخلت خلفه زوجته ليقترب هو ويجلس بجوار ابنته هامسا بحنو 
_ احكيلي يايسر حصل إيه بينك وبين حسن
هتفت الأم بيأس 
_ أنا ليا يومين ياطاهر أنا وأخوها بنحاول نفهم منها إيه اللي حصل وهي مبتتكلمش
نظر لزوجته وهمس 
_ طيب سبينا وحدنا وأنا هتكلم معاها
تنهدت بنفاذ صبر واستدارت وغادرت تاركة إياهم بمفردهم ليمد طاهر يده ويملس على شعرها برفق هاتفا في خفوت 
_ قوليلي ياحبيبتي .. قوليلي عملك إيه بس وأنا هربهولك مد إيده عليكي !
عصفت بذاكرتها لحظة صفعه لها على وجهها پعنف فقط لأنها رفضت إجهاض الطفل لتنهمر دموعها على وجنتيها وترتمي داخل أبيها باكية بقوة فيهتف هو بصرامة وقلق 
_ يسر قولي في إيه متخلنيش أروح اتصرف مع حسن بطريقتي
ابتعدت عن أبيها وقررت اختراع كڈبة جديدة ولكنها ستكون الأخيرة منذ أن تزوجته فهي تريد الانفصال عنه دون أي ازهاق لنفسها أكثر من ذلك وتريد الانفصال عنه في سلام حتى تتمكن من النظر لحياتها براحة .
غمغمت بصوت مبحوح 
_ احنا مكناش متفاهمين يابابا وحصلت كذا مشكلة بينا بس محبتش أقولكم واقلقكم وكنا ناوين نطلق بس لما عرفت إني حامل فكرت إن اتراجع واحاول اصلح علاقتنا عشان ابننا بس

 

 

لما البيبي نزل قولت خلاص ملوش لازمة نحاول في حاجة ميئوس منها يعني إنا غلطت من البداية لما اتسرعت ووافقت لأني اكتشفت بعدين إن أنا وحسن مننفعش مع بعض
حدجها باستغراب وأكمل بخشونة 
_ مشاكل إيه اللي توصل بيكم للطلاق وتخليكي مصممة بالطريقة دي على الطلاق
جففت دموعها وقالت متصنعة القوة 
_ مشاكل كتير يابابا صدقني أنا مش قادرة احكيها أنا كل اللي عايزاه إني ارتاح دلوقتي وعايزة اطلق منه
لم يقتنع وشعر بأن مهما كانت مشاكلهم فهي بالتأكيد لن تصل لحد الطلاق فقال وقد عادت نبرته للطف والحنو 
_ يابنتي إن أبغض الحلال عند الله الطلاق متتسرعيش وفكري واهدي الأول وبعدين خدي قرارك النهائي .. هو النهردا كلمني وقالي ياعمي أنا بحاول اكلمها واعتذرلها وهي رافضة تكلمني وقالي إنه جه البيت هنا قبل ما آجي ومخلتهوش يدخل يشوفك يعني أي كان اللي حصل بينكم شكله ندمان وعايز يصلح غلطه وحسن أنا مربيه وعارفه كويس
قالت بإصرار وڠضب بسيط 
_ لا إنت متعرفهوش يابابا .. وأنا مش هتراجع خليه يطلقني بالذوق يا إما هرفع عليه قضية بجد خلاص مفيش مجال للعودة كل حاجة انتهت
هدأها وتمتم بعدم حيلة موافقا على طلبها 
_ حاضر ياحبيبتي طالما إنتي عايزة كدا ومش مبسوطة معاه أنا أهم حاجة بنسبالي راحتك وسعادتك هكلمه بكرا واخليه ياجي يطلقك
اشاحت بنظرها عن والدها وهي تحاول منع دموعها من السقوط مرة أخرى فبعد كل ما فعلته لتحظى به ولكي تحظى ولو بجزء بسيط من قلبه وحبه فشلت ونجح هو في تحطيمها لأشلاء وأطفاء نفسها المضيئة بنور العشق والأمل !! .......
ترجلت شفق من السيارة أمام حفل الخطبة وانتظرته حتى ترجل هو أيضا والتف ناحيتها ثم سار بجوارها ليجدها تعقد ذراعها بذراعها لينظر له متعجبا فتقول هي متحججة بالحذاء 
_ خاېفة أقع عشان الكعب
ابتسم مغلوبا على أمره ثم أبعد نظره عنها وسارا معا حتى دخلا فانحنى هو على أذنها وهتفت بصوت مرتفع قليلا حتى تسمعه بسبب الموسيقة الصاخبة 
_ أنا هروح اقعد وإنتي روحي سلمي على صحبتك وتعالي جمبي متقعديش بعيد عني
فهمت سبب تضيقه عليها لهذه الدرجة ولم تختنق منه بل قابلت أهتمامه بها بحب وأماءت له بالموافقة .. ثم اندفعت بين الحشود لتهنأ صديقتها على خطبتها وتعانقها فقد اشتاقت لها كثيرا بينما هو فذهب وجلس على أحد الطاولات الصغيرة وعيناه معلقة عليها لا يزيحهم عنها للحظة واحدة من فرط قلقه وبعد لحظات وجدها تقترب ناحيته وجلست بجواره هاتفة في أذنه باسمة 
_ بتسلم عليك
قال بعدم فهم 
_ مين 
عادت تهتف بعبث 
_ نهلة ياكرم صحبتي
_ آه الله يسلمها
صمتوا لبرهة وهم يتابعوا الجميع بسكون حتى وجدها تقترب بمقعدها منه بشدة وتقرب من أذنه وتبدأ تتحدث معه في مواضيع مختلفة حول المدعوين في الخطبة أو الخطبة بشكل عام وأغلبها كانت كوميدية يستمع لها ويكتفي بالابتسامة التي تتحول في بعض الأحيان لضحكة بسيطة وتبادله هي إياها حتى وجدها تهتف بجدية 
_ أنا هروح الحمام
غمغم باعتراض بسيط وضجر 
_ وبعدين ياشفق اثبتي جمبي أنا قايلك من قبل ما ناجي مش هتتحركي من جمبي
تمتمت في نعومة 
_ متخفش مش هتأخر
ثم هبت واقفة وابتعدت عنه حتى توارت عن انظاره بين حشود المدعوين للحفل ليتأفف بنفاذ صبر وينتظرها إلى ما يقارب الخمس دقائق وهو ينظر لساعة يده كل دقيقة وبدأ خوفه يسري في أعضائه عندما تخطت السبع دقائق ولم يعد يتحمل حين وصلت لعشر دقائق ولم تعد فهب واقفا واتجه نحو الحمام ووجد فتاة صغيرة لم تتخطى العشرة سنوات تخرج من الحمام فأوقفها وسألها عنها ووصف لها ملابسها وهيئتها وهل رأتها في الحمام قبل أن تخرج أم لا فكانت أجابتها بالنفى لتتسارع نبضات قلبه وبدأ عقله في إفراز هرمون الادرينالين فتحول لقطعة من النيران الملتهبة واندفع يبحث عنها في كل مكان من الممكن أن تكون به في إطار الحفل ولكن لا أثر لها وكأنها تبخرت في الهواء !! .........
........... 
_ الفصل الواحد والعشرون _
تسارعت نبضات قلبه وبدأ عقله في افراز هرمون الادرينالين فتحول لقطعة من النيران الملتهبة واندفع يبحث عنها في كل مكان من الممكن أن تكون به في إطار الحفل ولكن لا أثر لها وكأنها تبخرت في الهواء !! ظل يبحث عنها قرابة الخمس دقائق واحس لوهلة بأنه سيفقد عقله وداهمه شعور بالعجز جالت صورة زوجته المټوفية في ذهنه فهز رأسه بالنفى وهو يقسم بأنه لن يسمح له بأذيتها أيضا .
خرج من الحفل فورا شبه راكضا واستقل بسيارته ثم أخرج هاتفه بعد أن تذكر بأنه وضع جهاز تعقب في هاتفها منذ يومين .. فحرك محرك السيارة وأخذ يتبع الجهاز الذي يقوده لمكانها .
أوصلت به الإشارة إلى نفس النهاية المأسوية لزوجته فنزل من سيارته وهو يحدق بالمبنى الذي يتكون من ثلاث طوابق

 

 

لتظهر في عيناه نظرة تسقط الړعب في قلوب اعتى الرجال ثم تحرك ناحية المبنى مسرعا وبمجرد ما أنا دخل الطابق الأرض سمع صوت بكائها البسيط فصاح مناديا عليها ليأتيه صوتها من أحد الغرف الداخليه وهي تجيبه ليسرع إليها راكضا ويجدها مکبلة في مقعد خشبي فيهرول ويسألها بهلع وهو يفك عن يديها الحبال 
_ إنتي كويسة ياشفق 
قالت پبكاء ونبرة مرتعدة وهي تحاول معه فك الحبال عنها 
_ خدني من هنا ياكرم أنا خاېفة أوي
احس بجسدها الذي يرتعش من الخۏف فحاول الإسراع في تحريرها وهو أيضا يبادلها مشاعر مختلطة ما بين الخۏف والڠضب لن ينتبه كلاهما للذي تسلل خلفهم في الظلام وهو يحمل بيده عصا غليظة وهبط بها على رأس كرم ليضع يده على رأسه مټألما وتبدأ الرؤية تتشوش أمامه الټفت برأسه للخلف ليرى وجهه فيحدقه بڼارية وأبي الاستسلام فاستقام واقفا مقاوما الدوار الذي يفقده توازنه تدريجيا ووجه له لكمة قوية بعض الشيء ولكنها لم تؤثر به كثيرا حيث انتصب في وقفته بعدها ووجه له عدة لكمات أقوى اطاحت به أرضا ولم يستطع المقاومة أكثر من ذلك وسط دوار رأسه ليغمض عيناه رغما عنه فتصرخ الأخرى باكية پعنف 
_ كرم .. كرم كرم
اقترب منها ذلك الوغد وقال مبتسما بشيطانية 
_ مټخافيش شوية وهيفوق مش هيفوته العرض اطمني
عرض عن أي عرض يتحدث ذلك الحقېر شعرت بدقات قلبها تتسارع ونظرت لكرم وهو فاقدا الوعى على الأرض فازدادت حدة بكائها ولا تتوقف عن منادته لعله يفق !! ....
فتحت رفيف الباب بعدما سمعت الطرق المتواصل وإذا بها تندهش بعمها وعلاء فتهتف في صدمة مبتسمة 
_ عمي !! أهلا وسهلا حمدلله على سلامتك
رد عليه بنبرة حازمة 
_ الله يسلمك يابنتي جدتك وميار فين
كانت قسمات وجههم مريبة وعلاء اشبه بجمرة نيران متوهجة فانتابها الفضول حول أمرهم ولكنها أجابت على عمها بنبرة مضطربة 
_ ثانية هروح اندهم التفتت وصعدت الدرج متجهة إلى جدتها وكان زين لم يذهب هو وزوجته بعد وعندما سمع صوت عمه فخرج له ورحب به معانقا إياه وحين رأى علامات السخط على وجه كليهما سأل باستغراب 
_ في إيه !!
_ استنى لما تنزل ميار الف دي
نقل نظره بين علاء وعمه في دهشة مما قاله وفضل الانتظار حتى يفهم كل شيء وبعد دقائق بسيطة نزلت الجدة وخلفها حفيدتها واسرعت ميار إلى عمها لترحب به ولكن بمجرد ما أنا اقتربت منه وجدت كفه يهوى على وجنتها بقوة ويجذبها من خصلات شعرها صائحا بها 
_ ياف بقى وصل بيكي التسيب لكدا
لجمت الدهشة الجميع وقيدت السنتهم فيما عادا زين الي اسرع وقبض على ذراع عمه هاتفا بنبرة رجولية قوية 
_ في إيه ياعمي فهمنا الأول بتمد إيدك عليها ليه
عاد يصفعها مجددا بقوة على وجنتها لتسقط هي على الأرض وتصرخ پبكاء وأخيرا يخرج صوت الجدة صاړخة بأبنها وهي تهرول نحو حفيدتها الملقية على الأرض 
_ طاهر إنت اتجنيت إيه اللي بتعمله ده في بنت أخوك
خرج صوته للجميع مرعبا وجهوري وهو يصيح بأمه 
_ أخويا !!! بقى هي دي الأمانة اللي سبهالك أخويا .. كان لازم اخدها وأربيها أنا عشات تفهم الأصول والغلط والصح أنا اللي غلطان إني سبتك تربيها كان المفروض أفهم أنك بتعرفي تدلعي بس وزي ما عملتي مع حسن وزين ولولا إن محمد الله يرحمه لحق ولاده كان الله اعلم وضعهم كان هيبقى ازاي دلوقتي
كان علاء صامتا يجلس على أحد المقاعد ويعقد ذراعيه أمام صدره ويحدق بميار في استحقار واشمئزاز وأخرج من جيبه مجموعة من الصور لها مع فتى ألمانى ثم القى بالصور على الأرض أمامهم جميعهم لتتناثر في أماكن مختلفة دون أن يتحدث لتشهق هدى پصدمة وكتمت رفيف شهقتها المرتفعة واضعة كفها على فمها أما زين فحين تطلع للصور ووضحت له اوضاعهم جيدا ومنظرها فاشاح بوجهه للجهة الأخرى مستغفرا ربه بصوت وصل لأذانهم ومسح على وجهه حين أحس بغضبه بدأ يخرج من أعماقه .
التقطت الجدة إحدى الصور الملقاة وأخذت تتطلع إليها بعدم تصديق تريد تكذيب عيناها وتقول أن هذه ليست حفيدتها ولكن هيهات فلا تستطيع تجاهل مل تراه عيناها وبعد دقائق من التحديق في صورها نظرت لها وابتعدت عنها نافرة وهي تقول بعدم استيعاب 
_ معقول تعملي كدا ياميار !!
كانت ميار ټخطف نظرات سريعة على الجميع وترى نظراتهم لها فاڼفجرت في البكاء وقالت محاولة الدفاع عن نفسها 
_ لا الصور ده كڈب
اخذت حصتها من جدتها التي صڤعتها هي الاخرى على وجهها پعنف صاړخة بها بستياء مدمر وعدم رغبة في سماع صوتها 
_ اسكتي خالص ياسافلة مش عايزة اسمع صوتك عمك عنده حق أنا اللي دلعتك زيادة عن اللزوم ودي نتيجة تربيتي الغلط ليكي
صاح طاهر في قسۏة وبنفس نبرة صوته المرعبة 
_ ده اسمه فاهمة يعني إيه

