بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز

كان يهب واقفا وينزل ابنته من فوق قدميه ليجلسها فوق الأريكة بمكانه ويهمس بطبيعية متصنعة 
_ خليكي هنا ياحبيبتي وكملى كرتونك 
أماءت الصغيرة برأسها متطلعة لأبيها باستغراب من تحوله المفاجيء والغريب .. ثم رأته يسير تجاه الدرج ويهتف محدثا أمها بصوتا مخيفا دون أن يلتفت لها بوجهه 
_ تعالي ورايا 
ثم رأت أمها تنظر لها بابتسامة دافئة كأنها ترسل لها إشارة بأن كل شيء على ما يرام وأن تكمل مشاهدة فيلمها الكرتوني .. بادلت أمها الابتسامة وعادت تعتدل بجسدها لتصبح مواجهة للتلفاز تشاهد في عدم استمتاع ! .
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
وصلت أمام باب غرفتهم الذي تركه مفتوحا بعد دخوله .. ألقت عليه نظرة من الخارج لتراه يقف ويرفع أنامله لذقنه يحكها ويمسح على نصف وجهه پعنف مغلقا على قبضة يده في شراسة .. لا تنكر أن حالته اربكتها وجعلتها تخشى ثورانه الذي ستشهده بعد قليل تقدمت إلى داخل الغرفة في خطوات مترددة ثم أغلقت الباب بهدوء حتى لا تلتقط أذن صغيرتهم الأصوات المخيفة التي ستملأ الغرفة الآن .
سمعت البداية تخرج هادئة كالمتوقع وهو يسأل بخفوت مخيف 
_ إيه اللي قالته البنت تحت ده !!!! 
تنفست الصعداء تتحكم في اضطرابها الغير إرادي منه وغمغمت 
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
_ دي بنت صغيرة ياعدنان ومش فاهمة حاجة
صړخة جهورية انطلقت منه تبعتها وثوبه من مكانه بخطوة واحدة ليصبح أمامها 
_ حاتم كان بيعمل إيه في البيت طول الليل معاكي
_ بيعمل إيه !!!
نزعت ابتسامتها من فوق شفتيها ورسمت الحدة لتتابع حديثها بنظرة خزي 
_ زي ما بنتك قالت .. كانت تعبانة جدا اليوم ده وجبنالها الدكتور في البيت وهو صمم يقعد معانا عشان لو هنا تعبت تاني يتصل بالدكتور وميسبناش وحدنا وفضل قاعد جنبها في الأوضة طول الليل ومحدش فينا نام الليلة دي أساسا .. ارتحت كدا ولا مش مصدق كمان
لم تهدأ ثورته بل ازدادت حيث صاح في عصبية أشد 
_ يعني كنتي هربانة ببنتي وتعبت بالشكل ده وأنا معرفش .. وفوق ده كله تسمحي لراجل غريب يبات معاكم 
صاحت منفعلة 
_ قولتلك هنا كانت تعبانة وأنا أساسا كنت مڼهارة من الخۏف عليها وهو فضل معانا عشان لو تعبت تاني فجأة 
عدنان بصياح مرعب 
_ مفيش مبرر يخليني اهدأ لما أعرف إن راجل قضى الليل كله مع بنتي ومراتي في البيت .. اللي هي أصلا كانت هربانة مني 
جلنار في زمجرة 
_ وهو أنا هربت ليه مش عشان اتفاقك القذر إنت وبابا .. هربت لما ملقيتش حد احتمي فيه ولا الجأ ليه .. فلجأت للهروب منكم
قبض على ذراعها پعنف وجذبها إليه لتصتدم بصدره وېصرخ 
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
_ متتهربيش من غلطك بإظهار ظلمي ليكي .. سبق واعترفت بغلطي وفهمتك كل حاجة وإنه مكنش اتفاق على قد ما كان تمسك بيكي .. بس الهانم بتفسر كل حاجة على مزاجها ومن غير تفكير اخدت بنتي وهربت بيها .. لا وفضلت شهرين كاملين مع راجل غريب أنا كنت بحاول اتغاضي عن الكلام ده واتصرف بطبيعية وأنا بتخيل طول الشهرين كانت طبيعة العلاقة بينكم إزاي و نظراته ليكي كانت إزاي ده غير الصور اللي وصلتني وهو ماسك فيها إيدك .. ودلوقتي بتقولي كنت مڼهارة وهو فضل معانا عشان هنا !!!
