مهران
خرجت ياسمين من غرفتها .. وقبل الذهب الى عملها .. توجهت حيث شجرتها .. لكنها اليوم تستقبلها بالإبتسامه فهذا هو يومها الأول بعد أن تحررت من قيد مصطفى .. القيد الذى كان أن ېخنقها .. نظرت الى الخضرة حولها .. وللعصافير على الشجر .. كانت تشعر بأن تغريد العصافير مختلف اليوم .. لم تمسعهم يغردون بتلك السعادة من قبل .. شعرت بأنهم يشاطرونها فرحتها .. ويباركون لها حريتها .. أخيرا أصبحت حره مثلهم .. حتى الهواء الذى تستنشقه .. شعرت بأنه اليوم مختلف .. فكل نفس يحمل مزيج عجيب من السعادة والأمل والإرتياح .. يسرى عبر رئتيها لينعش جسدها .. قامت وتوجهت الى عملها .. ولأول مرة يراها دكتور حسن مقبله على عملها والإبتسامه تعلو شفتيها .. كان سعيدا لسعادتها .. وإن كان لا يعرف سبب تلك السعادة .. أثناء انهماكها فى عملها .. اقترب منها .. رفعت رأسها .. لتتلاقى نظراتهما فى صمت .. شعر بأنها اليوم أجمل من ذى قبل .. وجهها يشع نورا .. عينيها لم تعد تحمل تلك العبرات التى تهدد دائما بالإنهمار .. اختفت نظرات الحزن والأسى لتحل محلها نظرات الفرح والأمل .. كانت عيناه اليوم أيضا مختلفه .. كأنها تفصح عن سرا لطالما أخفته .. لكنها خانته اليوم .. وباحت بسره .. عبر شفره صغيره .. استقبلت عيناها تلك الشفره .. ومررتها على قلبها .. فترجمها .. وتعالت خفقاته عندما فهم تلك الشفرة التى أرسلتها عيناه الى عينيها .. أشاحت بوجهها .. فقلبها الضعيف وصلت سرعة خفقاته لذروتها .. قال لها بصوت حانى
صباح الخير
ردت بصوت خاڤت حاولت السيطرة على رجفته
صباح النور
ثم عادت لتكمل فحص الحاله التى أمامها .. ظلت عيناه معلقه بها .. وكأنه يخشى فرارها .. ابتسم قائلا
مكنتش متوقع انك هتنزلى الشغل النهاردة .. لو تعبانه من سفر امبارح روحى ارتاحى النهاردة
قالت وهى تستمر فى أداء عملها
لأ .. أنا كويسه
أومأ برأسه وقال لها بحنان جارف
لو احتجتى حاجه عرفيني .. أى حاجه
لم تجبه .. الټفت وانصرف .. تابعته بعينيها فى صمت .. وابتسامه صغيره تتكون ببطء على شفتيها
توقفت عن العمل عندما حان موعد استراحة الغداء .. توجهت الى القاعة
والإبتسامه تعلو شفتيها .. كانت على الرغم منها لا تستطيع اخفاء فرحتها .. كانت وجهها دائما ېفضحها .. لا تستطيع اخفاء ما تشعر به بداخلها .. حزنا كان أم فرحا .. أنهت غدائها .. ووقفت قليلا مع بعض زميلاتها العاملات فى المزرعة .. كانت ياسمين تتهرب دائما من صحبتهن .. أو التحدث معهن .. فكان قلبها يحمل هما يكتفها .. فلا تستطيع الإندماج مع الآخرين .. أو التواصل معهن .. لكنها اليوم كالطير الحبيس الذى حصل أخيرا على حريته .. وقفت تتجاذب معهن أطراف الحديث وتضحك فى مرح .. وفجأة اقتربت منها مها .. لم تلقى لها ياسمين بالا .. وقفت مها بين الجمع وصفقت بيديها لتجذب انتباههم قائله
اسكت هووووس .. عندى ليكوا خبر حلو النهاردة
ثم التفتت الى ياسمين وقالت بخبث
ولا تحبي تقوليلهم الخبر بنفسك يا ياسمين
نظرت اليها ياسمين بدهشة قائله
خبر ايه يا مها
قالت مها بعتاب مصطنع
اخص عليكي .. طالما فرحتى يبقى تفرحينا معاكى
جف حق ياسمين ونظرت اليها قائله
مش فاهمة قصدك ايه
نظرت مها الى الفتيات اللاتى توقفن عن الحديث وتابعن ما يحدث .. قالت لهن فى مرح
النهاردة عايزين كلنا نبارك ل ياسمين
نظرن الى ياسمين وقالت احداهن
نباركلها على ايه
وقالت أخرى
ايه اتخطبت
قالت مها وهى تنظر الى ياسمين بشماته
لأ .. اطلقت
تعالت صيحات عدم التصديق .. نظرت الى بعضهن البعض فى دهشة .. كانت ياسمين تنظر الى مها فى جمود .. لكن اخترق أذنيها ردود فعل من حولها
بجد
ايه ده هى كانت متجوزة أصلا
أكيد بتهزرى
ياسمين أصلا مش متجوزة
قالت مها شارحه فى استمتاع
ياسمين كانت رافعة قضية خلع على زوجها وكسبتها امبارح
ثم نظرت الي ياسمين قائله بخبث
والبشمهندس عمر كان كريم أوى معاها وخباها من جوزها هنا فى مزرعته لحد معاد الجلسه .. اظاهر ان البشمهندس عمر بيعزك أوى يا ياسمين
لم تستطع ياسمين تحمل تلميحاتها فإنصرفت فى عجاله .. كانت تسير بسرعة وهى لا ترى أمامها .. كانت العبرات تتجمع فى عينينها .. قابلها هانى فحاول يوقفها قائلا
دكتورة ياسمين ثوانى لو سمحتى
لكنها لم تسمعه .. بل لم تراه .. صنعت العبرات غشاوة على عينيها فسارت تتبين طريقها بصعوبه .. وصلت الى شجرتها .. ألقت بنفسها على جذعها الذى فارقته منذ ساعات .. وضعت كفيها على وجهها وجهشت فى بكاء عميق .. لماذا لا يتركها الناس وحالها .. لما ينغصون عليها فرحها .. لماذا يستكثر بعض الناس أن يرى غيره سعيدا .. لماذا يخوض الناس فى أعراض بعضهم البعض ويمزقونهم بلا هواده .. لماذا لا يعلم الناس أن الكلمات التى تخرج من أفواههم هم