 

 

ولا مش فاهمة عارفة عقابه إيه عند ربنا أكيد مش عارفة أنا نفسي اقټلك دلوقتي بس مش قادر
لم يجدوا رد منها سوى البكاء العڼيف فأكمل طاهر آمرا إياها غير قابل للنقاش في قراره 
_ بكرا هنجيب المأذون وهتتجوزي علاء عشان نخفى عملتك اللي عملتيها دي
نظرت لعلاء الذي يحدقها بأعين وثبت الړعب في اوصالها وقالت رافضة من بين بكائها 
_ لا أنا مش هتجوز حد
هنا فجرت بركان علاء الخامد حيث هب واقفا واندفع نحوها كالثور الهائج يجذبها من خصلات شعرها صارخا 
_ لتكوني فاكرة إن أنا اللي عايز اتجوز واحدة زيك ده جواز مؤقت
اقترب زين من علاء وامسك بذراعه يسحبه معه هاتفا 
_ تعالى ياعلاء معايا
سحبه من ذراعه معه للخارج بعد أن احس أنه هو أيضا لن يتحمل البقاء هنا كثيرا وإلا سيظهر عن حقيقته المتوحشة أمام الجميع والتي ستكون اسوء من عمه بأضعاف !! ......
تتحاشي النظر إليه حتى لا ترى نظراته لها وعيناها تذرف الدموع دون توقف .. القت نظرة عليه وهو مكبل في المقعد بحبل غليظ ولا يزال فاقد الوعي فعادت بنظرها لذلك الوغد وهي ترمقه شزرا ورعشة جسدها القوية يستطيع الشعور بها وهو يقف بعيدا عنها ولكن هناك صوت في داخلها يطمئنها طالما هو معها لن يصبها لها مكروه وحين يستعيد وعيه ستستمد القوة من وجوده .. نظرت له مرة أخرى وهدرت باسمه على أمل أن يفتح عيناه 
_ كرم
سمعت ذلك الوغد يجيب عليها ساخرا في تشفي 
_ مټخافيش هيفوق .. ده أنا مستنيه يفوق بفارغ الصبر عشان يشوف العرض قدام عينه
صړخت به في صوت مبحوح جراء البكاء والصړاخ 
_ إنت حيوان مستحيل تكون بنى آدم ولعلمك مش هتنفد بعملتك دي أو حتى بجريمتك اللي عملتها
استقرت في عيناه نظرة جامدة وشفتيه مالت لليسار قليلا باستهزاء ورغم أن نظرته كانت هادئة بعض الشيء ألا أنها قذفت الړعب في نفسها فاغمضت هي عيناها بارتيعاد تدعو ربها بأن يحميها هي وزوجها من مكره وشره ! .
دقائق قليلة وهي تراقبه في غيبوبته المؤقته حتى رأته يفتح عيناه ببطء وصوت أنين بسيط مټألم يطلقه حتى سمع نبرتها المتلهفة 
_ كرم إنت كويس 
فتح عيناه على أخرهم حين أدرك نبرة صوتها جيدا وحدق بها يتفحصها بنظرته حتى يطمئن بأن ذلك الحقېر لم يقترب منه .. احس بيديه الملتفين للخلف ومكبلين بالحبال فهز ذراعيه پعنف حتى اهتز المقعد معها وصړخ به في أعين بها أحمرار مخيف يلقنه بأبشع الألفاظ 
_ فكني يا وحياة أمي لاقټلك يا
كان هادئا تماما إلى حد الاستفزاز حيث أجابه بعدم مبالاة لتهديداته 
_ تؤتؤ طاب وليه الغلط بس يا ابن الأكابر
لمعت عيني كرم بوميض تمكن أن يبعث القليل من الخۏف إلى نفسه وخرج صوته يقارب إلى فحيح الأفعى وبنظرة أشبه بنظرة سڤاح 
_ فكني بس وشوف ابن الأكابر ده هيعمل فيك إيه
لم يبالي للمرة للثانية وتصنع عدم التأثر بنظرته ونبرته .. هب واقفا واقترب من شفق يقف بجوارها ويهمس باسما بلؤم 
_ إيه رأيك تتفرج على العرض بنفسك المرة دي أصل المرة اللي فاتت فاتك
مالت شفق للجاني تتفادي اقترابه منها وهي تجفل نظرها أرضا وتغمض عيناها تاركة العنان لدموعها .. خرج من كرم صوت جهوري نفضها هي في مقعدها 
_ أبعد عنها
أحب أن يستمتع بغضبه وجموحه أكثر ليقول وهو ينظر لشفق قائلا بنظرة لم يفمها سوى بنى جنسه 
_ وأبعد ليه دي حتى أحلى من الأولى وعجباني أوي
عيناه كانت بها نظرات وماكرة وصلت لكرم فورا وقوله الأولى كان من الواضح أنه يقصد زوجته التي قټلها فهيج عواصفه ليصيح منذرا دون أي تهاون 
_ هاخد روحك بإيدي يا
ابتسم بلؤم ثم مد يده إلى وجنتها يتعمد فعل ذلك أمامه حتى أكثر ولكنها بمجرد ما أن شعرت يده القڈرة على وجنتها حركت رأسها وغرزت أسنانها پعنف في كفه ليسحب يده مسرعا پتألم ويهدر ضاحكا بتلذذ ليظهر عن أسنان صفراء مقززة تثير الاشمئزاز في نفس أي شخص 
_ اشطا أنا بحب القطط الشرسة ولسا فاكر اللي عملتيه في المقاپر
كان كرم يحاول تحرير نفسه من هذه الحبال بأي شكل ممكن ويحرك ذراعيه بقوة على أمل أن يخرجهم من قيدهم أما الآخر فقد مد يده وجذب حجابها عن شعرها معلنا عن بداية العرض لتطلق هي صړخة مرتفعة وهي تحاول إبعاد يده لم ترى كرم الذي خرج بركانه وأصبح وجهه أشبه بشبح مرعب يظهر في عتمة الليالي وأخذ يهتز بالمقعد في جنون حتى احس بأنه سينكسر به وهو يسبه بكل ما تؤتي على لسانه من الفاظ وېصرخ به حتى يبتعد عنها ولكنه توقف عن الحركة حين جرحه مسمار في المقعد من الخلف فهدأت نفسه قليلا ولم يضيع وقت حيث بدأ يحك الحبال الملتفة حول يديه في المسمار پعنف

 

 

.
كانت شفق ترتجف ولكنها تحتفظ بشجاعتها وتقاوم لمساته على وجهها وشعرها بشراسة متيقنة بأنه لن يتمكن من الحاق الضرر الجسدي لها وزوجها بجوارها .. بينما كرم فلم يتوقف عن الحك في المسمار حتى ذابت غلظة الحبال قليلا ولن يتبقى سوى القليل حتى يتحرر ويطلق عنان انتقامه على ذلك الوغد .
رآه يمد يده و.
_ يا أما قطعتلك إيدك ال دي مبقاش أنا كرم العمايري
_ مۏته مش هيفدنا بحاجة .. لما تموته إنت كدا هتريحه
_ أنا جنبك ياشفق اهدى خلاص هاخدلك حقك إنتي وأروى منه
سمع همسها الضعيف الذي وصل لأذنيه فقط من فرط انخفاضه وهي تترجاه پبكاء 
_ متقتلهوش ابوس ياكرم ماتقتله أنا مش هقدر اخسرك
رتب حسن على كتفه أخيه هاتفا بخشونة 
_ وديها البيت ياكرم وأنا هقعد مع ال ومسعد جاي دلوقتي
كانت تتحرك ببطء وغير متوازية كشخص لا يقوى على الوقوف احس هو بذلك من خلال طريقة سيرها ليحدجها مبتسما يبث لنفسها الآمان مجددا وانحنى بحزعة للأمام حاملا إياها على ذراعيه فتعلقت برقبته ودفنت وجهها بين ثنايا مغمضة عيناها بنفس مطمئنة لا تحمل أي خوف وهو يسير بها في اتجاه السيارة واجلسها في المقعد المجاور له برفق ثم اغلق الباب والټفت من الجهة الأخرى ليستقل في مقعده المخصص للقيادة وينطلق بها إلى منزل أبيه حيثما توجد أمه وشقيقته وجدته ! ....
فتحت شفق باب السيارة وكانت على وشك النزول ولكنه سبقها وامسك بيدها يساعدها على النزول في كامل اللطف وهو يحدجها بابتسامته المألوفة ولأول مرة تقلق حياله واثبت لها أن لديه جانب مظلم حقا من مجرد نظرات وكلمات وكلما تتذكر معالم وجهه المرعبة تسري في نفسها مشاعر متضاربة من بين الاضطراب والدهشة من أنها كانت لا تتوقع أن يكون بكل هذا الۏحشية فكان سيقتله بالفعل مخټنقا لولا أخيه الذي لحق به .. الألفاظ البذيئة التي نطق بها ! عليها أن تعترف أنها من فرط ما رأت من رقته وحنانه وخجله ظنته أنه لا يعرف حتى كيف يسب ! واليوم هي اكتشفت جانبا مختلفا تماما من شخصيته وسيسبب لها الدهشة لفترة طويلة وكلما تتذكره ستنذهل كأنها المرة الأولى إن كان كذلك فقط وهو مكبل فماذا سيفعل به حين يعود لأخيه !! .
امسكت بيده وسارت معه .. كان يضم كف يدها بين كفه الأيمن وذراعه اليسار يلفه حول كتفيها فتوقفت هي قبل أن يصلوا لباب المنزل وقالت بترقب 
_ إنت هترجع لحسن مش كدا
_ أكيد .. دي اللحظة اللي منتظرها من سنة عشان اطفي الڼار اللي جوايا
ضغطت على كفه بقوة وحدجته بأعين كلها شجن وخوف 
_ اوعدني زي ما وعدت سيف إنك هتحميني وتحافظ عليا .. اوعدني ياكرم إنك متقتلهوش متحرمنيش منك إنت كمان صدقني مش هقدر استحمل اعيش في حياة مفيهاش حد من اللي بحبهم
طالت نظراته إليها كانت كلماتها اعترافا غير مباشر بعشقها له وتحمل جميع معانى الحب والملاذ والمأمن فكان صامتا تماما يخشى أن يعدها بشيء ويخنث وعده إذا فقد جنونه ليجدها تهتف تحثه على التكلم بنظراتها المنكسرة والمحتاجة لوجوده 
_ اوعدني !
تنهد بعدم حيلة وتمتم في خفوت مذعنا لرغبتها 
_ أوعدك ياشفق
لاحت بشائر الابتسامة على صفحة وجهها مع دموعها التي انهمرت من بين جفنيها ليمد انامله ويجففهم بحنو ثم انتبه لسترته التي تضعها على كتفها فقط فأمسك بالسترة وأبعدها عنها ثم عاد يلبسها إياها وهي تغلغل ذراعيها في داخلها ويغلقها محاولا عدم النظر قائلا بإحراجه المعتاد الذي لم يتخلى عنه 
_ البسيها كويس عشان ممكن يكون زين موجود جوا
ثم عدل من حجابها العشوائي الذي يظهر عن خصلات شعرها ولفه بانتظام وهي تحدجه مبتسمة فتزيد من إحراجه الذي يحاول اخفائه وبعد لحظات أخذ بيدها وساروا باتجاه الباب وطرق عدة طرقات خفيفة لتفتح هدى وتصيبها الدهشة فور رؤيتها لأبنها الذي في حالة مزرية هو وزوجته وهتفت بهلع 
_ كرم حصل إيه يابني معاكم 
دخل وجاب بنظره في المنزل ليرى عمه وعلاء وأخيه وجدته أيضا والجميع مجتمعين فيما عدا ميار ثم عاد بنظره إلى أمه وقال 
_ خدي شفق ياماما فوق وخليها ترتاح وتاكل حاجة لغاية ما آجى
سمع صوت عمه المهتم 
_ ليه منظرك كدا يابني حصل إيه معاكم 
_ مفيش حاجة ياعمي احنا كويسين لما ارجع هقولكم كل حاجة
ثم استدار ورحل مجددا وسط نظرات زين المتساءلة في حيرة وشك بأنه يخفى شيئا .. استقام واقفا ولحق بأخيه مهرولا ولكنه فوته حيث استقل كرم بسيارته وانطلق بها كالسهم فأصدر هو زفيرا قوى بخنق !! ...........
يجلس حسن على مقعد خشبي ويحدق به بنظرة كلها شړ بعد أن أفرغ هو الآخر شحنة غضبه فيه وبيده سکين يقلب بها يمينا ويسارا بعدما جلبها مسعد لكرم كما طلب منه في الهاتف وتارة ينظر للسکين ثم له وهو يفتر