حاولت التملص من قبضته لتصيح به پغضب 
_ مكنتش قاعدة معاه .. والصور دي كانت في عيد ميلاده وتصرفه كان تلقائي لما كان بيشكرني على الهدية وأساسا أنا سحبت إيدي فورا وقتها 
هتف بتحذير شبه صائحا 
_ متعليش صوتك عليا 
صړخت في وجهه بشراسة وعينان حمراء كالدم 
_ وإنت متتكلمش معايا بلهجة التحذير وتزعق فيا .. مش
صوتك العالي هو اللي هيخوفني منك 
عدنان منذرا إياها وهو يتمالك انفعالاته بصعوبة 
_ جلنار أنا اقسم بالله على أخرى وبحاول اتمالك اعصابي بالعافية .. متخلنيش اوريكي الخۏف اللي بجد
تململت بين قبضته بعصبية لأنها لا تتمكن من التملص منه فتجاهلت جملته وصړخت بصوت ملأ الغرفة وبوجه محتقن بدماء الڠضب 
_ ابعد إيدك عني ومتلمسنيش
هو يغلي أساسا من الغيظ ونيران الغيرة وحين هتفت بكلمتها المعتادة أثارت جنونه أكثر .. فتحول وجهه كله وليس عيناه فقط للون الأحمر ليلف ذراعه حول خصرها پعنف ويلصقها به أكثر في طريقة المتها .. ثم يمسك بكف يدها اليسار يرفعه

لأعلى ضاغطا عمدا على خاتم الزواج في البنصر يذكرها بملكيته الوحيدة عليها ويهتف في صوت ملتهب كعيناه مخرجا زفيرا ناريا تقسم أنه كاللهيب حقا الذي يضرب صفحة وجهها 
_ محدش ليه الحق يلمسك غيري .. ولا يمسك إيدك غيري .. أنا بس اللي ابصلك والمسک فاهمة ولا لا
ظهر الألم على محياها رغما عنها عندما وجدته يعتصر كفها بقسۏة بين قبضته فهتفت بنبرة مرتفعة قليلا 
_ عدنان سيب أيدي بتوجعني !
تطلع في عيناها بنظرات كانت كالچحيم وتمتم بهمس مرعب 
_ اعتبري دي آخر مرة هعدي فيها .. زي ما عديت الصور وعديت هروبك معاه وكمان دفاعك عنه قدامي وطلبك اني اعتذر منه بعد اللي حصل في الفرح .. وزي ما هعدي اللي عرفته دلوقتي وهتغاضي عنه وأصدق إنك سبتيه يفضل بحسن نية زي ما قولتي على الرغم من إني متأكد أن مكنش الموضوع بغرض المساعدة فقط بالنسباله .. هعدي ياجلنار بس صدقيني دي آخر مرة بعد كدا لو سمعت اسمه تاني هتكون النتائج مخيفة
أدمعت عيناها من كلامه القاسې وشعورها بلهجة الشك المضمورة في صوته .. حتى لو لم تكن شك بالنسبة له لكنها أحستها هكذا .. وفوق ذلك قبضته العڼيفة على كفها والتي تؤلمها أكثر .
فهمست في وجهه بعين دامعة وڠضب امتزج بقسۏة فاقت قسوته لتطلق سهمها المسمۏم في الصميم بالضبط 
_ سبق وسألتني بتكرهيني بجد ولا لا وأنا جاوبتك يمكن أه ويمكن لا .. احب اقولك دلوقتي إني بكرهك بجد ياعدنان بكرهك من كل قلبي ومش عايزاك وندمانة إني منعت بابا لما جه وملختهوش
يطلقني منك
اختفت نظرة الڠضب ليظهر محلها الذهول .. استمر في التحديق بها بصمت وبشكل لا إرادي لانت قبضته فوق خصرها وكذلك كفها .. لا تضيع الفرصة كلما تسمح لها في طعنه بسهم كلماتها السامة وتذكيره بكرهها له الذي أكدته للتو .. كلما يتقدم خطوة تطيح بهم الظروف لنقطة الصفر من جديد .
إن فسرت غضبه كشك فحتما مخطئة ربما غيرته العمياء وانفعاله الهادر هيأ لها كذلك هو فقط لا يطيق تحمل اجتماع اسمها واسم حاتم بجملة واحدة والذي يثير جنونه ويشعل لهيب نيران صدره .
وصلت هنا أمام باب غرفة والديها بعدما سمعت صوت صړاخ أبيها وخاڤت قليلا فطرقت بكف يدها الصغير فوق الباب تهتف بعبوس 
_ بابي ! 
استغلت جلنار فرصة طرق ابنتهم وسكونه التام بعد كلماتها لتبتعد عنه وتندفع نحو الحمام الملحق بالغرفة .. فيبقى هو مكانه للحظات حتى عاد صوت الطرق يرتفع من جديد مع صوت صغيرته الذي بات مبحوحا .. أخذ نفسا عميقا وتحرك نحو الباب ليفتح لها فيجدها تتطلع له بعينان تملأها الدموع .
ألا يكفي لقلبي دموع والدتك حتى تزيدي إنتي العڈاب بدموعك أيضا ! .
