رواية عقوق العشاق للكاتبة هدى زايد من الفصل الثاني و العشرون لـ الأخير
المحتويات
تضع يدها أسفل ذقنها هرع صفوان نحوها و قال
معلش يا ديدا اتأخرنا عليك
ردت بنبرة متحشرجة إثر البكاء و قالت
كل دا يا نانو انا خفت من القعدة لوحدي و صحابي كلهم مشيوا
طبع قبلة خفيفة على ظهر يدها و قال
آسف يا قلب نانو يلا عشان الباص هايطلع
حملها على كتفه و هو يكتم آلامه إثر حمله ل طلال بعد أن أتته النوبة الصرعية سار بخطوات واسعة و سريعة سألته سيدرا بنبرة متعجبة قائلة
رد صفوان كاذبا
قلت لهم يركبوا عشان الباص ما يمشيش و يسبنا
وصل اخيرا للحافلة ډخلها بهدوء نظر لأخيه ثم عاد ببصره و ل باسل قائلا
هو عامل إيه دلوقت
رد باسل و قال
فاق بس نايم شوية
جلست سيدرا جوار اخيها و قالت بقلق
ماله تيتو
ملوش يا ديدا هو بس كان عاوز ينام ابعدي بس عنه عشان يرتاح لحد ما نوصل
لحسن حظ صفوان الذي ظل يتسأل عن كيفية حمله و الصعود به ثلاثة طوابق حمله والده بين ذراعيه رغم اعتراض طلال الذي بدأ أن يستعيد وعيه بشكل كامل لكنه لم يصغى إليه
صعد بهدوء حتى وصل لغرفته مدد جسدها على حافة الفراش ثم سأل صفوان
اخوك ماله
جت له النوبة و احنا في الفسحة
سأله نوح بهدوء قائلا
ليه و هو بياخد علاجه و ماشي كويس مافيش حاجة
رد صفوان بكذب قائلا
مش عارف بس هو شكله تعب عشان ضغط الامتحانات
استشعر نوح الكذب في نبرة صفوان امر ابنائه الثلاثة بمغادرة المكان ثم طلب من ابنه بعقلانية قائلا
عارف إنه سره معاك و إنك صاحبه و عارف كل حاجة عنه و لآخر مرة بسألك إيه اللي زعل اخوك
مش عارف صدقني يا بابا أنا كنت بلعب مع صحابي و لقيت واحد صاحبه بيقولي اخوك وقع في المسرح و بيترعش جامد ف عرفت إن النوبة جت له بعد كدا قلت للدكتورة و هي اتصرفت لما اديتها لها العلاج بتاعه
أومأ نوح بهدوء قائلا
ماشي يا صفوان هعمل نفسي مصدقك بس لو عرفت السبب صدقني مش هرحمك
كانت آخر محاولات نوح هي الټهديد لكن صفوان كان على مبدأه ثابتا غادر نوح تاركا ابنه يعاتب أخيه قائلا
بلع طلال لعابه و قال بهدوء
خلاص يا صفوان مش قادر اتكلم كفاية ارجوك
رد صفوان بوعيد
و الله العظيم ما هاسيبك يا سالي الزفت أنت و لا أنت كمان يا سراج ماشي مبقاش صفوان لو ما ضحكتش عليكم المدرسة كلها
كان على يقين أن ابنه دخل علاقة غرامية و هو بالصف الثالث الأعدادي تأثر بفراق حبيته أم خدعته لا يعرف على وجه الدقة لكن الأمر بات واضحا وضوح الشمس التزم الصمت حتى يعود لابنه كامل صحته ثم يحدثه بعقلانية .
في صباح اليوم التالي
كان طلال جالسا في غرفته يستذكر دروسه يشعر بتعب بسيط لكنه لا يريد أن يذهب إلى المدرسة خوفا من المواجهة الوضع بالنسبة له بات مقززا طرق نوح باب غرفته قبل أن يلج أمر طلال بالدخول ابتسم والده و قال
بطلنا الهمام بيعمل إيه دلوقتي
بادله طلال ذات الإبتسامة و قال
بذاكر يا بابا
جلس نوح على حافة الفراش و قال بجدية
هو أنا مش معارض إنك تذاكر بس اللي معارض في هو إنك تهرب و تعمل زي اللي عامل عاملة !!