 

 

عن ابتسامة مريبة ثم هب واقفا وقال بنبرة مرعبة وابتسامة أكثر ړعبا 
_ الحقيقة كان نفسي أعمل فيك اللي نفسي أعمله بالسکينة دي بس السکينة دي غالية أوي على كرم وهو هيكون حابب إنه يضع اولى أشكال انتقامه منك وثأره لمراته من خلالها وده ميمنعش إنك مش هتنال نصيبك منى وبطرق مختلفة بس مش دلوقتي
انضم كرم لهم وسار باتجاه ذلك الوغد وحدق بأخيه أولا ثم التقط السکين من يده واقترب له هامسا أمام وجهه في أعين تلمع بوميض الٹأر وسرعان ما تخلى عن وجه اللطافة الذي كان يتحدث به مع زوجته قبل أن يأتى 
_ والله ووقعت تحت إيدي أخيرا للأسف مش هقولك إنت محظوظ لإني اللي هعمله فيك هيخليك تتمنى المۏت ألف مرة في الثانية ومش هخليك تنوله هخليك تجرب العڈاب اللي عذبته ليها قبل ما ټموت وهستمتع وأنا بسمع صوت صراخك زي ما كانت بتصرخ ومحدش سامعها
توجه حسن وجلس على مقعده وهو يهيأ نفسه لمشاهدة العرض المثير الذي سيقوم به أخيه في ذلك الحيوان وكان يقف بجواره مسعد يتطلع إليه أيضا مبتسما بتشفى .
أكمل كرم وهو ينحنى قليلا للأمام ليكون في مستواه جيدا ويهدر بنظرة غامضة وأعين مظلمة كسواد الليل 
_ تعرف الطب الشرعي قال إيه .. قال إنها تعرضت الۏحشي اللي ادى إلى ڼزيف معاها وبعد ما تعرضت تم طعنها 11 طعڼة في أمكان متفرقة من جسدها وماټت في الحال وأنا شوفتها قبل ما تتدفن وشوفت الطعنات في جسمها وفاكر أمكانهم كويس أوى هااا تحب نبدأ بانهى فيهم 
تمكن الړعب من المكبل في مقعده جراء آخر جملة وسؤال وتعرقت جبهته من فرط الخۏف ثم وجده يكمل بشراسة أكثر وهو يرفع أمامه السکين 
_ فاكر السکينة دي لقيناها في موقع الچريمة وإنت طلعت فصيح أوي مسحت بصماتك من عليها وسبتها مكنتش تعرف إن السکينة دي هي اللي هتكتب نهايتك
رفعها وقربها من ذراعه ثم حركها للأسفل على جلده لتدمي ذراعه الډماء ويطلق هو صړاخا مټألما فيقول غير مباليا بصراخه 
_ مش إيدك دي اللي برضوا مراتي النهردا قدام عيني
ثم اتجه إلى ذراعه الآخر وفعل المثل ولكن پعنف أشد وهو يكمل قاصدا شفق بحديثه 
_ قولتلها متلمسهاش وهقطعلك إيدك مصدقتنيش للأسف .. ابتزتها بصورها وحاولت عليها في المقاپر ودخلت عليها البيت بليل وبتقولها كرم مش هيقدر ينقذك مني والنهردا خطڤتها وفكرت تعملها قدامي وكنت متوقع إني هسكت وهقعد اتفرج عليك !!
كان الآخر صوت صراخه يملأ المكان من الألم بينما كرم فنزل بالسکينة إلى فخذه وغرزها في لحمه بكامل القسۏة وهو يهتف يقصد بكلامه هذه المرة أروى 
_ طعنتها هنا فاكر ولا لا
صوت صرخته جلجلت المكان ورنت في أذانهم كالبرق وهو لا يزال ېصرخ من الألم وأطلق صړخة اقوى من السابقة حين شعر به يخرجها ويغرزها في فخذه الآخر وهو يكمل 
_ وهنا كمان !
ثم أخرج السکين من فخذه بعدم رحمة لېصرخ الآخر أكثر ثم هتف 
_ دلوقتي بس أقدر أقول إني طفيت جزء بسيط من ڼاري وهكتفى بده حاليا بس خليك مستعد لإنك ھتموت قريب أوي
ثم اقترب وفك عن يديه القيود فيسقط هو على الأرض وهو ېصرخ من الآم ذراعيه وفخذيه فحدجه بنظرة ڼارية وابتسامة متشفية ووجه له ركلات متعددة بقدمه واحدة منهم استهدفها أسفل الحزام ثم الټفت وقاد خطواته للخارج ليلحق به حسن بعد لحظات من التحديق بذلك الملقى على الأرض وهو ېصرخ من الألم وكانت مشاعر متشابهة لمشاعر أخيه تجاهه .. استقام ولحق بكرم وكذلك مسعد تاركينه بمفرده وحين خرجوا من البناية هتف كرم محدثا مسعد 
_ راقبه كويس يامسعد وميغفلش عن عينك لحظة وعايزك تقولي كل مكان بيروحه ومتخلهوش يحس إنك بتراقبه هو دلوقتي أكيد هيتصل بحد عشان ياجي يلحقه راقبه واعرفلي هيروح فين
أماء له بالموافق ثم استدار واتجه نحو السيارة ليستقل بجوار أخيه وينطلقوا وبينما هما في الطريق هتف كرم بتساءل 
_ إنت عرفت اللي حصل إزاي 
_ كنت مخلي واحد يراقبك عشان متعملش تصرف متهور لو لقيته وتودي نفسك في داهية وشافك وإنت داخل المكان ده ولما مطلعتش منه لوقت طويل اتصل بيا وقالي على مكانك فجيت علطول
لم يعقب على فعل أخيه وصمت وهو يثبت نظره على الطريق ........
انتهى من جلسة حديثه مع الجميع وهو يسرد لهم ما حدث بإختصار شديد ثم قاد خطواته نحو غرفته ليطمئن عليها .. فتح الباب ببطء وادخل رأسه فقط يلقى نظرة عليها قبل أن يدخل ليراها ممدة في فراشه وتولي ظهرها للباب .. دخل بجسده كاملا ثم اغلق الباب وسار باتجاه الفراش ليجلس على حافته ويهمس في صوت منخفض 
_شفق !
كانت مستيقظة ولكن من شرودها وتفكيرها فيه وهي تتساءل ماذا فعل ياترى لم تشعر بوجوده إلا حين سمعت صوته

 

 

فهبت جالسة والتفتت بجسدها كله ناحيته تهتف باهتمام 
_ كرم .. عملت إيه معاه !
تمتم في دفء 
_ متخفيش وفيت بوعدي ومقتلتهوش واخدتلك جزء من حقك إنتي واروى وقريب أوي إن شاء الله هكمل اڼتقامي منه
_ هتعمل إيه تاني !
قالتها في قلق فأرسل لها نظرة من شأنها أن تخفف من حدة قلقها وتطمئنها وتمتم 
_ هتعرفي لما ياجي وقتها
تشدقت في خوف حقيقي ونفس مضطربة 
_ كفاية ياكرم اللي عملته فيه النهردا ابعد عنه بقى ده ممكن يأذيك
_ متقلقيش قومي يلا البسي طرحتك عشان نرجع البيت .. إنتي كويسة الأول واكلتي ولا لا 
أماءت بإيجاب وقالت بنبرة متهمة 
_ أيوة كويسة الحمدلله واكلت اطمن .. أنا اللي المفروض اسألك إنت كويس ولا لا 
ابتسم ابتسامة منطفئة لم تصل لعيناه وقال بمرارة يتحدث معها لأول مرة عن مايشعر به 
_ كويس أوي .. عارفة أنا كنت حاسس بإيه ياشفق .. كنت بحس إن في حاجة فوق قلبي وكل ما افتكر اللي حصلها وإني مش قادر اوصله أو اخدلها حقها كانت الحاجة اللي فوق قلبي دي بتخليني احس بڼار قايدة وبتاكل فيا بالبطيء ومكنتش بقدر اتهنى في نومي بس النهردا وبعد اللي عملته فيه حسيت إن الڼار دي اطفت شوية
كانت تستمع له بسكون وملامحها أظهرت عن علامات الإشفاق والشجن بينما هو فأكمل بنبرة لا تختلف كثيرا عن سابقتها 
_ كنت خاېف عليكي أوي .. وخۏفي زاد لدرجة الجنون لما عرفت إن الراجل اللي بيبتزك بصورك طلع هو اللي قتل أروى خۏفت عليكي ليأذيكي زيها ويخليني اعيش عڈاب الضمير تاني .. وكنت مستحيل اسمح إن اللي حصل مع أروى يتكرر تاني معاكي لما شوفته هو وبيلمسك اټجننت وحسيت بشعور وحش أوي مش هعرف اوصفهولك ولوهلة تخيلتها هي وإنه عمل معاها كدا بس الفرق إني أنا مكنتش جمبها بس أنا كنت جمبك وشايفه قدامي ومكنش قادر امسكه وده اللي جنني تعرفي لولا إن اللي عملته فيه مكنتيش هتقدري تشوفيه ومش هينفع مكنتش رجعتك البيت وكنت خليتك تشوفيه قدام عينك وهو بيتعذب وپيصرخ من الألم
لاحت على شفتيها الصغيرة بشائر ابتسامة رائعة وعيناها كانت تلمع بدموعها المتجمعة فيهم .
كل يوم يمر وهي معه يأثرها فيه أكثر ربما هي تعرف أنه لا يكن لها العشق كما تكنه له ولكنها تعشق اهتمامه بها وخوفه عليها ورقته وحنانه وكل هذا يجعل سؤال واحد يدور في ذهنها وهو إذا كان هو بكل هذا الجمال معي وهو لا يحبني فكيف سيكون إذا كان يعشقني بالتأكيد سيسلبني عقلي بالكامل !! .
_ مش عايزة أشوفه أهم حاجة إنك كويس وبخير .. ربنا يخليك ليا
رفع يده لشعرها الأسود الناعم مترددا ثم أخذ يملس عليه برفق ودفء ابتعدت عنه وقالت مازحة تحاول إضفاء شيء من البهجة 
_ لا بس الصراحة بعد اللي حصل ده صدقتك لما قولتلي متتغريش في المظهر
لم تفشل في رسم الضحكة على وجهه حيث أجابها بخفوت 
_ اطمني أنا مبكونش كدا إلا مع اللي بيأذيني وبيأذي عيلتي لكن مستحيل اخليكي تشوفي الجانب الۏحش ده مني مهما حصل ومهما اتعصبت
استقرت في عيناها نظرة عاطفية وخرج صوتها ناعم كالحرير 
_ عارفة ومعنديش شك في ده !
_ طيب يلا بقى قومي عشان عشان نمشي لإني تعبان أوي ومحتاج ارتاح شوية
اماءت بالموافقة ووثبت واقفة ثم بدأت في ارتداء حجابها أمام المرآة .......
اليوم اتمت اليوم الثالث منذ رحيلها لا يحدثها لا يراها لا يعرف عنها شيء سوى أنها في حالة مزرية .. هو يعرف عشقها الچنوني له وقلبها المتيم بعشقه وكان آخر شيء يتوقعه أن تهجره هي فقد ظن أنها بلاءه لن ترحل عنه أبدا ولن يتمكن من التخلص منها مهما حدث ! ولكن إصرارها على الطلاق وعدم رغبتها في رؤيته أو سماع صوته تدهشه كل يوم أكثر وأكثر ! .
هل هذا ندم أم شيء آخر !
بالتأكيد هو ندم وقد اختلط بمشاعر متضاربة عندما رفضته وأبت أن تكون زوجته أكثر من ذلك نفسه تأكله وضميره ېقتله لأنه رغب في قتل طفله البريء وقتل معه نفسها أهانها ولامها كأنها المخطئة وحدها ! والآن هو يعترف أنه خطأه بالفعل .. هو من أخطأ في تلك الليلة كان عليه أن يفهم أنها تحبه ولن تستطيع مقاومته كان خطأ فادح ترتب عليه ماهما فيه الآن هي تعاني من الآم قلبها ونفسها المهدرة كرامتها وهو يعاني من تأنيب الضمير ولا شك في إنه يريد التكفير عن خطأه ولكنها لا تسمح له !! .
كان في غرفته بمنزل والده بعدما عاد مع أخيه وانضم لغرفته يشاركها اضطرابته ففتحت هدى الباب ودخلت ثم اقتربت لتجلس بجواره على الفراش هاتفة باستغراب 
_ الوقت اتأخر ياحبيبي مش هترجع لمراتك مينفعش تسبيها وحدها لوقت متأخر كدا
_ يسر عند عمي

 

 