انحنى ليجثي أمامها ثم يحتضن وجهها الصغير بين كفيه ويقترب يطبع قبلة بجانب عينها الصغيرة ويضمها لصدره لاثما شعرها ويهمس پألم 
_ هو بابي هيلاقيها من فين ولا فين ياحبيبتي بس ! .. متعيطيش والله مش بستحمل اشوف دموعك 
دفنت وجهها الصغير بين صدره الواسع هامسة بحزن 
_ مامي بتحبك زي وبتزعل لما تزعق
انتصب في وقفته وهو يحملها معه ويهمس بمرارة 
_ امممم بتحبني أوي .. تعالي يلا ننزل تحت 
_ ومامي 
_ مامي في الحمام .. لما تطلع هتنزل ورانا
على الجانب الآخر بألمانيا تحديدا في مدينة برلين العاصمة .....
داخل إحدى المستشفيات وبغرفة خاصة بأكفأ الأطباء بالمستشفى .. كان جالسا فوق مقعده أمام المكتب يرتدي مئزره الطبي الأبيض ويمسك بيده صورة صغيرة .. قديمة إلا أنه يحتفظ بها جيدا فمن يمسك بها لا يتوقع أبدا أن تلك الصورة مرت عليها كل هذه السنوات ومازالت كما هي .
يتأملها وبأنامله يتحسسها في رقة .. تلك الصورة هي الأنيس الوحيد في وحشته وغربته منذ سنوات طويلة .
طال الغياب وفقد حلو النظر لكنه لم يفقد ابدا لهفة اللقاء المحتوم 
انفتح باب الغرفة فجأة بدون سابق إنذار ليدخل شابا يناضره بالعمر ويهتف بمرح يتحدث اللغة الألمانية 
_ الطبيب هنا وبالخارج الجميع يبحث عنه ! 
تطلع إليه بيأس وهتف وهو يدس الصورة في مئزره 
_ لمرة واحدة فقط أطرق الباب
أولا 
تقدم نحوه ليربت على كتفه بخفة هامسا بضحكة عذبة 
_ وهل هناك خصوصية بيننا ياصديقي ! 
هز رأسه بعدم حيلة وقال 
_ لا فائدة من الجدال معك .. اجلس وقل ما لديك 
اقترب صديقه ليجلس فوق المقعد المقابل لمكتبه ويهتف في جدية هيمنت على صوته وملامحه 
_ سمعت إنك ستعود لمصر خلال أسابيع ! 
تنهد وقال بهدوء 
_ صحيح .. ولا اطيق الانتظار حتى يوم العودة 
_ أنت تمزح ! .. هشام إنت من أكفأ الأطباء بالمستشفى إن لم تكن أوشكت أن تصبح الاشهر على الاطلاق ببرلين .. هل ستترك كل شيء وتعود !! 
ابتسم

واجابه في بساطة 
_ من قال أنني سأترك كل شيء .. سأواصل مهنتي ببلدي .. وربما بيوم أعود لبرلين مرة أخرى من يعلم ! 
أخرج صديقه زفيرا حارا ليجيبه بعد ذلك بنظرات دقيقة ويأس 
_ اهلكك الشوق ولم تتحمل أليس كذلك ! 
لاحت ابتسامة مريرة على شفتي هشام الذي أصدر تنهيدة طويلة تبعها استقامته من مقعده وهو يلتفت حول المكتب ويربت على كتف صديقه بخفة هامسا في مداعبة 
_ هيا ياصديقي لدينا الكثير من الأعمال وليس هناك وقت لنهدره في الحديث
هز رأسه الآخر مغلوبا على أمره فكلما يتخذ مجرى حديثهم ذلك الموضوع يسارع في تغييره أو التهرب منه .. وهو ما يفعله الآن كالعادة ! .
توقف بسيارته أمام أحد الفنادق الضخمة ثم ترجل منها وقاد خطواته للداخل مرتديا نظارته السوداء فوق عينيه .. حتى وصل إلى مكتب الأستقبال وقف أمام الموظفة التي بدورها ابتسمت له ببشاشة وقالت 
_ اتفضل حضرتك 
حاتم بصوت جاد 
_ حابب اعرف رقم الغرفة الموجودة فيها نادين سامي 
اخفضت نظرها لشاشة الحاسوب التي أمامها تبحث بين نزلاء الغرف عن ذلك الاسم حتى عثرت عليها فقالت بإيجاب 
_ آنسة نادين سامي .. تمام لحظة من فضلك بس هبغلها الأول 
حاتم بحزم 
_ ملوش لزوم هي عارفة .. ممكن تقوليلي رقم الأوضة 
مطت شفتيها وقالت بنظرات دقيقة 
_ الغرفة رقم 404 بالدور الخامس 
لصق رقم الغرفة والطابق بذهنه ثم ابتعد وسار باتجاه المصعد الكهربائي ليستقل به ويضغط على زر الطابق الخامس وبعد دقيقتين تقريبا توقف وانفتح الباب فخرج وسار في الردهة طويلة يتفقد أرقام الغرف المدونة فوق الأبواب حتى عثر على غرفتها ..
تم نسخ الرابط