مكسوف يا بابا
من إيه !
من اللي حصل امبارح حضرتك متعرفش شكلي كان عامل ازاي و لا....
رد والده مقاطعا بنبرة مغتاظة حاول أن لا يظهرها حتى لا يزعج ابنه
مكسوف من إيه معلش ! هو أنت عاوز تفهمني إن اللي عمل فيك كدا ناس سوية و أنت يا عيني المړيض !
وضع نوح قدح القهوة على سطح الكومود و قال بجدية
هو انا المفروض اخدك في حضني و اطبطب عليك و اقول يا ابني يا حبيبي المړيض اللي الناس اتريقت و ضحكت عليه و لا انقلك من المدرسة خالص عشان مترجعش تشوف وشوش الناس دي تاني
ختم حديثه قائلا بحدة
و تسترجل كدا و تقف على حيلك و تنتبه لدروسك و ما تبصش وراك و تعرف اللي ضحك عليك دا إن هو اللي مريض و إن هو اللي عنده نقص و بيحاول يوصل لغيره إن زيه
وقف عن حافة الفراش و تكلم بنبرة أهدأ من ذي قبل قائلا
من بكرا ترجع مدرستك و تشوف حياتك طبيعي لأن ما فيش حاجة فيك أصلا تقول غير كدا أوت ربنا مديك نعم لو قعدت تعد فيها من هنا للصبح مش هنعرف نخلصهم أنا مش هاقل لك إنك كامل لأن الكامل لله وحده بس هاقل لك إن واخد كل حاجة ربما كتبها لك و لو حاسس إنك أقل من غيرك يبقى العيب فيك مش حد تاني القناعة كنز لا يفنى و لو فضلت تبص للناقصك عمرك ما ها تتقدم خطوة واحدة في حياتك .
كان نوح يدعم ولده بطريقته الخاصة رغم الحزن الذي يعتري قلبه لكنه يحاول التظاهر بالعكس شعوره ابنه بأن هناك شيئا كبير ينقصه يؤلمه رغم كل هذا الدعم الذي يتلقاه طلال إلا إنه يحاول التأقلم مع حياته.
بعد مرور عدة سنوات
تغير فيها الكثير و الكثير تخرج طلال من جامعته و بدأ العمل ك معلم في إحدى المدارس الحكومية
أما آسر و آدم عملا في هندسة الديكور كونهم توأمان و احلامهم مشتركة ك ملامحهم أما سيدرا تخرجت من كلية الفنون الجميلة كم تمنت في صغرها حاولت أن تعمل أي شئ يشغلها وقت فراغها لكنها دائما تقابل هذا بالرفض التام من الجميع و أخيرا صفوان تخرج من كلية التجارة قسم إدارة الأعمال ثم عمل بالفندق المشترك بينه وبين أخيه آسر .
العمر يمضي و لا احد كيف مضى لكنه مضى منه الكثير الكثير جدا لدرجة أن تلك المدللة الشقية الصغيرة أمس أصبحت عروس اليوم تبقى أقل من شهر تقريبا و تذهب سيدرا لبيت حبيبها زميلها في الجامعة طيلة الأربعة أعوام اما الجدة ولاء
فهي كما هي لم يتغير فيها شيئا سوى تقدم العمر
يشاكسها الأحفاد و احفاد الأحفاد مازالت تجمع العائلة و مازالت توصي عابد بإحتواء العائلة و عدم تفرقتهم حتى لا ينفرط حبات العقد .
اليوم يوم الخميس اجتمعت العائلة في شقة الجدة لقضاء اليوم معها بدأ صفوان مشاكستها غامزا الجالسين بطرف عينه قائلا بجدية مصطنعة
متزعلش نفسك يا طلال احنا نقسم البلد نصين
ازاي يعني
أنا اقل لك أنت تاخد الشقة اللي بتدي فيها دورس و مبتفصلش و ماشي زي الساعة كدا انا ما بنقش و لا
متابعة القراءة