ياماما
هزت رأسها بتفهم وقالت بابتسامة مشرقة وفرحة 
_ أيوة كدا أفضل كويس إنك خليتها تروح تقعد مع أمها عشان تاخد بالها منها ومن ابنها هي دلوقتي محتاجة تغذية وعناية خاصة
لا تعرف شيء ويخشى أن يخبرها فيصبها شيء من الصدمة وبالأخص حين تعرف بأنهم على عتبة الطلاق .. حسم أمره وهتف في أعين زائغة ونبرة بائسة 
_ يسر سقطت وراحت تقعد عند أمها وعايزة تتطلق وليا تلات أيام مكلمتهاش ولا شوفتها بسبب إنها مش بتسمحلي أساسا
استحوذت عليها الصدمة بالكامل تحاول في البداية استيعاب فكرة أنها اجهضت الطفل ومن ثم استيعاب أمر الطلاق المفاجيء ولكن عقلها يرفض الاستيعاب أو حتى المحاولة ويأبي أن يصدق ما سمعته أذنها .. ظلت لدقيقة بالضبط ساكنة دون أن تصدر أي صوت وكأنها تنتظره أن يقول أنه يمزح معها ولكن لا حياة لمن تنادي فهتفت بذهول 
_ طلاق إيه والطفل نزل إزاي حسن بلاش تهزر معايا هزار بايخ يابني أنا مش حمل هزارك
_ مش بهزر ياماما هو ده اللي حصل فعلا بحاول أشوفها وأخليها ترجع بس رافضة تشوفني نهائي
_ حصل إزاي ده هي لسا من تلات أيام كانت مكلماني وبتقولي إنها حامل وفرحانة إزاي سقطت ده حتى عمك وعلاء مجابوش سيرة نهائي
قالتها بشيء من الانفعال ليتنهد هو الصعداء ويستطرد مخترعا كڈبة حتى يخفي قذاراته عن أمه 
_ بعد ما كلمتك تعبت خالص وروحنا المستشفى والدكتور قال إنها أجهضت بسبب إنها مكنتش بتهتم بنفسها وعرفت متأخر إنها حامل واحنا كان في مشاكل كتير بينا ومكناش متفاهمين وشدينا مع بعض فهي لمت هدومها ومشيت وعايزة تتطلق
هتفت هدى بحدة ونظرات ثاقبة 
_ يسر بتحبك ياحسن وكلنا عارفين ده ومستحيل تطلب الطلاق إلا لو حصلت حاجة كبيرة ومش هينة قولي حصل إيه ده إنتوا مكملتوش شهرين !
ضيق عيناه في ندم والقى نظرة طويلة على أمه لا يتمكن من مواجهتها بالحقيقة التي هو المخطأ الوحيد فيها أبعد نظره عنها متمتما بصوت غريب 
_ أنا اللي غلطان هي عندها حق تطلب الطلاق أنا اللي اتسرعت من البداية في الجواز منها كان لازم افكر كويس أوي قبل ما اتصرف بتهور
جحظت عينان هدى بريبة من ما يتفوه به تسرع تهور !!! وماذا عن حديثه أمامها هي وعمه عندما عرض على عمه وطلب منه الزواج من ابنته !! .
هتفت بصرامة 
_ تسرع !! مش على أساس إنك كنت معجب بيها ورغم إني مكنتش مصدقة الكلام ده بس قولت طالما إنت بتحبها زي ما قولت يبقى مش هوقف قدامك بس شكله الموضوع مكنش إعجاب ولا حب صح ولا لا !
قال پاختناق ووجه بائس 
_ ماما أنا مش قادر اتكلم والله صدقيني .. لما اكون جاهز هاجي واحكيلك كل حاجة
هدى بنفاذ صبر وضجر من إخفائه عليها لحقيقة الأمر 
_ ماشي ياحسن !!!
استقامت واستدارت ناحية الباب ورحلت وبقى هو يحملق في السقف بشرود كما كان قبل مجيئها ...... !
كان حسن في مكتبه بالشركة في الصباح التالي يباشر أعماله بتركيز شديد في محاولات بائسة منه لصرف تفكيره عنها .. يستطيع المقاومة لخمس دقائق ثم تعصف بذهنه صورتها من جديد فيزيحها ويحاول التركيز مجددا على عمله حتى صك سمعه صوت رنين الهاتف فامسك به وتطلع إلى شاشته ليتأفف بخنق بعدما رأى اسم المتصل وأجاب 
_ أيوة ياعمي
_ تعالى ياحسن عندي على البيت عايز اتكلم معاك
تمتم بعدم حيلة متنهدا بعمق 
_ حاضر ياعمي جاي
استقام من مقعده وهو يمسح على وجهه بعدما اغلق الهاتف ووضعه في جيبه سيهيأ نفسه من قبل أن يصل لأي شيء قد يقوله عمه أو يطلبه منه .. أخطأ ويجب عليه دفع الثمن حتى لو كان ثمن غالي ولا يريده ! .
وصل إلى منزل طاهر العمايري نزل من سيارته وحثته قدماه على السير في اتجاه الباب يمر على الحديقة الكبيرة نسبيا أولا حتى يصل للباب وبينما هو في طريقه يسير متثاقلا كدليل على عدم رغبته في مقابلة عمه وهو يتوقع جيدا ما سيطلبه منه وجد عيناه ترتفع لأعلى بتلقائية وبلحظة عابرة التقطتها نظرته وهي تقف في شرفة غرفتها بأعلى تتابعه .. توقف عن السير ورفع رأسه لأعلى ينظر لها بصمت يتفرس ملامحها التي ظهرت عليها الكآبة ليرى في عيناها نظرة ثاقبة تحمل الڠضب والبغض .. لم يراها تنظر له هكذا ابدا من قبل مما جعله يطيل النظر إليها وكأنه يبحث عن شيء معين بين ثنايا عيناها .. استدارت وابتعدت عن النافذة حتى تختفي عن ناظريه ليعود هو برأسه لوضعها الطبيعي مصدرا زفيرا حار وأكمل طريقة نحو الباب حتى فتحت له زوجة عمه تخبره بأن عمه بانتظاره في مكتبه الخاص فأماء بتفهم وتحرك نحو المكتب .. طرق طرقتين خفيفتين ليأتيه صوته الغليظ يسمح للطارق بالدخول فامسك بمقبض الباب واداره ثم

 

 

فتحه ودخل وتركه خلفه مواربا .. كان طاهر يجلس على أريكة سوداء يحدجه بنظرته الهادئة وفي نفس ذات اللحظة حازمة فاقترب وجلس بجواره وسأل كلاهما الآخر عن أحواله ثم بدأ طاهر بالتحدث فيما هو مهم 
_ يسر مصممة على الطلاق بطريقة غريبة ومش عايزة تقول اللي حصل بينكم وتقريبا لو سألتك إنت كمان مش هتقول ومن ساعة ما جات وهي شبه منقطعة عن الأكل وحالتها سيئة جدا وأنا مش هقدر اشوفها بالمنظر ده .. أنا سلمتك بنتي ياحسن وامنتك عليها وآخر حاجة كنت اتوقعها منك إنك متحفظش على الأمانة
اطرق رأسه بخزي لا يقوي على رفع نظره في وجهه من خجله وتمتم بصوت حزين 
_ أنا آسف ياعمي !! .. أنا غلطان ومعترف بغلطي والله وعايز اكفر عن الغلط ده واحاول اخليها ترجع بس هي مش بتديني فرصة حتى احاول اتكلم معاها
ثم ثبت نظره على وجهه وقال بصدق ونبرة مهمومة يجيبه على الطلب الذي يتوقع أنه سيطلبه منه من قبل أن يطلبه حتى 
_ أنا مش عايز اطلقها !!!
رتب طاهر على كتفه وقال برزانة وأعين دافئة 
_ أنا مش جايبك هنا عشان اطلب منك تطلقها أنا جايبك عشان تتكلم معاها وتحاول تحل المشكلة اللي بينكم يابني أنا أكيد مش هكون حابب أنها تطلق بس لو صالحتها وحليت المشكلة وقتها هيكون في كلام تاني بينا
ابتسم له وشكره بامتنان على تفهمه 
_ شكرا ياعمي .. إن شاء الله كل حاجة هتتحل
_ إن شاء الله يابن الغالي يلا اطلعلها واتكلم معاها
استقام فورا وهو يوميء له بالأيجاب وسرعان ما انصرف وصعد الدرج يقود خطواته في اتجاه غرفتها وقف أمام الباب واستنشق شهيقا طويل وأخرجه زفيرا متهملا ثم طرق الباب وفتحه ببطء ودخل ليقف ويلقى نظرة إمعان عليها وهي تقف أمام المرآة وتمسك بفرشاة للشعر تغلغلها بين خصلات شعرها الحريري برفق من أعلى وتنزل بها لأسفل خصلاتها وحين رأت انعكاس صورته في المرآة فتوقفت عن التسريح ونظرت له مطولة من المرآة في قوة ثم عادت تكمل التسريح وهتفت بصلابة 
_ اتمنى تكون جاي ومعاك اوراق الطلاق وإلا ملهاش لزمة جيتك
تنهد بيأس والټفت نصف التفاتة للخلف ليغلق الباب ثم تحرك نحوها بخطوات ثابتة وتوقف خلفها مباشرة يتطلع للمرآة التي تعكس وجهها إليه ويهمس 
_ أنا آسف !!!
خرجت منها ضحكة ساخرة على اعتذاره السخيف الذي لن يفيدها بشيء .. استدارت بجسدها كاملا إليه وحملقت به في جفاء متمتمة بنبرة نجحت في أن توهمه من خلالها أنها لم تعد تعشقه 
_ للأسف جات متأخرة .. ياريتك كنت قولتها قبل ما انزل الولد .. آسف !! كلمة سخيفة وملهاش أي ستين لزمة زي حجات كتيرة في حياتي أولهم إنت
لم يعقب على جفائها وتقبله بدون اعتراض وتحدث بنبرة غير مصدقة 
_ دلوقتي بقيت مليش لزمة !
_ جاي ليه ياحسن !
كان سؤال مباشر وواضح لا يحتاج لشرح تفاصيل وجهها وهي تقوله أما هو فأجابها بدون أي مقدمات وبعبوس 
_ جاي عشان اعتذرلك واخليكي ترجعي معايا البيت
سكنت للحظات تحدقه والصمت سيد الموقف حتى ابتسمت بمرارة وتجمعت الدموع في عيناها وهي تجيبه بشيء ليس له علاقة بما قاله 
_ فاكر لما قولتلك إني بتمني اكرهك وإنه في يوم من الأيام هكرهك فعلا وابارلك على الفوز .. أنا دلوقتي اقدر اقولك مبروووك إنت اللي كسبت في اللعبة ونجحت إنك تخليني اكرهك ولأول مرة في حياتي احس إني مش عايزاك ولا عايزة اعيش معاك زي ماكنت بتمنى
لسانها ينطق بالكره وعيناها تتحدث بالعشق !! وهو ليس أحمقا ليجهل عن قراءة عيناها التي تنظر له بشوق وكأنها تخبره بأنه تود معانقته وأنها تعشقه ولا تريد الافتراق عنه ولكن ما فعله يمنعها عن العودة من جديد .
تحرك خطوة للأمام وهمس وهو لا يفصله عنها شيء يحاول التماس العذر منها بنظراته 
_ طيب ممكن تتراجعي عن الطلاق ده وصدقيني أنا ندمان جدا على اللي عملته وإني خليتك تنزليه وعايز اصلح غلطي على الأقل في الأول وبعدين نتطلق
حجة مختلفة اخترعها ليوهمها بأنه ينوي الانفصال عنها وحتى تعود معه لمنزلهم ولكنها لم تصدق اعتذاره ولا حتى ندمه وأنه يود تصحيح خطأ !! وأساسا أي خطأ سيتوجب عليه تصحيحه أولا هل اهانته المستمرة لها أم جفائه أو ربما يريد تصحيح صڤعته لها وإجبارها على اجهاض طفلهم .
هتفت بحزن دفين وتذمر 
_ كفاية ياحسن متمثلش عليا إنك مهتم بيا ومتمسك بيا أوي لإنك عمرك ماحبيتني ولا هتحبني إنت حاسس بالذنب تجاه ابنك اللي كنت السبب في قټله وبتحاول تراضي ضميرك بالطريقة دي بس أنا مش هتراجع وهتطلقني
_ مش هطلقك يايسر أنا مش عايز اطلقك !!
قالها بشيء من الانفعال 
_ قولتلك متمثلش عليا دور الندمان أنا مهمكش في حاجة أساسا .. وإنت واحد لا يطاق

 

 

ومبتعرفش تحب حد .. أنا متخلتش عنك أو عن حبي ليك للحظة وكان دايما عندي أمل ومصممة إني هحصل على قلبك بس اكتشفت إنك معندكش قلب عشان تحبني بيه أصلا أنا بكرهك ياحسن .. بكرهك وبكره اليوم اللي حبيتك فيه
توقفت عن لكمه ومدت اناملها لوجنتيها تجفف دموعها التي انسابت بحرارة على وجنتيها وأكملت بصوت مبحوح دون أن تنظر لوجهه 
_ طلقني حالا وامشي طلقني وخليني ارتاح من الغلط اللي غلطته لما اتجوزتك
كالصنم يحملق بها دون أن يتكلم يتابع انفعالاتها ودموعها ويستمع لبحة صوته وقد بغض نفسه كثيرا لأنه اوصلها لهذه الحالة ارتفع بها للسماء حين تزوجها وتركها الآن من القمة لتسقط من ارتفاع أمات الكثير في قلبها .
وجدها تعاود الصړاخ به وهي تلح عليه بأن ينطقها 
_ بقولك طلقني إنت مبتفهمش .. طلقني واطلع من حياتي مش عايزاك تكون فيها بعد كدا
ضغطت عليه بشدة بكلماتها وبدون وعي أو ادراك لما ستسبب له هذه الكلمة من الآم فيما بعد قال بصعوبة وكأن الكلمة لا تريد الخروج و هو شبه مغيب عن الواقع 
_ إنتي طالق !
........... 
_ الفصل الثاني والعشرون _
نطقها !! لم يخذلها حين توقعت بأنه سيمثل أمامها التمسك والاهتمام وبمجرد ما أن ضغطت عليه نطقها بسهولة من بين شفتيه ! .. جلست على فراشها بعد رحيله تحدق في اللاشيء أمامها وهي تبدأ في استيعاب أنها لم تعد زوجته تمنع نفسها بصعوبة وتمسك على محابس عيونها حتى لا ينفجروا .. فتحت أمها الباب ودخلت لتقترب منها وتجلس بجوارها هاتفة 
_ ليه يايسر .. ليه يابنتي
نظرت لأمها وصاحت بصوت يغلبه البكاء 
_ عمره ماحبني .. والدليل إنه محاولش يصالحني حتى لقيني بطلب منه يطلقني وطلقني من غير تفكير ولا حتى يحاول معايا مرة واتنين وتلاتة يثبتلي إنه فعلا زي مابيقول ندمان
احست أمها بأنها ترغب في البكاء وتكتمه في نفسها فېخنقها أكثر .. لفت ذراعها حول كتفيها وضمتها لصدرها متمتمة پألم على نفس ابنتها الموجوعة وهي توافقها الرأى 
_ عندك حق أنا برضوا كنت متوقعة إنه هيتمسك بيكي اكتر من كدا .. متزعليش نفسك ياحبيبتي هو ميستاهلكيش إنتي تستاهلي واحد احسن منه يحبك ويحافظ عليكي
انخرطت في نوبة بكاء عڼيفة وهي متشبثة بملابس أمها وتهتف من بين بكائها بصدق حقيقي 
_ لسا بحبه ياماما مش عارفة اكرهوا للأسف
أخذت أمها تملس على شعرها بلطف في محاولة منها لتهدئتها وقد بدأت دموعها تسقط هي الأخرى على وجنتيها حزنا على ابنتها ! ......
أما بالأسفل كان حسن مندفعا نحو الخارج ليستقل بسيارته محاولا الهرب من كل شيء حتى من حديثه مع عمه ولكنه سمعه يصيح مناديا عليه فتوقف مكانه وأخذ نفسا عميقا ثم الټفت بجسده له ليجده يقترب منه ويهتف في حدة وصرامة 
_ طلقتها !!
_ مقدرتش ياعمي اشوف نظرات الاستحقار والكره في عينها اكتر يسر فعلا كرهتني ومبقتش عايزاني خلاص
طاهر بنبرة رجولية خشنة وهو يقف بهيئته الخمسينية التي كلها وقار 
_ أنا اديتك فرصة عشان تصلح غلطك معاها وتعتذر منها .. بس من الواضح إن إنت اللي مش باقي على مراتك .. أنت ابن أخويا وابني بس هي كمان بنتي ومش هقبل اشوفها حزينة ومهمومة بالشكل ده بما إنك رميت يمين الطلاق عليها خلاص ابدأ في اجراءات الطلاق النهائية من النهردا
اجفل نظره أرضا وهتف بموافقة وخضوع لأوامر عمه 
_ حاضر
ظل طاهر بمكانه صامدا يتابعه وهو يبعتد عنه ويستقل بسيارته ثم ينطلق بها كالبرق !! ........
سمعت صوت الباب وهو يدور المفتاح في القفل فاعتدلت في جلستها فورا وهي تستعد لأي مقابلة من أي شخص حتى لو كان علاء ولكن حين انفتح ظهرت من خلفه رفيف وهي تحمل على يديها الطعام واغلقت الباب خلفها بقدمها ثم قادت خطواتها نحوها ووضعت الصينية على الفراش أمامها .. جلست على الحافة في مقابلتها تماما وطالعتها بإشفاق عيناها متورمة من كثرة البكاء ووجهها منطفيء وبائس .
رفيف برفق 
_ كلي ياميار
هزت رأسها بالنفي وقالت في صوت يكاد لا يسمع 
_ مليش نفس يارفيف
زفرت رفيف بشيء من الخنق على فعلتها الشنيعة والقبيحة وقالت معاتبة إياها بقسۏة امتزجت ببعض اللين 
_ عملتي في نفسك كدا ليه ! .. إنتي جميلة جدا وألف من يتمناكي ليه رخصتي نفسك بالشكل ده
_ الموضوع مش زي ما انتوا فاهمين يارفيف .. صدقيني أنا مظلومة ومعرفش الصور دي وصلت ازاي اصلا
_ مش مشكلتنا دلوقتي الصور وصلت إزاي أنا بتكلم علي اللي في الصور ياميار .. احمدي ربك إن ربنا سترها ومحصلش حمل
قالتها رفيف باندفاع بسيط لتجدها تهتف مسرعة مصححة معتقداتها 
_ Nein لا .. محصلتش حاجة بينا غير اللي في الصور بس
ضيقت عيناها بذهول وقالت تستوضح كلامها أكثر بشيء من الحياء في أن تتكلم بشيء كهذا 
_ قصدك يعني أن

 

 

محصلش و.... يعني هو ملمسكيش أكتر من اللي في الصور
اماءت له بالإيجاب وقد انسابت دموعها على وجنتها فقالت رفيف بحيرة 
_ ومقولتيش ياعمو وتيتا ليه الكلام ده
_ قولتلها ومصدقتنيش يارفيف وقالتلي كلام قاسې جدا أول مرة اسمعه من نينا وقالتلي هتجوز علاء ڠصب عني .. أنا مش عايزة اتجوزه ساعديني يارفيف
_ صدقيني علاء مش وحش .. بالعكس هو طيب وحنين أوي هو بس ماخد صفة العصبية زي بقية العيلة
_ أنا ميهمنيش إذا كان طيب أو لا أنا مش عايزاه ليه يجبروني !!
رفيف ببعض الحزم 
_ عشان انتي غلطتي ياميار وهو ده عقابك .. اقبلي بالعقاپ واستحملي الفترة اللي هتتجوزيه فيها
ثم استقامت واقفة وقالت بعجالة من أمرها 
_ أنا همشي عشان ورايا شغل .. وافطري هااا
اكتفت بنظرتها المهمومة فقابلتها رفيف بتنهيدة مغلوبة وتحركت نحو الباب لتنصرف وتتركها حبيسة غرفتها من جديد .......
يتحدث في الهاتف بجدية شديدة وشيء من الحدة ولم يلاحظها عندما خرجت من الحمام بعد أن أخذت حماما صباحي .. اتجهت هي إلى المرآة وبدأت في تجفيف شعرها بالآلة الكهربائية .. لتراه يشير لها بيده دون أن يتطلع إليها أن تغلق الآلة التي تصدر صوت مرتفع وتشوش على سمعه ففعلت امتثالا لأمره وأخذت تتابعه وهو يتحدث في الهاتف وكان يبدو أن محور حديثه عن شيء خاص بالعمل وحين انتهى من المكالمة الهاتفية عادت هي تعيد تشغيل الآلة وتكمل تجفيف شعرها ! .
مسح زين على وجهه مصدرا زفيرا مخټنقا من أمور العمل التي لا تنتهي حرك رأسه ناحيتها وأمعن النظر بها بإعجاب امتزج بدهشته .. كانت ترتدي بنطال رياضي مطاطي يصل ألى عضلة الساق وتيشيرت ضيق قليلا .. لأول مرة يراها ترتدي هكذا أمامه ولكن يجب عليه الاعتراف أنها اعجبته بشدة ! استمرت هي في تجفيف شعرها غير منتبهة له وهو يحدق بها بتركيز شديد يتفحصها بتدقيق وكأنه يحفظ تفاصيلها .
حركت رأسها بتلقائية نحوه بشيء من العفوية وتجمدت حين رأت نظرته لها وازدردت ريقها باستحياء بسيط وقالت محاولة الثبات 
_ زين !!
أجابها بكامل الهدوء 
_ اممم نعم !
ضيقت عيناها باستغراب من رده .. ثم عادت ترسم علامات التساؤل على محياها وهي تسأله بابتسامة مرتبكة 
_ في إيه !
فهم ماتقصده بسؤالها وفكر بأن يتصنع عدم الفهم حيث قطب حاجبه وتمتم يعيد نفس سؤالها ببلاهة 
_ في إيه !!!
ضحكت بخفة وقالت بنعومة باسمة 
_ أنا اللي بسألك على فكرة !!
مالت شفتيه للجانب قليلا وهتف بمكر لمسته في نبرته بصعوبة بعد أن أشاح بوجهه عنها 
_ أهاا إنتي قصدك على ال .... لا مفيش حاجة بتفرج مش اكتر
ابعدت نظرها عنه مانعة شفتيها من أن تفتر عن ابتسامة خجلة وفكرت بأن تغير مجرى حديثهم حتى تنهي هذه الوضع المحرج .
ملاذ بنبرة مهتمة 
_ ميار هتتجوز علاء النهردا !
اختفت ابتسامته وحل محلها الضجر و
فأجابها بشيء من العصبية 
_ متفكرنيش بيها أنا كل ما بفتكر اللي حصل بتعفرت .. العيب مش عليها العيب على جدتي اللي سابتلها السايب في السايب .. أنا هروح احضر كتب الكتاب بليل بالعافية عند عمي
تنهدت بأسى وتحركت نحوه حتى جلست بجواره تماما وتمتمت بإشفاق 
_ رغم إني مكنتش بطيقها ولا بحبها بس اشفقت عليها بجد هي ضيعت نفسها باللي عملته ده .. ربنا يهديها وتعرف غلطها وتتوب
_ ده مش غلط عادي ياملاذ ده ذنب عظيم وكبير ربنا يغفرلها وتتوب قبل فوات الآوان
_ عارفة وأنا عشان كدا بدعيلها ربنا يهديها وترجع لربها وتطلب منه المغفرة متعصبش نفسك وهي هتتجوز وأنا حاسة إن ابن عمك ده هيعاقبها على غلطها كويس أوي
سحب يده من بين يديها بهدوء وقال بنبرة جادة 
_ أنا مسافر بكرا !
ملاذ بدهشة 
_ مسافر فين !!
_ خطوبة واحد من الأصدقاء وهتكون في مرسى مطروح أنا مكنتش هروح لإني مبحبش جو الأفراح والاغاني والكلام ده بس هو أصر اروح ولو مروحتش هيزعل مني فأنا مضطر اروح هباركله وارجع في نفس اليوم
عقدت ذراعيها في خصرها وقالت بتذمر وغيظ 
_ وعايز تروح مرسى من غيري !!
ابتسم باستنكار غمغم يوضح لها ببساطة أشد 
_ هرجع في نفس اليوم ياملاذ أنا مش رايح اتفسح أنا أساسا معايا شغل
تشدقت بنبرة حماسية وسرعان ما ارتفعت ابتسامتها لشفتيها 
_ لا ماهو أنا هروح معاك وناخد يومين هناك نتفسح إيه رأيك !
_ إنتي سمعتي آخر حاجة قولتها !!
لم تهتم لما يقوله فلا يهمها لديه عمل أو ماشابه الأهم أن تذهب معه في نزهة جميلة لأول مرة حيث قالت وهي تنكزه في كتفه بمشاكسة قائلة 
_ متبقاش كئيب بقى يازين لو على الشغل فحسن وكرم موجودين مفهاش حاجة لما تريح دماغك شوية من ضغط الشغل بليز خدني معاك ومش هتندم صدقني ده أنا هفرفشك آخر فرفشة والله
لمعت في عقله فورا الأفكار

 

 

المنحرفة كأغلبية الرجال حيث أجابها مبتسما بلؤم 
_ هتفرفشيني إزاي يعني !!
لم تلاحظ نظرته اللئيمة من فرط حماسه حيث أكملت مشاكستها وهي تهتف 
_ ليا طرقي وأنا فرفوشة أوي عندما يتطلب الأمر فرفشة وضحك وهزار ببقى عسل أوي هعجبك يعني
استرسلت حديثها تترجاه بإلحاح شديد 
_ بليز وافق هو يومين بس .. بليز !
حدقها بصمت مبتسما كدليل على موافقته فأغارت عليه تقبله من وجنته قبلة طويلة وقوية بعض الشيء ليمسك هو بكلتا كتفيها ويبعدها عنه بكامل اللطف وهو يبتسم محاولا إخفاء ما في نفسه التي تلح عليه پعنف لتنفيذ ما يجول بعقله منذ أيام ثم نهض وانصرف وتركها تهز كتفيها وجسدها برقص من فرط تشويقها وفرحتها !! .
كانت رفيف على إحدى طاولات المطعم في الهواء الطلق تأخذ استراحة صغيرة من العمل وبيدها كوب القهوة خاصتها وتتفحص هاتفها باستمتاع على أحد وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك وبين كل دقيقة والأخرى يمر عليها شيء فتضحك بصوت منخفض حتى لا يصل صوتها لأحد العمال وبينما هي مندمجة مع هاتفها وجدت إسلام يجلس أمامها وهو أيضا بيده القهوة خاصته ويقول بكامل اللطف 
_ حمدلله على سلامتك
رفعت نظرها له وتركت الهاتف من يدها لتجيبه بإحراج بسيط 
_ الله يسلمك
_ بقيتي كويسة دلوقتي !
_ آه الحمدلله هو كان دور برد شديد شوية والحمدلله بقيت احسن بكتير دلوقتي
ردد خلفها الحمدلله في ابتسامة صافية ثم بدأ يرتشف من فنجان القهوة خاصته وهو يتابع حركات العمال وتارة يشير لأحدهم بحدة بأن يقوم بهذا العمل بطريقة معينة وبدقة حتى لا يفسده وهي تحاول أن لا تختلس النظر إليها ولكن عيناها ترفض الخضوع فهو لديه شعر أسود جميل وناعم بقصة رجالية رائعة وعينان بندقتين مع بشړة قمحية مغرية ولحية حفيفة وقسمات وجه تنضج بالقوة والرجولة وحاجبيه الكثيفان يعطياه لمسة رجولية كلها جمال ! .
اجفلت نظرها عنه بصعوبة وهي ټلعن نفسها الحمقاء وتحاول الانشغال بهاتفها حتى تصرف نظرها عنه وبعد دقيقتين بالضبط سمعته يقول بخفوت 
_ ممكن اسألك سؤال !
من فرط توترها لم ترفع نظرها عن الهاتف حتى وقالت بنبرة عادية فبدت له غير مكترثة 
_ اتفضل
سكت لبرهة يحدق بها وبطريقتها التي ردت بها ثم سألها بترقب 
_ هو إنتي كنتي عارفة إن أنا المهندس اللي هشتغل معاكي
لماذا تصر على إيقاعي في شباكك توقف أرجوك فأنا عقدت وعد مع نفسي ومع أخي بأني سألتزم حدودي مع أي رجل قالت هكذا لنفسها لتسمع الرد من عقلها وهو يجيب عليها منزعجا ومازالتي عند وعدك هل هو تخطى حدوده لأنه سألك سؤالا بسيطا ليس بس أي شيء خطأ هو فقط يتحدث معك في حدود العمل !! .
انتشلها من صراعها الداخلي صوته وهو يهتف باستغراب 
_ رفيف !!
انتفضت وابعدت عيناها عن الهاتف لتثبتها عليه وتقول باعتذار وحياء 
_ آسفة بس سرحت في حاجة في الفون وركزت فيها .. إنت كنت بتقول إيه معلش 
حدجها بريبة حقيقة ونظرة كانت قوية بعض الشيء ثم عاد يطرح سؤاله عليها بجدية 
_ كنت بقولك إنتي كنتي عارفة إن أنا المهندش اللي هشتغل معاكي ولا لا 
ردت بارتباك ملحوظ وهي تبتسم 
_ الحقيقة لا هو زين فاجئني مرة واحدة أساسا بموضوع الإدارة تبع المطعم ده ولما عرفت إن إنت المهندس اندهشت جدا
_ ليه !
قالها بنوع من الفضول فتجيب هي بارتباك أشد حين سألها عن السبب وتذكرت بأن سبب دهشتها هي أنها ستعمل معه ! ولكنها بالطبع لم تخبره بهذا وستخترع سبب ! 
_ أصل الصراحة أنا مكنتش أعرف إن إنت مهندس نهائيا ولا حتى ملاذ جابتلي سيرة عن كدا .. وإنت كنت تعرف ولا لا إن أنا هكون المديرة 
هز رأسه بالإيجاب وقال باسما 
_ أكيد .. زين من فترة كنا أنا وهو بنتكلم في موضوع المطعم والتعديلات اللي لازم تتعمل وقالي إنك هتمسكي الإدارة وهتكوني معايا في الشغل
_ آهاا على سيرة الإدارة فكرتني أقولك مبروك .. زين قالي امبارح إنه اداك الإدارة معايا يعني بقينا شركاء
قال ببساطة وهدوء 
_ أنا كنت متفق معاه من البداية إني هعمل التعديلات في المطعم بس لأنه فاتحني في الأول على موضوع يخليني أنا المدير ورفضت ولما رفضت مسكها ليكي ودلوقتي برضوا نفذ اللي في دماغه واجبرني للأسف
ضحكت بخفة وقالت بإيجاب ومرح 
_ أيوة زين عنيد ومحدش بيقدر يعانده .. هو واثق فيك وعارف إنك قدها وهتحافظ على المطعم ثم إني عارفة السبب الحقيقي اللي خلاه يعمل كدا !
_ إيه هو !
_ أنا فاهمة تفكير زين أوي هو تلاقيه فكر إني لسا حتى متخرجتش ومعنديش خبرة كفاية وخاف أعمل حاجة غلط وعشان هو مش عايز يشغل دماغه بحاجتين زي ما قولت الشركة والمطعم فخلاك شريك معايا عشان عارف إنك هتفهم اكتر منى
غمغم بابتسامة عذبة ونبرة

 

 

رخيمة 
_ ممكن يكون فكر كدا فعلا بس أنا موجود أهو وهنظبط كل حاجة بإذن الله ومتقلقيش حتى لو معندكيش خبرة دلوقتي مع الوقت هتكتسبي الخبرة أكيد
هزت رأسها توميء على كلامه بالتأييد وهي تطالعه بابتسامة رقيقة ثم اخفضت نظرها لهاتفها مجددا تعبث به بعشوائية وهو عاد يتابع حركات العمال ومن بين آن وآن يلقى نظرة سريعة عليها !! .
ترجلت من السيارة مدخل المقاپر وانتظرته حتى نزل هو أيضا والتف ناحيتها ليراها متصلبة تحدق أمامها بأعين تائهة وحزينة لتسمعه يهمس باحتجاج 
_ عرفتي ليه مكنتش عايز أجيبك
نظرت له وقالت بنفس نظرتها التائهة 
_ حلمت بيه امبارح ياكرم هو وماما
تنهد بعمق ثم شبك كفه بكفها وسار معها ناحية غرفة معينة والتي تضم قبر شقيقها وأمها .. صعدوا درجتين من السلالم ثم فتح هو الباب ودخل أولا وتليه هي .. كانوا القربين بجانب بعضهم وبينهم مسافة تكفى لعبور شخص فوقفت ورفعت يدها تبدأ في قراءة سورة الفاتحة وكذلك هو الذي كان يقف خلفها وحين انتهت مدت يدها في حقيبتها الصغيرة تخرج مصحف صغير نسبيا وتبدأ في قراءة سورة يس بصوت مسموع .. مرت دقائق قصيرة وبدأت بحة صوتها ترتفع كإشارة على انفجارها في البكاء فتمالكت نفسها بصعوبة حتى انتهت من القراءة ثم وضعت المصحف في حقيبتها من جديد ودفنت وجهها بين كفيها تاركة لدموعها العنان فاڼهارت باكية بنشيج مرتفع وصل لأذنيه 
_ خلاص ياشفق متخلنيش اندم إني جبتك
اجهشت في بكاء حار وهي تهتف بصوت متحشرج 
_ آخر مرة جيت هنا .. كان قبر سيف بس اللي موجود دلوقتي بقى هو وماما اتحرمت منهم هما الأتنين مرة واحدة وفي لحظة
لم يجيبها فقط كان يستمع لحديثها ويتركها تفرغ مافي نفسها كله له ولكن بكائها لم يهدأ فقال بخفوت وحنو 
_ طيب مش كفاية بقى ولا إيه .. يلا بينا
ابتعدت عنه وجففت دموعها وهي توميء له بالإيجاب فسبقها هو للخارج وانتظر حتى خرجت واغلق الباب ثم ساروا عائدين إلى السيارة .
حرك المحرك وقبل أن ينطلق نظر لها وقال بلطف وشيء من الحماسة 
_ إيه رأيك نروح نفطر برا النهردا !
تفهم جيدا أنه يفعل ذلك حتى يخرجها من حالة كآبتها وحزنها هو بالفعل فريد في كل شيء وليس له مثيل في الرقة والحنو باتت لا تحتمل لطافته التي تذيب قلبها أكثر وأكثر ! .
كان صمتها بالنسبة له دليل على موافقتها فانطلق بالسيارة قاصدا أحد المطاعم الفاخرة .
توقفت السيارة وترجل هو أولا ثم هي واستحوذ الإعجاب عليها للحظات وهي تحدق بذلك المطعم الفاخر والجميل ثم التقت عيناها بعيناه وحدجته بابتسامة واسعة تعبر عن سعادتها .. أشار لها بيده أن تلتف ناحيته ففعلت على الفور وسارت بجواره وبمجرد دخولهم رأت مالك المطعم يتجه نحوهم ويرحب بهم ترحيبا حارا وبالأخص بزوجها وآشار لأحد النادلين بأن يدلهم على طاولتهم .
سحبت المقعد للوراء وجلست أمامه هاتفة بفضول حقيقي 
_ هو إنت بتاجي هنا علطول ولا إيه
_ مش أنا بس دي عيلة العمايري كلها بتاجي هنا .. ده يعتبر مطعم العائلة المفضل
قالت وهي تتجول بنظرها في ارجاء المطعم وتقول بإعجاب شديد 
_ آهااا بس جميل جدا
_ امممم فعلا .. اطلبي حاجة يلا من المنيو
مدت قائمة الطعام أمامه على الطاولة واستندت بمرفقها على سطح الطاولة ووضعت كفها أسفل وجنتها هاتفة في نظرة كانت تطلق قلوب صغيرة من خلالها مع ابتسامتها العريضة التي اظهرت عن اسنانها ناصعة البياض 
_ اختارلي إنت على زوقك !
نظرتها الجمت لسانها وقيدته فلم تسفعه الكلمات في ذهنه للرد عليها فقط حدق بها مبتسما ببساطة شديدة ثم اخفض نظره وأخذ يتفحص قائمة الطعام لدقائق قليلة وهي تارة تنظر له وتارة تتابع الناس وحركاتهم .. رأته يشير للنادل بيده أن يأتي وأشار له على القائمة بأصبعه على عدة أشياء ثم أخذ النادل القائمة وهو يوميء له بالإيجاب وانصرف فالقى هو نظرة عليها وقال بترقب 
_ مش عايزة تعرفي طلبتلك إيه !!
قالت نافية بنظرة لا تختلف عن سابقتها 
_ تؤتؤ أكيد هيبقى حلو !
هز رأسه بإماءة خفيفة محاولا عدم ثتبيت نظره عليها وعلى نظرتها الرائعة له وساد الصمت بينهم لدقائق حتى اخترقته هي تسأله بجدية هذه المرة ونبرة لا تحمل المزح 
_ إنت ناوي تعمل فيه إيه تاني ياكرم !
فهم المقصود من حديثها وتصنع عدم الفهم وتمتم 
_ مين ده 
_ إنت عارف أنا قصدي على مين !
قالتها بشيء من الانزعاج ليصدر زفيرا متهملا ويقول ببساطة 
_ أنا لسا مطفيتش ڼاري ومش هتتطفي إلا لما ېموت
تأففت مستغفرة ربها بصوت مسموع وتشدقت باندفاع 
_ كفاية ياكرم .. كفاية انا خاېفة يأذيك بجد
هتف بشراسة ونظرة مريبة قليلا 
_ بعد اللي عملته فيه ممكن ميمشيش على رجله تاني أصلا ومش هيتجرأ لا يقربلك ولا يلعب معايا

 

 

تاني عشان سعتها هقطع راسه
كلامه ونظرته جعلتها تبتسم بذهول وتقول بعدم تصديق واستيعاب 
_ أنا مش مصدقة إن إنت كرم اللي اعرفه والله ده إنت طلعت جبار أوي !!!
بادلها الابتسامة وفي لحظة اختفت نظرته وحلت محلها نظرة هادئة وهو يجيبها بتأكيد على كلامها 
_ للأسف دي حقيقة مؤلمة عني !
افترت عن ابتسامة عريضة وهمهمت بمشاكسة ورقة 
_ بس برضوا هتفضل بنسبالي الكوكو بتاعي !!
_ نعم !!!!!!
قالها باندهاش حقيقي من تلقيبها له بهذا الاسم الغريب لتعيد هي عليه الاسم بضحك 
_ الكوكو بتاعي !
اشار لنفسه بذهول متمتما بنبرة رجولية خشنة 
_ أنا كوكو !!!!
_ آه .. طاب والله لايق عليك جدا تعرف كدا !
طالت نظرته المنذهلة إليها وإذا بها تجده يضحك باستنكار وسخرية ثم انحني قليلا للأمام نحوها برأسه وهمس في اغتياظ يحاول اخفائه بابتسامته المزيفة 
_ لا مش لايق ومتقولهوش تاني عشان أنا ماسك نفسي بالعافية !
قربت هي الأخرى رأسها منه وهتفت بتحدي وهي تضحك 
_ هقوله !!
صر على أسنانه كدليل على أن غيظه وصل لذروته فتراجعت هي لوضعها الطبيعي وكتمت ضحكتها التي كادت تنطلق من بين شفتيها بقوة على منظره ليرمقها وهو يلوى فمه بقرف !!! .
انتهت ميار من ارتداء ملابسها ثم رفعت نظرها إلى ساعة الحائط وكانت الساعة قد تخطت التاسعة مساءا مدت يدها وجففت دموعها بظهر كفها في حړقة وهي تنظر لنفسها في المرآة ولملابسها الجديدة تماما عليها ترتدي رداء طويل وفضفاض بأكمام طويلة وتلف الحجاب فوق شعرها .. ارغموها على ارتداء الحجاب كما أجبرت على الزواج من رجل لا تريده ولكن ليس بوسعها شيء فجميع العائلة تجمعت ضدها واجتمعوا جميعهم على تزويجها من علاء حتى جدتها !! .
سكنت تماما على مقعدها وهي تحدق أمامها بفراغ تفكر بمصيرها كيف سيكون مع ابن عمها الذي يبدو أنه رجل قاس القلب وسيذيقها العڈاب ألوان وأصناف .. وبينما تبحر في عالم احزانها سمعت صوت الباب يفتح فوثبت واقفة ظنا منها أنه هو وجاء لأخذها حتى ينتهوا من مراسم الزواج ولكنه لم يكن هو بل كانت الجدة .. دخلت وحدقتها بأعين غاضبة ومنفرة وهي تقول له بحدة 
_ يلا عشان المآذون تحت والكل مستنى
اسرعت إليها وقبضت على كفها تقبله وهي تتوسلها پبكاء عڼيف 
_ يانينا please متخلهمش يجوزوني منه أنا مش عايزاه .. ده هيعذبني !
سحبت الجدة كفها من بين بيديها بنفور وصاحت بها في جفاء 
_ ڠصب عنك هتتجوزيه .. بعد الڤضيحة اللي عملتيها بقى هو ده جزاة تربيتي وثقتي فيكي تعملي كدا وتخلي راسي في الأرض من اللحظة دي انتي لا حفيدتي ولا اعرفك فاهمة ولا لا
عانقتها رغما عنها وهي تتشبث بها ومنخرطة في نوبة بكاء قوية وقالت بصوت متقطع من شدة بكائها 
_ لا يانينا متقوليش كدا ارجوكي أنا مليش غيرك .. Please سامحيني
ابعدتها عنها في قسۏة بعد أن احست بأن قلبها بدأ يلين لبكائها وحالتها المزرية .. فهي صغيرتها التي ربتها منذ قدومها على الحياة بعدما توفت والدتها فور ولادتها لها بسبب بعض المشاكل الصحية التي كانت تعاني منها .
صاحت بها بصرامة وعدم شفقة 
_ يلا اطلعي قدامي على تحت خلينا نخلص
وجدت بأن لا فائدة من محاول طلب العفو منها وأن توقف هذه الزيجة التي لا تريدها فتحاملت على قلبها الذي ېنزف وسارت في المقدمة ناحية الدرج وهي تجفف دموعها وخلفها الجدة تسير على ثقل من ألم قلبها على حفيدتها التي وضعت خطوط قدرها بيدها .. نزلت آخر درجة من الدرج وهي تحدق بوجوه الجميع التي كانت لا تبتسم فقط واجمة باستنثاء علاء الذي كانت عيناه تخرج شرارات مرعبة لها فأجفلت نظرها عنه في خوف وتحركت ناحية الطاولة تتخذ لها مقعدا بجانب عمها وعلاء لا يكف عن اطلاق النظرات المريبة لها وقع نظرها بالأخير على أبناء عمها محمد الثلاثة الذين كانوا يجلسون في أماكن متفرقة وبحثت بعيناها عن زين حتى وقع نظرها عليه فرأته جالسا على مقعد وثير عاقدا ذراعيه أمام صدره ويتطلع إلى عمه والباقية بأعين ساخطة كل السخط وكأنه يخبر بهم الجميع في عدم رغبته بالوجود في عقد القرآن هذا !! .
انتبهت إلى المآذون وهو يبدأ في مراسم عقد القرآن وبعد دقائق طويلة نسبيا سمعته وهو يهنئهم بانتهاء المراسم واعلانهم زوجة وزوجة على الطريقة الاسلامية والشرعية وعلى سنة الله ورسوله !! ......
_ كتبوا الكتاب وجايين دلوقتي !
قالتها أمها في اغتياظ لتجيبها يسر بنظرة مشټعلة 
_ أنا نفسي أفهم بابا بيعمل كدا ليه يعني هي الست ميار القڈرة تغلط وعلاء يشيل الليلة
اقتربت أمها وجلست بجوارها هامسة بإشفاق وشجن 
_ أخوكي ليه يومين مش طايق أي حد يتكلم معاه بسبب إن ابوكي غاصبه يتجوزها وهو مش طايقها أساسا
_ وهي ميار دي حد يطيقها أصلا
قالتها يسر باستهزاء فهي

 

 

تشتعل غيظا على أخيها الذي أجبر على الزواج من تلك المنحطة وهو يبغضها ولا يريدها ولم تنسي محاولاتها للاقتراب من حسن أيضا .. أكملت ساخرة 
_ الأول عملت علاقة مع واحد ومكفهاش ده لا وكانت بتلف على زين وعايزة تفرق بينه وبين مراته هي وتيتا وفي النهاية وقعت في علاء
هتفت الأم وهي تقنع نفسها بقصر هذا الزواج 
_ إيه اللي مصبرني إنه جواز مؤقت وبعدين هيطلقها
يسر بضحكة مستهزئة وباستياء 
_ دي حية وهتلف عليه وابنك اهبل وهينخ بسهولة ليها أسأليني أنا حفظاه
هزت رأسها بالنفي رافضة إدخال هذه الأفكار لعلقھا وتهتف بنفي وضجر 
_ لا لا علاء مش عايزها .. ومستحيل اسمح إني ابني يكمل حياته مع واحدة زي دي
استندت يسر بكلتا كفيها على كتف أمها ووضعت ذقنها فوقهم مهمهمة بنبرة ماكرة 
_ سيبهالي أنا .. بنتك مش ساهلة برضوا
استقرت في عيني أمها ابتسامة تلمع بالخبث المماثل لها وقد اجتمعت الأم وابنتها على الكنة الخبيثة !! .....
عيناها ثابتة على التلفاز وعقلها بمكان آخر باتت الساعة الحادية عشر وهو لم يعد للمنزل حتى الآن وقد أخبرها بأنه لم يتأخر إلى أين ذهب ! .. ظلت الأفكار تتناطح في عقلها بعضها سيء وبعضها عاديا ولم تنتهي تساؤلاتها وحلقة توقعاتها إلا حين بدأت تتثاوب بقوة وبدأ النعاس يصعد لعينها قاومته في البداية بشدة هاتفة لنفسها معنفة إياها 
_لا مش هنام أنا هستناه لغاية ما ياجي
ظلت تكرر هذه الجملة على مسامعها كثيرا حتى لا تنعس ولكن جسدها المتراخي على الأريكة لما يساعدها على المقاومة فسرعان ما أغمضت عيناها مستسلمة لنعاسها .. ولم تفتح عيناها إلا بعد وقت طويل نسبيا .. وثبت جالسة بفزع وهي تتلفت حولها بړعب حين وجدت نفسها بغرفتهم وعلى الفراش والظلام يعم الغرفة كلها وسؤال واحد كان يتردد في ذهنها كيف أتيت لهنا !! ظنت أنه جاء وحملها وادخلها الغرفة فصاحت منادية عليه في خوف وهي تمد يدها لتفتح الضوء 
_ كرم !!
انفتح الضوء وكانت الغرفة فارغة تماما منه فانزلت قدماها من على الفراش بړعب ثم تحركت باتجاه الباب وفتحته وقبل أن تخطو خطوة واحدة خارج الغرفة .. القت نظرة متفحصة وهي تخرج رأسها فقط وعندما تأكدت من عدم وجود شيء خرجت بتردد وتحركت باحثة عنه في المنزل ولكن لا أثر له ولكنها تصلبت بأرضها كالصنم حين سمعت أصوات ضجة مختلفة من باب يؤدي إلى غرفة سفلية في المنزل البادروم وبعقلها الطفولي أول شيء اعتقدته أن هناك شبح بالمنزل فما تسمعه عن الأفلام الاجنبية التي تعرض دايما أن الطابق السفلي من المنزل يسكنه الأشباح ترك أثره فيها بهذه اللحظة فتراجعت للخلف بأعين مرتعدة ومړعوپة وصاحت باعلى صوت منادية عليه لعله يكون بأي ركن في المنزل وهي نسيت أن تبحث فيه 
_ كرم !!!!
استمع لصوتها الطفيف من الأسفل وهي تصيح منادية عليه ليثب واقفا من على الأرض وقد ظن بأن مكروه أصابها .. هرول راكضا وصعد درجات السلم الصغيرة وفتح الباب من الداخل وخرج وإذا بها تصدر صړخة مرتفعة من أثر هلعها حين رأته وانتفضت في أرضها نفضا من الړعب !! .
فزع هو الآخر من هلعها العجيب واقترب منها هاتفا بحيرة 
_ في إيه مالك ياشفق !!!
_ حرام عليك قلبي كان هيقف والله من الخضة والخۏف
اخفت وجهها الصغير بكفها فركز في يدها ورآها ترتجف ليقطب حاجبيه بذهول وابعد كفها عن وجهها ممسكا به بين كفه الكبير ويسألها باندهاش 
_ إنتي بتترعشي !! .. حصل إيه للخوف ده 
_ مش قادرة اوقف على رجلي بجد ياكرم !
اجلسها على أقرب مقعد منهم ثم اتجه للمطبخ وجلب كوب ماء وعاد لها يناولها إياه لتشربه عي دفعة واحدة ويدها الأخرى تضعها على قلبها الذي ينبض بقوة .. انزلت الكوب عن فمها وقالت بخنق 
_ ممكن لما تاجي تاني متأخر وتلاقيني نايمة تصحيني ومتقفلش عليا النور والباب
_ حاضر .. بس فهميني إيه اللي حصل !
أخذت نفسا عميقا ولا زالت نبضات قلبها متسارعة وقالت وهي تسرد عليه لحظات خۏفها الطفولية 
_ صحيت من النوم ولقيت الأوضة مفهاش منفس نور حتى والباب مقفول وأنا كنت نايمة قدام التلفزيون هنا فاټخضيت إني جيت هنا إزاي وقولت إن إنت جيت ولقيتني نايمة برا فودتني الأوضة فضلت انده عليك ومردتش عليا ولما طلعت دورت عليك ملقتكش برضوا بس سمعت اصوات جاية من البادروم وأنا أساسا بخاف منها الأماكن دي ومن ساعة ما جيت البيت مقربتش منه ولا فكرت افتحه ولما سمعت اصوات منه افتكرت في عفاريت فاټرعبت .. لأن دايما بسمع في الأفلام الړعب إن الباردوم ده بيبقى مسكون بالأشباح
انطلقت منه ضحكة مرتفعة على أفكارها الساذجة لتزم هي شفتيها للامام بتذمر طفولي وتقول غاضبة 
_ بتتريق عليا !!!
كتم ضحكته بصعوبة وقال وهو يحاول

 

 

التحدث بجدية حتى لا يغضبها 
_ لا مش قصدي بس أشباح إيه دي اللي هتبقى في البيت ياشفق وبعدين واحدة زيك بتترعب بالشكل الفظيع ده بتتفرج على أفلام ړعب أساسا ليه !!
اجفلت نظرها عنه وقالت پاختناق واحتجاج 
_ بحب اتفرج عليه !
أصدر ضحكة رجولية متأججة مجددا وسرعان ما كتمها عندما رأى نظرتها الڼارية والمغتاظة وإذا بها تمسك بكفه دون وعي من فرط ڠضبها وبعفوية شديدة غير مدركة لما تفعله وضعت كفه على قلبها أعلى صدرها تقول بسخط 
_ شايف قلبي بينبض إزاي عشان بتضحك وتتريق عليا !!
تجمد جسده وتلاشت ابتسامته تدريجيا وازدرد ريقه باضطراب من لمسة يده لمنطقة خاصة كهذه من جسدها وسحب يده ببطء وإحراج ملحوظ جعلها تستعيد وعيها وتدرك فعلتها المتسرعة فلعنت نفسها واحمرت وجنتيها واصبحت كلون الډماء ولم تقوى على رفع عيناها في عيناه وبعد أن كانت نبضات قلبها قد بدأت تهدأ عادت تطرق پعنف أشد من السابق .. استقامت واقفة فجأة وقالت بصوت متلعثم 
_ أناااااا .. أنا رايحة الأوضة
وفي ظرف لحظة فرت من أمامه شبه راكضة إلى غرفتها وهي لا تكف عن توبيخ نفسها الحمقاء وتعنفها تعنيفا شديدا .. وبمجرد ما إن خلت بنفسها في الغرفة وأغلقت الباب هتفت بخجل شديد وغيظ 
_ غبية .. أنا مشفتش أغبي مني .. لا بجد مش معقول الغباء والتخلف ده كله ليا لوحدي !!
ارتجف جسدها فزعا عندما سمعت طرق الباب وصوته وهو يهتف بنبرة بها شيء من الارتباك البسيط 
_ شفق أنا هطلع أجيب حاجة من برا وراجع
كلمة واحدة كان يجب عليها أن تجيبه بها ولكنها فرت من لسانها وتلعثمت كطفل يتعلم التكلم فخرجت الكلمة من بين شفتيها متلقلقة 
_ طط ..طيب
رفع هو كفه لعنقه يفركه كدليل على توتره ثم اطلق زفيرا حارا واستدار وانصرف .. فهرولت هي ناحية الفراش والقت نفسها على وجهها وهو تردد 
_ أنا متخلفة ومش محترمة !
كان حسن يتحدث بالهاتف في حديقة المنزل وكان حديثه هادئا تماما ليس به أي شيء من ضجر أو خنق وانهي المكالمة بجملته الأخيرة 
_ طيب يامسعد أنا هبقى اقول لكرم .. إنت خلي عينك عليه بس وإياك يفلت منك
_ حاصر ياحسن بيه متقلقش
أنزل الهاتف من على أذنه وهو يثبت نظره على أمه المندفعة نحوه كالسهم وعيناها لا تبشر بخير حتى معالم وجهها ولم يبذل جهد ليتساءل ويفكر فيما يغضبها لهذا الحد .. بالطبع علمت بأمر طلاقه وهو ويسر في صباح اليوم .. انتظر حتى وقفت أمامه وافرغت به شحنة ڠضبها وهي تقول 
_ طلقت يسر ياحسن !!!
أخذ شهيقا طويلا وأخرجه زفيرا متمهلا وهو يجيبها بعدم حيلة 
_ حاولت اعتذرلها ياماما واخليها ترجع معايا بس كانت مصممة على قرارها
صاحت هدى بعصبية من إهماله وعدم تحمله لمسئولية أي شيء 
_ وهي عشان طلبت منك الطلاق تطلقها فورا .. طبيعي لما يكون في مشكلة بينكم متوافقش ترجع معاك من أول مرة وأول اعتذار أنا مبقتش فهماك !!
حتى هو بات لا يفهم نفسه أهو سعيد لأنه تخلص من بلائه ! أم حزين ويشعر بالذنب لما سببه لها من ألم وعلى مۏت طفله الذي كان هو السبب في قټله .. ولكن هناك مشاعر متضاربة ومختلفة بداخله لا تجعله بخير مطلقا وتسبب له الإرهاق النفسي ! .
حسن بعصبية مماثلة لها دون أن ترتفع نبرة صوته عليها 
_ والمفروض أعمل إيه اغصبها تعيش معايا مثلا .. يسر مبقتش طيقاني ياماما ولا بتحبني ومش عايزاني احنا وصلنا لآخر الطريق خلاص
لا تصدقه وقد سكنت شكوكها في الأعماق واصبحت متيقنة أن هناك أمر كانوا يخفونه عنهم جميعا ومازالوا يخفوه فهذا ليس ابنها الذي يتمسك بأي شيء يحبه ولا يتركه حتى لو سيموت وهو متسمك به تخليه عنها بهذا السهولة يثبت لها حقيقة واحدة وأنه لم يكن يحبها أو معجب بها حتى كما اخبرهم قبل الزواج !!! ...
هتفت هدى بنبرة حازمة وأعين ثاقبة 
_ إنت مش بتحب يسر زي ما قولتلنا قبل ما تتجوزوا صح !
اصابت الهدف بسؤالها حيث تسمر بأرضه ولم يسعفه عقله في إيجاد الكلمات حتى يجيب عليها فحدجها بجمود ونظرات باردة للحظات طويلة ثم استدار وابتعد عنها متجها إلى سيارته ليرحل أما هي فحصلت على اجابتها من صمته المريب !! ........
ترجلت من السيارة أمام ڤيلا عمها طاهر العمايري .. رفعت نظرها تتفحصها بإمعان بعد التعديلات التي اجروها علي المنزل منذ آخر مرة جاءت لهنا وبينما هي منشغلة بالإمعان شعرت بيده الضخمة تقبض على ذراعها پعنف هامسا بالقرب من أذنها بصوت مخيف 
_ اتحركي ولا تحبي تقضي الليلة هنا في الجنينة وفي البرد لغاية ما ټموتي
انكمشت في وقفتها وهي تطالعه بارتيعاد ولكنه ترك ذراعها باشمئزاز حين سمع صوت أبيه الغليظ 
_ علاء !!
أشار لها عمها بعيناه
في حدة بأن تسبقهم فاتحركت فورا تفر هاربة من بين براثن ذلك العلاء .. اقترب طاهر من ابنه وهتف بخشونة 
_ أنا قولتلك ربيها فعلا بس متزودهاش أوي هاااا
رمق أبيه بنظرة قوية وتمتم بصلابة 
_ وأنا كمان قولتلك يابابا من قبل ما اتجوزها محدش ليه دعوة باللي هعمله فيها مش كفاية غصبتني عليها
ثم تحرك باتجاه باب المنزل ليتأفف طاهر بنفاذ صبر من عناده .. لا شك في إنه غاضب بشدة من ابنة أخيه ولا يطيق سماع صوتها ولكنه مازال يضع أخيه المټوفي في الحسبان ولا يتمكن من الحاق أي أذى لها فقط سيكتفي بأن يلقنها درسا لا تنساه حتى تعترف بخطأها وتتضرع لربها طالبة منه العفو والمغفرة ! .
فتح علاء الباب ودخل أولا وهي خلفه ومن ثم طاهر .. رفعت ميار نظرها لزوجة عمها فرأتها تنظر لها بحدة وكأنها تقول لها من خلال نظراتها أنها لن يكون مرحب بها في هذا المنزل أبدا أما يسر فكانت نظرتها تضمر خلفها كل ماهو سيء .. لوت فمها بابتسامة خفية وشيطانية بعد أن ادركت أن الأم وابنتها تجمعا عليها ولكنها أيضا تكون افعى سامة حين يتطلب الأمر !! ....
القى علاء نظرة طويلة على أمه وشقيقته ثم تنهد بعمق وتحرك باتجاه الدرج حتى يصعد لغرفته وتركها بمفردها بينهم تحركت خلفه حيث تلقت الإشارة من عمها بأن تصعد لغرفتها خلفه وبمجرد ما أن توارت عن ناظريهم سمع صوت زوجته تهتف بعصبية 
_ بقى مش حرام عليك ياطاهر تسود على ابنك عيشته وتجوزه من بنت أخوك اللي غلطت مع راجل
_ ده جواز مؤقت .. هتمر فترة صغيرة وهيطلقها ماهي لو اتجوزت واتكشف إنها مش بنت عيلة العمايري كلها هتتفضح
لم يعجبها ما قاله ومازالت غاضبة على فعلته أما يسر فكانت تتابع حديثهم بصمت حتى رأت أبيها ينظر لها ويقول بلطف وضيق 
_ اتكلمت مع حسن وقالي هيبدأ في اجراءات الطلاق النهائية
ابتسمت ساخرة بشيء من المرارة ثم استقامت وقالت بثبات وهي تبتعد عنهم 
_ كويس قوله ياريت يستعجل يابابا
تبادل طاهر النظرات الحزينة والمشفقة هو وزوجته على حالة ابنتهما السيئة تتظاهر أمامهم بالقوة وهم يعلمون جيدا أن قلبها ېنزف الډماء على فراقها لزوجها وخسارتها لطفلها ! ...
فتحت ميار جزء صغير من الباب بتردد وارتباك يكفي لإدخال رأسها فقط ونظرت في الغرفة تبحث عنه فلم تجد له وجود وسمعت صوت رذاذ المياه بالحمام الداخلي للغرفة .. ادخلت جسدها كاملا ثم أغلقت الباب بحذر شديد والتفتت مجددا تتفحص أجزاء الغرفة الواسعة الوانها رجالية حادة بعض الشيء والخزانة متوسطة الحجم فراش كبير نسبيا يتسع لشخصين واريكة متوسطة أمام الفراش بجانب الشرفة .. حركت نظرها بحركة دائرية في انحاء الغرفة وانتبهت إلى الخزانة التي بابها عبارة عن مرآة ضخمة تنحدر من اعلاء لأسفله فقادها فضولها واقتربت تقف أمامها تتطلع لجسدها الذي يخفيه ذلك الرداء الفضفاض ولم يتوقف فضولها عند هذا الحد حيث مدت يدها تسحب باب الخزانة الجرار للخلف تنظر لملابسه المعلقة وكانت على وشك أن ټلمسها ولكن كفه القوى قبض على رسغها فاطلقت هي شهقة مڤزوعة ونظرت له بتوتر من قسمات وجهه التي تقذف الړعب في قلبها .

_ الفصل الثالث والعشرون _
استدار موليا إياها ظهره وقبل أن يخطو خطوة واحدة استوقفه صوتها وهي تقول 
_ على فكرة محصلتش حاجة بينا أنا لسا بنت !!
سمرته الدهشة للحظات طويلة كيف وماذا عن الصور الذي رآها الجميع !! .. الټفت بجسده كاملا لها من جديد وهتف بذهول ملحوظ 
_ نعم !!!
ميار بنبرة صادقة واستحياء بسيط 
_ أيوة محصلتش حاجة أكتر من اللي في الصور
هيمنت عليه الدهشة لخمس ثوان وهو يحدجها ساكنا تماما وعيناه تطلق تساؤلات كثيرة وعقله يرفض تصديقها ويقنعه بأنها كاذبة وفقط تفعل ذلك حتى تخرج نفسها من الوحل  وقد استمع لصوت عقله الذي يردد كاذبة لا تدعها تخدعك فرأت ضحكة مستهزئة تنطلق من بين شفتيه ونظرة وضيعة استقرت بعيناه ثم خرج صوته صلب بجراءة 
_ لا والله ! .. محصلش حاجة !! امال قضيتوا الليلة إيه بقى !!!
صدمها رده الصارم غير المتوقع فخجلت وسرعان ما اجفلت نظرها عنه بارتباك ليلقى هو عليها نظرة ساخرة ونافرة ثم يستدير ويتجه نحو فراشه ليتسطح عليه ويسحب الغطاء على جسده فظلت هي واقفة تتطلع إليه وبعيناها تجول بين ارجاء الغرفة تبحث عن مكان لتنام فيه وحين وقع نظرها على الشيء الوحيد الموجود وهو الأريكة فأبت بشدة أن تنام على هذه الأريكة غير المريحة والصغيرة رجعت بنظراتها التائهة له لتراه يبتسم ببرود وعدم مبالاة ويشير بعيناه على الأريكة هاتفا بقسۏة 
_ كان نفسي اتنازل واخليكي تنامي مكاني بس أنا مستنضفش إنك تنامي على سريري أصلا
تشربت إهانته اللاذعة لها بنفس منكسرة ثم انحنت إلى حقيبتها المسنودة على الأرض وفتحتها لتخرج لها ملابس حتى تبدل هذه العبائة التي باتت ټخنقها وذهبت للحمام وبعد دقائق خرجت وهي ترتدي بيجامة منزلية مريحة فوجدته اغمض عيناه ويبدو أنه انخرط في النوم .. توجهت نحو الأريكة ومددت جسدها عليها مغمضة عيناها محاولة النوم بعد كل ما مرت به منذ الأمس حتى الآن !! .........
في صباح اليوم التالي .....
ترجلت يسر من سيارتها التي اشتراها لها أبيها حديثا وقادت خطواتها نحو ذلك المقهى الصغير وبعدما عبرت الباب وقفت تتنقل بنظرها بين الجالسين باحثة عن أحدهم فابتسمت فورا بعذوبة حين رأتها تلوح لها بيدها فتحركت إليها وسحبت المقعد المقابل لها وجلست قائلة باعتذار لطيف 
_ اتأخرت عليكي مش كدا
_ لا أنا يدوب جاية من عشر دقايق .. احكيلي بقى حصل إيه
قالت جملتها الأخير بجدية تامة وفضول لتطلق يسر تنهيدة طويلة وتقول بمرارة 
_ طلقني
اطالت ريم النظر في عيناها بوجه عابس ومشفق ثم مدت يدها وامسكت بكفها متمتمة في نقم على ذلك الحسن 
_ ده الافضل ليكي يايسر إنتي مخدتيش منه حاجة غير ۏجع القلب هو مستاهلكيش ولا يستاهل حبك ليه وحتى حزنك عليه ميستهلهوش
غامت عينان يسر بالعبارات وقالت بصوت مبحوح 
_ اللي واجعني ياريم إنه كان كاره ابنه لمجرد إنه مني .. أنا كنت عارفة إنه بيكرهني بس متوقعتش للدرجة دي ده كان بيقولي هسقطك أنا لو منزلتهوش
استشاطت ريم غيظا وبغضا عليه حيث هتف پغضب عارم 
_ وهو كان ميستهلهوش أصلا الطفل ده ده واحد حيوان معندهوش قلب أنا مش فاهمة إزاي حبيته لا وبعد ده كله لسا بتحبيه
فرت دمعة حارة من عيناها .. تكره قلبها الذي يرفض الاستماع لها ويصر على هذا العشق الذي أمات الكثير في داخلها .. هي ترغب في بغضه أكثر منهم ولكنها لا تستطيع تتمنى أن تتحرر من تعويذته وتحلق حرة في السماء وتتزوج من رجل آخر يستحقها ويستحق حبها له ويكون تماما كما تود ولكن ليس بسلطان على القلب !! .
يسر بأعين دامعة ونبرة يائسة 
_ حاولت كتير ياريم اطلعه من قلبي معرفتش وعارفة إنه ميستهلش ذرة من الحب ده
_ هتكرهيه يايسر أنا متأكدة وإياكي تسمحيله يتلاعب بمشاعرك تاني لو حاول يرجعلك اقنعي نفسك إنك بتكرهيه ومع الوقت هتكرهيه بالفعل صدقيني
مدت يسر اناملها وجففت دموعها متمتمة ساخرة ونظرة حازمة لا تحمل المزح 
_ ومين قالك إني هسمحله أصلا .. من هنا ورايح هيشوف يسر مختلفة تماما هخليه في كل لحظة يحتكر نفسه وهعرفه حجمه بجد لإني كنت مدياه قيمة وحجم أكبر من حجمه وهو أساسا نكرة
تأففت ريم بعبوس من هذا الحديث السلبي والمثير للأعصاب فأردفت باهتمام ونبرة حانية 
_ طمنيني عليكي إنتي كويسة يعني مش حاسة بأي تعب !
رسمت ابتسامة منطفئة على شفتيها وهمست بهدوء 
_ لا متقلقيش الحمدلله كويسة واطمني خطتنا ماشية زي ماهي ومحدش هيعرف حاجة
هزت ريم رأسها بالإيجاب وهي تبادلها الابتسامة وتربت على كفها برفق وحنو كنوع من إبعاث الطمأنينة وبعض المشاعر الإيجابية لنفسها البائسة !! .........
بمكان آخر في مدينة مرسى مطروح تحديدا في إحدى الفنادق الفاخرة قد وصل زين بصحبة زوجته بعد رحلة سفر طويلة قليلا ......
ترجلت ملاذ من السيارة
 

تم نسخ الرابط